«أمم» تنظّم ندوة حول اللاجئين في لبنان: بين الإقامة الدائمة أو الترحيل

ما هي الخلاصات التي خرجت بها ندوة جمعية "أمم للتوثيق" حول اللجوئين السوري والفلسطيني الى لبنان؟ وكيف يمكن السير بحلول تريح اللاجئ من جهة، والمواطن اللبناني من جهة ثانية؟

على عادتها تتابع جمعية “أمم للتوثيق” مشوارها في البحث حول قضايا اللجوء في لبنان، فعقدت حلقة نقاشيّة موزعة على جلستين، حول عودة هؤلاء اللاجئين، وهذه العودة معنيّ بها اللاجئين السوريين، نظرا لاستحالة عودة اللاجئين الفلسطينيين في المديين المنظور والقريب، وذلك في فندق ريفييرا ببيروت.

إقرأ ايضا: حول اللجوئين الفلسطيني والسّوري: لبنان 2017 – 2018 (لاجئون أقلّ لجوءٌ أكثر)…

وكانت مساهمات بأوراق بحثيّة لكل من الصحفي جاد يتيم، والباحث القانوني جورج غالي، والناشط السياسي شارل سابا في الجلسة الأولى، تلاهم الناشط السوري أحمد القصير والناشط الفلسطيني سامر منّاع حيث قدّم كل منهما تجربته حول ملف اللجوء، اضافة الى إدارة الجلسة للزميل وفيق الهواري.

فمنذ العام2011 لم يعد اللجوء متعلقا بالفلسطينيين وحدهم على صعيد دول الجوار، بل امتد الى الجيران السوريين.. فما هي مشكلاتنا معهم كلبنانيين سواء على الصعيد الشعبي او الرسمي، حيث “كثر الحديث مؤخرا عن اللاجئين السوريين، وكالعادة اختلف اللبنانيون حول عودتهم إلى بلادهم وشروط العودة. وعاد الحديث عن توطين اللاجئين الفلسطينيين أيضا، واختلف اللبنانيون حول ذلك أيضا”. بهذه المقدمة دعت مؤسسة “أمم للابحاث وللتوثيق” الى حلقة نقاش حول اللجوء. وهي المؤسسة البحثيّة التي تعمل على هذا الموضوع منذ فترات طويلة.

فبحضور عدد كبير من المهتمين والناشطين من مختلف التوجهات، افتتحت الجلسة الأولى التي أكد فيها الصحفي جاد يتيم، ان “العودة فزاعة عريقة، وهي عكس الإقامة المديدة، وهو وضع قائم يجب التعاون معه، وقد برز مؤخرا موضوع اللجوء بشكل اساسي في الحياة اليومية اللبنانية، علما انه ثمة أوجه إختلاف بين اللجوء السوري واللجوء الفلسطيني، وهل هناك سياسة رسمية تجاه اللجوئين، ام ان ما يجري هنا في لبنان هو انعكاس للاختلافات الخارجيّة؟”.

من الوجهة القانونية، تناول القانوني جورج غالي تعريف اللاجئ، فقال: “اللاجئ هو كل شخص يوجد له ما يبرر وجود الخوف، وحق العودة يحصل في حالتين عند حصول انقطاع تطبيق التعريف، وفي حالة “العودة الطوعية”. لكن ما تفعله السلطات اللبنانية هو “دفش” النازحين الى العودة. وهذه العودة لا تحدد اماكن الإقامة، لذا يجب مناهضة العودة الطوعية عبر الأحزاب في ظل غياب السياسة الواضحة من قبل الحكومة السورية خاصة فيما يتعلق بالولادات والوفيات”.

اما شارل سابا، مستشار رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل، الذي ميّز بين لاجئ ونازح، اعتبر ان اللاجئ هو الفلسطيني، اما النازح فهو السوري. ولفت الى ان القانون رقم 10 الذي يجرّد السوري من املاكه، يشبه القانون الاسرائيلي الذي يحرم الفلسطيني الغائب من أرضه، اضافة الى قانون “التعفيش”، اضافة الى كذبة المصالحة”.

كما فصّل سابا اللاجئين، وميّز بين العامل السوري وعائلته ما قبل 2011 واللاجىء ما بعد العام 2011، اضافة الى المطلوبين من النظام او الذين هربوا  كونهم مطلوبين للخدمة الإجبارية، وبين من نزح لأجل الاستفادة المادية من أموال الأمم المتحدة”.

ودار نقاش حاد بين الباحثين والحضورعلى خلفيّة سعيّ رئيس التيار الوطني الحرّ الوزير جبران باسيل وحلفائه في بيروت، الى مصالحة النظام السوري دون انتظار أفق الحل السياسي، مع نقل البعض لوجوه معاناة اللاجئ السوري ومن قبله اللاجئ الفلسطيني.

واقتصرت الجلسة الثانية، التي تحدّث فيها الباحث جاد يتيم، على عرض شهادتين لكل من الناشط السوري أحمد القصير، والناشط الفلسطيني سامر مناع، بادارة الزميل وفيق الهواري.

قال يتيم، ان “ثمة اسئلة تطرح حول المخاوف اللبنانية حول العودة والبقاء الطويل. وهل ثمة مخاوف من الخلل الديموغرافي نظرا لضخامة العدد بالنسبة لمساحة لبنان، أم انها مشكلة السلاح الفلسطيني التي تعود بالذاكرة ال التاريخ القريب، فاليوم الغطاء شيعي سوري، وكان سابقا غطاء السلاح الفلسطيني يساري سني. حيث شكّل لبنان نقطة عبور للاجئين”.

وأشار يتيم الى “ان الإستقرارالأمنيّ اليوم هو بقرار أمميّ، فما الذي سيحصل مستقبلا في حال رُفع الغطاء عن هذا الاستقرار في لبنان، في ظل خطاب الكراهية، مما سيبيح تصرفات البلديات اكثر مع النازحين أكثر، اضافة الى تصعيد الأونروا فيما يخصّ اللجوء الفلسطيني.  و لاننسى انه قبل اللجوء السوري الى لبنان عانينا من ويلات النظام السوري من خلال المختفين قصرا والمخطوفين اللبنانيين”. وختم يتيم باعترافه بالأعباء الكبيرة للجوء على لبنان”.

في حين اعتبر الناشط الفلسطيني، سامر منّاع، ان “ما يجمعنا مع اللاجئ السوري، هو المعاناة والعنصرية، وجلّ ما يطلبه اللاجئ هو الامان، خاصة ان اللاجئ الفلسطيني محروم من حقوقه سواء قبل الحرب في سوريا ام بعدها”. وطالب منّاع  بحلّ”ان يكون التعامل على أسس إنسانية واعتبار السلاح مسألة مؤقتة. فلا تزال النظرة الامنية والحواجز هي الأصل في تعامل القوى الأمنية اللبنانية مع الفلسطينيين. مع العلم ان القضية الفلسطينية مربوطة بملف اقليمي وهو موضوع التوطين”.

وبرأيه “زدادت معاناة الفلسطينيين هذا العام بعد رفع الأونروا للتغطية التربوية، فحوالي37 ألف طالب فلسطيني في لبنان، و300 ألف طالب فلسطيني على مستوى دول اللجوء ككل. في ظل غياب الحوار اللبناني- الفلسطيني لتوحيد النظرة وازالة الشوائب”.

وختم الناشط السوري احمد القصير المشاهدات بمطالعة تتناول مشاهداته حول تعامل القوى الأمنية اللبنانية مع السوريين، اضافة الى كيفية تعامل النظام السوري مع العائدين، والعودة المفروضة، اضافة الى التجنيد الإجباري”.

احتدم النقاش في ختام الحلقة، بعد سلسلة نقاشات، لفتت الى ان اللبناني هو من يدفع الثمن في ظل الفساد في المؤسسات الرسمية اللبنانية خاصة ان المساعدات الاممية وصلت الى جيوب المسؤولين ولم تخرج منها، اضافة الى الغلاء والفقر والبطالة.. كما ذكّر المشاركون بايجابيات اللجوء السوري لجهة اليد العاملة الرخيصة والعمالة السورية في القطاع الزراعي، ودخول آلاف الدولارات الى السوق اللبناني وغيره..

لم تخرج هذه الندوة النقاشيّة، التي تقع ضمن سلسلة ندوات، بتوصيات ولا بخلاصات، وجلّ ما حصل هو نوع من عصف أفكار لمجموعة من المهتمين والناشطين، فيما يخصّ قضايا اللجوء في لبنان.

في هذا الإطار، يقول الزميل وفيق الهواري، لـ”جنوبية” ان “اساسا لا امكانية للمساواة بين اللاجئ السوري واللاجئ الفلسطيني، فسبب اقتلاع السوري مختلفة عن سبب اقتلاع الفلسطيني. ففي حالة اللاجىء الفلسطيني انتفت الظروف الموضوعيّة لوجود الدولة، فقد بُنيت دولة جديدة على أرضه، في ظل الهجوم الكبير مما يجعل من الصعوبة بمكان العودة الى ارضه في ظل الهجوم الكبير لواشنطن لإلغاء النصوص القانونية الدولية والغاء القرار 194 من خلال افراغه من مضمونه ووضع الصعوبات القانونية. اما اللاجئ السوري فيوجد نظام استبدادي، كأي نظام استبدادي آخر، يريد تعليق جزء من شعبه والتخلص منهم، ولا يمكن عودتهم الا من خلال القرارات الدولية”.

وردا على سؤال، يلفت الهوّاري الى ان “ما تحاول الندوة طرحه هي انه اذا كان هناك صعوبة في عودة اللاجئين الفلسطينيين فعليّا وقانونيّا، وعمليّا، فالوضع السوري أقل صعوبة رغم ان النظام السوري الاستبدادي يختار عودة البعض الى بعض المناطق بمساعدة حلفائه الايرانيين وحزب الله والروس، لكنه يبقي على مجموعات يمنع عودتها مما يعني اهمية البحث بمنحهم إقامة دائمة او إقامة طويلة الأمد”.

مع العلم ان “عدد هؤلاء يبلغ حوالي مليون شخص، فكيف تُنظم الحياة المشتركة بيننا وبينهم في المدى المنظور في ظل سياسة لبنانية متخبطة ونظام سوري استبدادي؟”.

إقرأ ايضا: تأثير اللجوء السوري على الاقتصاد اللبناني: نشاطٌ في القطاعات السياحية والتعليمية

ويختم وفيق الهواريّ بالقول، انه “في المجال الفلسطيني الوضع أسوأ وضع السوري خاصة ان النظرة نحو الفلسطيني لا تزال مستمرة منذ السبعينيات. وهناك محاولات لترحيلهم الى الخارج من خلال دفع المخيمات لتكون ملتهبة باستمرار، وبكل الاحوال هناك عبء يقع على لبنان”.

السابق
جريمة في ديركيفا: قتلها وقتل نفسه.. والأسباب مجهولة
التالي
مواقع التواصل تتهم «أمين عام المجلس الشيعي» بقبض رواتب بـ25 مليون ليرة!