بُكاء الأمين على أقرانه الفاسدين.. ماذا يجري في العراق؟

(بينما كان عملاء أميركا والسعوديّة يُحرقون مقرّات الحشد الشعبي وفصائل المُقاومة في البصرة، كانت مجموعة من الأبطال توجّه صواريخ واضحة باتجاه مقر السفارة الأميركيّة في المنطقة الخضراء)

هذا ما جاء في مقال الكاتب اللبناني إبراهيم الأمين ـ الموالي لحزب الله ـ الذي حمل العنوان أعلاه، وقد نشره كل من موقع (جريدة الأخبار) اللبنانيّة و(وكالة أوقات الشام الأخباريّة) السوري..!!

إقرأ ايضا: مجتبى خامنئي في بغداد.. والصدر يقبل بالتحالف مع «الفتح» الموالي لإيران

وقد حمل المقال كمّاً هائلاً من الاتهامات الفارغة التي لا أساس لها سوى الزيف والكذب والتزوير، موجهاً كلامه للتحالف الذي جمع سائرون والنصر والحكمة والوطنيّة، باعتبارهم عملاء لأمريكا والسعوديّة..!!

كل ذلك لأن رئيس الوزراء حيدر العبادي قال علناً ـ وبكل جرأة ـ أنه لن يضحي بمصالح الشعب العراقي من أجل التضامن مع إيران. فالبعض لا يُصدقون أن في العراق رجالٌ وطنيون يعملون وفق مقتضيات المصلحة الوطنية، وهم يرون بكل من يخرج من تحت عباءة الولي الفقيه عميل لأمريكا أو السعوديّة.

أما العمالة لإيران فهي أمرٌ مستحبٌّ ـ بل واجب ديني ـ لأنها تتجلبب بجلباب القداسة المذهبيّة..!!

ولنعود للكاتب، فهو يقول في أحد فقرات مقاله: (الذين احتفلوا بالاحتلال الاميركي للعراق في عام 2003، وظنوا أن استعادة الحقوق يمكن أن يحصل عبر عصا الغاصب، هم الذين يتحملون المسؤولية الرئيسية عما آلت اليه الأمور هناك) ولا أدري هل أضحك ـ من هذا الخرف الصلف ـ أم أبكي، فالذين احتفلوا بالاحتلال الأميركي للعراق، هم سادتك في طهران وهم لا يخفون ذلك.

فبحسب وكالة مهر الإيرانية صرّح رئيس منظمة الطاقة الذرّية الإيرانيّة (محمد علي صالحي) في 17/ 9/ 2016 ـ من لندن ـ قائلاً: (إن غزو الولايات المتحدة لأفغانستان والعراق كان له تأثير إيجابي لتحقيق الصفقة الغربية مع إيران حول ملفها النووي، وإن الحرب أسهمت بذلك، وإن هذا الغزو كان في صالح طهران).

فهذا الكلام دال بوضوح على أن إيران سهّلت لأميركا ـ وهي دولة كافرة بحسب موازينكم أنتم ـ احتلال بلدين مسلمين أحدهما العراق الشيعي ـ بحسب منطقكم الطائفي ـ مقابل التساهل معها في الملف النووي، فما هو الملاك الشرعي الذي سمح للولي الفقيه بأن يتفق مع الكافر على احتلال دول مسلمة وقتل شعوبها بتلك الطرق الوحشية التي شهدناها، ألا تعلم يا إبراهيم أن هذا وحده كاف لإسقاط ولاية وليّك شرعاً..؟!

وقبل ذلك ومِن إمارة أبو ظبي 2004 وعلى هامش ندوةٍ لمنظمة المؤتمر الإسلامي، قال نائب الرئيس خاتمي للشؤون الخارجية (محمد علي أبطحي): نحن ساعدنا أميركا على احتلال العراق وأفغانستان، ولولانا ما سقطت كابول وبغداد…!!

أما على الأرض فنحن نُخبرك إن كنت لا تعلم بعدد الشهداء الذين سقطوا بقناصات عملاء إيران في انتفاضة النجف 2004، فتعال يا إبراهيم إلى النجف لأريك قبور الضحايا فهي لا تزال شواهد على فضيحة تعاون سيدك الإيراني ـ وذيوله ـ مع الاحتلال..!!

ولا زال هناك العشرات من المُعتقلين ممن قاوموا القوّات الأمريكيّة يقبعون في سجن العدالة الأولى ـ بغداد ـ بتُهمة محاربة القوات الصديقة كما كان يُسميها ذيول إيران..!!

وصدق الشاعر حيث يقول:
وَعَينُ الرِضا عَن كُلِّ عَيبٍ كَليلَةٌ    وَلَكِنَّ عَينَ السُخطِ تُبدي المَساوِيا

ولا أدري هل أن إبراهم الأمين غبي أو هو يتغابى حينما كتب: (وكل كلام عن تدخل من هذا أو ذاك، ليس سوى تغطية على عجز هذه الطبقة السياسية العفنة. تغطية لحفنة سرقت خيرات العراق في ظل الحراب الاميركية)

فهو يُريد أن يستر على سوءة سيده الإيراني ويُبعد احتمالية تدخله الذي أدى إلى سوء الأوضاع في العراق عموماً والبصرة خصوصاً، ليُلقي باللائمة على حفنة من الساسة الفاسدين الذين سرقوا خيرات العراق في ظل الحراب الأمريكية، وكأنه لا يعلم أن تريليون دولار من أموال العراق بُددت على جيش فضائي وآلاف المشاريع الوهميّة في زمن المالكي الذي اعتبره الولي الفقيه أحد قادة محور المقاومة، ووصف فترة حكمه بأنها من أفضل الفترات التي مرّت على العراق..!!

فالسرقات التي حدثت في العراق لم تكن تحت الحراب الأميركيّة وحسب، وإنما بمُباركة إيرانيّة ولائيّة يا إبراهيم.

ولم يوفّر الكاتب جهة إلا وقاء عليها من زعاف قلمه الموبوء بالأكاذيب والتفاهات، حتى المرجعية في النجف، فقد كتب يقول: (أو تلك الخارجة من مؤسسات دينية متخلفة لا تقل فظاعة عن “داعش” تلك المؤسسات التي صارت بريطانيا مسؤولة عن مناهج الفقه والاصول فيها، وصارت بريطانيا منصة لإطلاق خرافاتها وأساطيرها باسم الحق المسلوب).

والظاهر أن إبراهيم الأمين وأسياده مُنزعجون جدّاً من شعار (المُجرّب لا يُجرّب) الذي أفقد أقوى حلفاء إيران ـ المالكي ـ منصب رئاسة الوزراء، وجعل النجوم أقرب إليهم من وصول عملائهم إلى هذا المنصب.

ولا ينتهي عجبي وأنا أقرأ قوله: (وفي البصرة، الزراعة والثروة السمكية، لكن فيها، لمن لا يعرف، النسبة الاعلى من شهداء العراق الذين قاوموا «داعش» خلال السنوات الماضية. ومع ذلك، فإن الفقر والقهر والعدم، تسكن هذه المحافظة الحاضنة لأكثر من ثلاثة ملايين عراقي. فمياه نهرها صارت مالحة، والارض فيها سوداء لا زرع يخرج منها).

فكأنه لا يعلم أن ماء البصرة أصبح مالحاً إلى درجة لا تُطاق بعد أن قطعت إيران “الإسلامية” نهر الكارون وحولت مجراه إلى داخل أراضيها، ومدّت بدلا عنه ـ إلى شط العرب ـ لساناً ملحياً وهو ما قتل بساتين البصرة التي يذرف عليها الأمين دموع التماسيح.

فأقول لإبراهيم الأمين الذي اتهم الناس باطلاً بالعمالة لأميركا والسعودية: ها نحن بيّنا لك من وقف إلى جانب أمريكا ودعم احتلالها، ومن الذين وقف بوجه احتلالها وقدّم الأضاحي تلو الأضاحي من أجل أن يُحرر العراق، وهم أكيداً ليسوا من ذيول سيدك الإيراني.

ختاماً، أقول: شكرا لاعترافك بأن من وجهوا الصواريخ للخضراء مستهدفين سفارة أميركا هم عملاء إيران، ولست منزعجاً من وصفك لهم بـ”الأبطال” فهم أبطال العمالة، لأنهم لم يطلقوا تلك الصواريخ لدوافع وطنيّة كما كُنا نفعل أيّام الاحتلال، وإنما تنفيذاً لأوامر السيد الإيراني، وبعيداً عن مصالح العراق.

فإيران أرادت من وراء هذه الخطوة أن تقول لأميركا أن عملائنا في العراق سيحرقون سفاراتكم ويُهاجمون مصالحكم إن فعلتم شيء يضر بمصالحنا، وهم بذلك جعلوا من العراق أرضاً للحرب بالنيابة ليتم تدمير ما تبقى من بناه التحتيّة.

ولو كان هؤلاء وطنيّون حقاً لوضعوا في حساباتهم أنهم لو أصابوا السفارة الأميركيّة وأوقعوا قتلى من الأميركيين فسترسل أمبركا المزيد من جنودها، وربما يُعيد المخبول ترامب احتلال العراق..!!

السابق
نجاحُ العهدِ ليس مِنَ المُستحيلات
التالي
إصلاح وتغيير.. خلل السنتين