مقتدى الصدر يحتوي المعارضة العراقية ويسلمها لإيران

نجحت ايران في شق الصف الشيعي في العراق، وحرصت على ابعاد رئيس الوزراء حيدر العبادي من العملية السياسية والصاق تهم التقصير به، لما يشكّله الاخير من حالة وطنية يمكن ان تشكل خطرا على مصالحها، ما هو الدور الذي قام به زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في هذا الاطار؟

في وقت تدخل فيه اطراف المحاور في المنطقة مرحلة المساومة على الحصص والنفوذ، وبعد اتفاق سوتشي بين اردوغان وبوتين واتخاذ قرار بشأن ادلب وجعلها منطقة منزوعة السلاح، في عملية سياسية تبدو من خلالها موسكو على طريق تنفيذ خطوات متقدمة لسياسة واشنطن القاضية بإبعاد ايران عن ساحات الصراع وتحجيم نفوذها في سوريا، فان طهران قابلت الهجوم الاميركي بمحاولة استرجاع ما تبقى لها في العراق وتعزيز نفوذها فيه، وكان لا بد من استقطاب المرجعية الدينية في النجف والعمل على شق الصف الشيعي، وتفكيك ما تبقى من تحالفات وكتل عراقية.

وكان تصريح رئيس الوزراء حيدر العبادي بإعلانه عدم قدرة بلاده على خرق الحصار الاقتصادي الاميركي على ايران حفاظا على مصلحة العراقيين، عوقب عليه بإشعال حريق تمثل بتظاهرات في البصرة وتحميله مسؤولية الفوضى والاحتجاجات وحرق القنصلية الايرانية، ومحاولة جر البلاد الى ما لا تحمد عقباه من حرب اهلية وفتنة طائفية، ولا يخفي وجه الفساد المتورط به موالو ايران وهي الحريصة على اضعاف العراق لإحكام قبضتها على قراره السياسي.

اقرأ أيضاً: المرجعية أسقطت العبادي وسقطت في فخ سليماني

مصدر مطلع على الشأن العراقي تحدث لـ”جنوبية” حول خفايا التحالفات وما جرّته ايران من شرذمة داخل البيت العراقي، والدور الذي اضطلع به الصدر، وقال ان “ايران استقطبت المرجعية الدينية العليا في العراق، التي عمدت الى وضع شروط تتنافى مع حيادها وتعاليها عن المصالح السياسية الذي كانت تتمتع به، وقد حرصت على التخلص من ارث حزب الدعوة، واشترطت تسمية عادل عبد المهدي لمنصب رئاسة الوزراء لمنع عودة العبادي لهذا المنصب وهوالذي نجح بقيادة العراق في السنوات الماضية نحو عودة اللحمة الوطنية وفي استتباب الامن بعد تحريره من ارهاب داعش” مضيفا المصدر “وكذلك فان مقتدى الصدر نكث بحلفه مع العبادي وانضم اليه تحالف الفتح وكذلك تيار الحكمة الذي يرأسه السيد عمار الحكيم، مضافا اليه عداء قوي من رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وبذلك تكون كل المكونات الشيعية قد تكتلت مع ايران ضد العبادي برعاية ايران والمرجعية الدينية”.

واشار المصدر الى ان “ايران جهدت من اجل الامساك بالعملية السياسية في العراق بشتى الطرق، واعادة السيطرة على كل الكتل الشيعية وبث الطائفية والمذهبية في المجتمع العراقي الهش اقتصاديا واجتماعيا، لعب السيد مقتدى الصدر دورا محوريا في تنفيذ سياسة ايران وكل ما قام به أنصاره من تظاهرات لا يعدو كونه تمثيليات ومسرحيات من اجل امتصاص تلك المعارضة وتجيير قوتها لصالح ايران”.

اقرأ أيضاً: طهران تُعاقب العبادي

المحلل والكاتب السياسي حسن فحص قال في حديث لـ”جنوبية” ان “الموقف الايراني واضح فهو لا يريد خسارة الساحة العراقية وهي تمثل الساحة الاكثر حيوية بالنسبة لها، خاصة في ظل التطورات التي حصلت على الساحة السورية واليمنية، لذلك فهي تحاول ان تحافظ على الساحة العراقية بشتى الوسائل، وايضا فالمعركة واضحة بين الاميركي والايراني على الساحة العراقية وليست بخافية، معركة على النفوذ والحصص ومن يكون له التأثير الاقوى في القرار العراقي”، مضيفا “بعد احداث البصرة حقق الايراني نقلة تفوق على الاميركي، ومن الممكن القول ان الامور انقلبت لصالح الايراني في تحديد مسارات رئاسة الوزراء، ولكن هذا التغيير الذي حصل هل سينتهي بأن تحدّد ايران وحدها رئيس الوزراء؟ بالطبع لا، لا بد من ايجاد نقطة وسط بين الايراني والاميركي في هذا المجال وان يكون رئيس الوزراء توافقي بين الطرفين مع ميل اكبر للجانب الايراني”.

وحول الدور الذي يقوم به مقتدى الصدر قال فحص “هو رجل سياسة براغماتي لا يثبت على رأي وينتظر التحولات فهو يذهب باتجاه وينتظر التحولات، فعندما ذهب الى الخليج، كان ينتظر الثمن الذي سوف يدفع له من قبل الايرانيين لعودته الى محورهم السياسي”.

السابق
«دعم زائر» و«افطار صائم في عاشوراء»: عنوانان دينيان لغطاء سياسي؟
التالي
كاسترو عبدالله: الصراع طبقي… ونص «الرد في الشارع»