هل يمكن دمج «حزب الله» مع الجيش اللبناني؟

فكرة دمج حزب الله والجيش اللبناني عادت الى الواجهة مع حديث الرئيس ميشال عون امس الى الصحافة الفرنسية

أعادت صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية النقاش حول فكرة “دمج الجناح العسكري لـ “حزب الله” مع الجيش اللبناني”، وذلك في المقابلة التي أجرتها مع رئيس الجمهورية ميشال عون الإثنين الفائت، وفيما رأى عون أن “ذلك الأمر قد يشكّل مخرجا لمعضلة سلاح “حزب الله”، لكن في الوقت الراهن فإن البعض يدين تدخله في الحرب ضد تنظيمي داعش والنصرة في سوريا غير ان الوقائع هنا هي ان الارهابيين كانوا يهاجمون اراضينا، وحزب الله كان يدافع عنها والحزب لا يلعب اي دور عسكري في الداخل اللبناني ولا يقوم بأي عمل على الحدود مع اسرائيل. لقد بات وضع الحزب مرتبطا بمسألة الشرق الاوسط وبحلّ النزاع في سوريا.”

اقرأ أيضاً: استراتيجية دفاعية أم نزع سلاح حزب الله؟.. ما هو الجواب الدولي؟

جواب الرئيس عون إستدعى ردّا مضادا من قبل مستشار الرئيس الاميركي لشؤون الامن القومي جون بولتون إعتبر فيه أن “خطاب رئيس الجمهورية اللبناني عن دمج “حزب الله” للجيش اللبناني هو امر وهمي وغير صحيح وغير قابل للتنفيذ، وان على الرئيس عون ان لا يطرح هكذا امور تعرف الولايات المتحدة انها غير قابلة للتنفيذ”، مشدد على أن “أكبر خطر هو دخول حزب الله في الجيش اللبناني الذي تحرص الولايات المتحدة على بقائه بعيدا عن السياسة فكيف اذا دخل فيه اكثر من 50 الف مقاتل من الحزب الى الجيش، فعندها ستتوقف الولايات المتحدة عن تسليح لبنان وتدريب جنوده في معاهدها العسكرية في الولايات المتحدة”.

ومع العلم أن الرئيس عون لم يتطرق في موقفه إلى إمكانية موافقة الإرادة الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة، إلا أن فكرة الدمج هذه ليست بجديدة إذ إقترحت الأمم المتحدة عام 2006 على لبنان عبر تيري رود لارسن مبعوث الأمين العام آنذاك كوفي عنان دمج “حزب الله” بالجيش على غرار ما حصل مع ميليشيات لبنانية أخرى فككت في1991 بعد الطائف مع احلال السلام الاهليـ وحينها قوبلت بالرفض من قبل رئيس الجمهورية الأسبق إميل لحود بإعتبار ان هذا الاقتراح يرمي إلى خفض قدرات لبنان الدفاعية في مواجهة إسرائيل.

العميد الركن الدكتور هشام جابر، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات، أكّد في حديث خاص لـ “جنوبية” أنه ” من المبكر الحديث عن هذا الأمر قبل رسم إستراتيجية دفاعية للجيش اللبناني واضحة المعالم يكون الجيش النواة الأساسي فيها ويكون عندها قادر على ردع العدو الدائم وهو إسرائيل ومن ثم الإرهاب، مشيرا إلى أنه “بعد وضع الإستراتيجية الدفاعية يتم البحث بوضع القوات العسكرية الشبه النظامية وهو نموذج يعتمد في كلّ دول العالم بتحويلها إلى قوات إحتياطية عندما تدعو الحاجة، أي أن أي قوى ترغب بالدفاع عن وطنها بسلاحها فتستعد خلال 48 ساعة للقتال إلى جانب الجيش عندما يدق النفير تماما كالنموزج السويسري”، مشيرا إلى أن “الوضع في لبنان مختلفا لأن مهمات الجيش مختلفة عن مهمات “حزب الله” وتكتيكهما في القتال مختلف، وبالتالي لا يمكن دمجمهما إنما ثمة مجلس أعلى للدفاع الوطني يقوم بالتسيق بينهما في حال وقوع الحرب”.

العميد الدكتور هشام جابر

وقال جابر “عند بناء جيش قوي لديه سلاح دفاع جوي يستطيع التصدي للعدوان الإسرائيل، عندئد يتم البحث مع “حزب الله” بدوره ضمن الإستراتيجية عبر وضع سلاحه على سبيل المثال في مخازن سرية تحت إشراف لجنة مشتركة من الجيش والحزب على أن يعمل على تسريح عناصره”، لافتا إلى “منذ 12 عاما لم يكتب سطرا واحدا من الإستراتيجية ولا يمكن بحث سلاح “حزب الله” قبل إنجاز هذه الإستراتيجية وهو مضيعة وقت، خصوصا أن الطرفين لا يوافقان على ذلك”.

كما أشار جابر أن ” ما حدث بعد الطائف بدمج الميليشيات بالجيش مختلف ولا يمكن حصوله اليوم، فـ “حزب الله” إستثني آنذاك لأنه إستمر كمقاومة لتحرير الجنوب ومن ثم إنتقل إلى دور الدفاع عن الجنوب”.

وفي الختام، أكّد جابر لموقعنا “بقاء سلاح “حزب الله “ سيبقى حتى إنتفاء الحاجة لردع إسرائيل، خصوصا أن الجيش اللبناني غير قادر على ذلك لأن إسرائيل الأقوى عسكريا من ناحية الأسلحة المتطورة والسلاح الجوّي، مشددا على انه “جيشنا عظيم، ولبنان لن ينهار بوجود مؤسسة عسكرية على رأسها قائد جيش نزيه ومقدام”.

إلى ذلك أكّد الجنرال المتقاعد نزار عبد القادر “ان سؤال “لو فيغارو، نظريا، هو بعيدا عن الواقع لأن “حزب الله” بالدرجة الأولى لا يفكر بنزع سلاحه وحلّ نفسه ليفكر بالمقاتلين لديه وأي جهة يمكن ضمّهم إليها، ومن هنا كان من المفترض على رئيس الجمهورية أن يمتنع عن الرد كون السؤال نظري بدلا من أن يجاوب ويستوجب كلامه رد من قبل المستشار الأمن القومي لترامب”.

وأشار عبد القادر “صحيح أن الموجودين في صفوف “حزب الله” هم لبنانيون وأعزاء على الوطن، ولكن المشكلة الأساسية أن الحزب ربى الميليشات التابعة له تربية إيدولوجية إلى جانب التدريب العسكري، وبالتالي هذه التربية الايدولوجية سيكون من الصعب جدا إدخالها إلى الجيش وتحضير هؤلاء المقاتلين الجدد للتخلص منها والدخول ضمن الإنضباط العسكري وفكرة السيادة اللبنانية”.

اقرأ أيضاً: سلاح حزب الله باقٍ في دولتنا الضعيفة «ورقة التفاهم» في مهب الدولة العارية

وختم عبد القادر بالتأكيد على انه “لا شكّ أن الولايات المتحدة ساعدت الجيش في السنوات العشرة الأخيرة بما يزيد عن مليار و600 مليون دولار وهي حريصة على إستمرار هذه المساعدة وتدريب أكبر عدد من الضباط والتقنيين اللبنانيين لخدمة هذا الجيش وهذه الأسلحة، وهذا البرنامج مستمر لأن الإدارة الاميركية تعتقد أن المقاومة الوحيدة لخضوع لبنان كليا تحت الهيمنة الإيرانية وسيطرة “حزب الله” على الوضع الأمني في لبنان هي من خلال منعة هذا الجيش وقوته وإبقائه تحت حالة تدريبية ومعنوية وتجهيزية جيدة “.

السابق
«إسرائيل» تحذّر المسافرين عبر مطار بيروت
التالي
عرض روسي يثير تساؤلات: فهل تضحي طهران بـ«حزب الله»؟!