حقوق المسيحيين… أم حقوق التيار

التيار الوطني الحر
في كل مرة نقول أننا في لبنان قد وصلنا إلى الدرك الأسفل على مستوى الخطاب والممارسة السياسية، نعود ونكتشف وتفاجئنا الطبقة السياسية بما هو أسفل وأكثر.

مناسبة هذا الحديث ما جرى الأسبوع الماضي من “تطهير إداري” على الهوية تمثل في ما أقدم عليه بعض وزراء التيار الوطني الحر ردا على إجراء إداري آخر إتخذه وزير التربية ” الوطنية ” مروان حمادة بحق إحدى الموظفات المحسوبة على التيار الوطني الحر والتي كانت قد “منحت” وظيفة أخرى في أثناء تولي الوزير السابق إلياس بو صعب مهام وزارة التربية.

ونحن هنا لن نناقش أحقية هذه الموظفة بالوظيفتين ومدى قانونية هذا الأمر، ولن ندافع عن مروان حمادة كوزير له صلاحياته في إدارة وزارته التي يتحمل وحده المسؤولية عما يجري بداخلها سلبا كان أم إيجابا سيما وأن تدبيره لم يمس بالتوازن الطائفي حيث أن الموظفة المعينة هي أيضا مسيحية، بل سنذهب أكثر من ذلك ونفترض أن حمادة أخطأ في تدبيره فهل يكون الرد بهذا الشكل الميليشياوي والبلطجي والكيدي؟ أليس هناك وسائل أفضل للإعتراض وآليات يلجأ إليها الموظف متى وجد نفسه مغبونا؟ كل هذا يحدث وحدث الكثير قبله بإسم إستعادة حقوق المسيحيين. وأول ما يتبادر إلى الذهن جراء هذه الممارسات والشعارات هو سؤال عن أية حقوق يتحدث التيار وعن أي مسيحيين…
فالمسيحيون في لبنان كأقرانهم المسلمين باتوا طبقتين طبقة الزعماء وأنصاف الآلهة…وطبقة العامة.
فإذا كان التيار يقصد بالمسيحيين طبقة العامة فإنه بذلك يفترض بأن الجناح الآخر في البلد وهم عامة المسلمين قد إفتأتوا على حقوق إخوانهم المسيحيين وصادروها. ولكن الواقع المعاش لا يوحي بذلك إذ أن طبقة العامة من اللبنانيين لديها نفس المعاناة وتعيش ذات المشاكل من صحة وتعليم وبطالة وعدم إستقرار سياسي وإجتماعي وهجرة إلى أربع جهات العالم. وهذا ما يشي بأن معركة التيار ليست دفاعا عن عامة المسيحيين وإلا لكان حريا به أن يتحدث عن حقوق هذه الطبقة بشكل عام ويطلقها معركة وطنية لا طائفية وربما كان إكتسب شعبية وبعدا وطنيا لبنانيا.

إقرأ أيضاً: حرب الصلاحيات مستمرة بين التيارين

المعركة إذن هي معركة سلطة ومراكز يستعمل فيه التهييج الطائفي وحقوق المسيحيين وسيلة للوصول إلى الهدف ألا وهو حقوق التيار من الوظائف المخصصة للمسيحيين في البلد محاولا الإستئثار بها دون غيره من باقي الفئات السياسية المسيحية وعلى طريقته في الإستئثار بالمراكز السياسية المسيحية أيضا وما عرقلة تأخير الحكومة وغيرها من الحكومات في السابق إلا دليلا ساطعا على هذا النهج، وإلا فليشرح لنا مناصرو التيار ماذا سيستفيد المواطن المسيحي أو المسلم العادي من هذه المراكز الإدارية منها وحتى السياسية. فقد كان لفترة من الفترات الوزير محمد فنيش مثلا وزيرا للطاقة فهل إستفاد المواطن الشيعي من الكهرباء أكثر من أخيه الماروني.. والعكس أيضا يقال ويصلح عن فترة تولي وزراء التيار وزارة الطاقة فماذا جنى المواطن المسيحي العادي وما يقال عن وزارة الطاقة يصح ايضا على وزارة الخارجية فماذا جنى المهاجرون ونحن منهم مسلمين ومسيحيين من وزارة الخارجية سواء في عهد باسيل او عهد منصور وصلوخ وغيرهم. وما يقال عن الشيعة والموارنة يصح أيضا على كل المذاهب.

إقرأ أيضاً: المواجهة بين «الاشتراكي» و«التيار» تنذر بمضاعفات خطرة

إذن فالموضوع أبعد ما يكون عن مصلحة المسيحيين أو المسلمين بل هو صراع مصالح ومراكز يلبس لبوس الطائفية والمذهبية في وقت أشد ما نكون فيه بحاجة للوحدة الوطنية لمواجهة المخاطر المحيطة ببلدنا جراء العواصف التي تعصف بالمنطقة والتي تهدد بإقتلاع دول وتقسيم أخرى…

وليس لنا في هذا المجال إلا الإحتكام إلى العقل والتروي فالوقت ليس وقتا للمزايدات الرخيصة وتسجيل النقاط وإستغلال الظروف والأحداث لتسجيل بعض الإنجازات الشخصية والعائلية والتي لن يكون لها اي قيمة إذا ما تعرض البلد والمؤسسات الى الدمار..

فالوطن يجب أن يكون أولا…ولا شيء غير الوطن يستحق منا الشرف والتضحية والوفاء.

السابق
عون يعزّي روحاني: جريمة إرهابية
التالي
مبادرة جنبلاط: تنازل محسوب لكسر الجمود السياسي