مصطفى بدر الدين بطلاً في شوارع بيروت و«المستقبل» صامت: يرضى القتيلُ وليس يرضى القاتلُ؟ 

لماذا هذا الصمت السياسي؟ وكيف يقبل "المستقبل" تحويل المتهم باغتيال الشهيد إلى بطل!

لم يحلُ لبلدية الغبيري تكريم القيادي في حزب الله مصطفى بدر الدين إلا بعد ما بات متهماً من قبل ادعاء عام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بالتخطيط لإغتيال الشهيد رفيق الحريري، فأطلقت اسمه على الشارع المقابل تماماً لمستشفى رفيق الحريري الحكومي.

رفع اللافتة المعدنية على رأس الشارع والتي تحمل اسم بدرالدين أثار استفزاز العديد من اللبنانيين، لاسيما وأنّ جريمة اغتيال الحريري هي جريمة وطنية بالدرجة الأولى، تسببت في سقوط عشرات الشهداء.

تحوّل المتهم بجريمة الاغتيال إلى “بطل” -علماً أن القانون سيحول دون إصدار أيّ حكم على بدر الدين باعتباره صار في علم الله ولم يعد موجوداً- انطلق السجال فيه ليل السبت 15 أيلول، دون أن يقترن ذلك بأي موقف سياسي أو تغريدة تويترية حتى من قبل أيّ من سياسيي تيار المستقبل، ومع سياسة المبالاة وضغط مواقع التواصل الاجتماعي، تحوّلت هذه اللافتة المعدنية إلى عنوان ازمة لاسيما وأنّ التوقيت بدا مشبوهاً.

غياب الموقف السياسي لأكثر من 48 ساعة، اخترقه بيان وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، الذي نفى أن يكون قد وقع على هذا القرار، مشدداً أنّه سيرسل كتاباً إلى البلدية كي تزيل اللافتة، وذلك استناداً إلى المادة 62 من قانون البلديات، الذي يقول أنّ القرار الذي يتخذه المجلس البلدي بتسمية الشوارع والأبنية والساحات لا يصبح نافذاً إلاّ بعد موافقة وزير الداخلية والبلديات .

بيان المشنوق وتأكيده على أنّ تعليق اللافتة يهدد النظام العام، قوبل بتوضيح من رئيس بلدية الغبيري “معن منير خليل” الذي أكّد أنّ تعليق اليافطة هو لتكريم البطل مصطفى بدر الدين الذي استشهد. ليصدر لاحقاً بيان عن المجلس البلدي في الغبيري يوضح أنّ قرار تسمية الشارع بات نافذاً وفق القانون، وذلك استناداً للمادة 63 التي تعتبر أنّ القرار يصبح مصدقاً ضمناً إذا لم تتخذ سلطة الرقابة قرارها بشانه خلال شهر من تاريخ  تسجيله لديها.

في سياق أخر، قوبل موقف وزارة الداخلية من اليافطة، بموجة من التهديدات التي كان رأس الحربة فيها أبواق إعلامية ممانعة. وبين التهديد بـ7 أيار جديد، والتحذير من اللعب بالنار، وسياسة التحدي تحت عنوان “إذا فيك شيلها”، تأجج الشارع اللبناني، فتمّ تداول مجموعة من الصور ليافطات جديدة حملت اسم مصطفى بدر الدين رفعت في عدد من أحياء الضاحية الجنوبية، ومع أنّ هذه الصور لم تتأكد مصداقيتها حتى اللحظة، إلا أنّها جاءت “كصب الزيت على النار”!

إقرأ أيضاً: تفاصيل تخطيط وتنفيذ اغتيال الشهيد الحريري بين بدر الدين وسليم عياش!

كل ذلك ترافق مع الحملة التي أطلقها الجيش الالكتروني لحزب الله عبر مواقع السوشيل ميديا، فتحوّل في ساعات قليلة وسم #بدرالدين_اسمك_يرعبهم إلى ترند تويتري، وهي المرة الثانية التي يمجد الحزب “قائده” بعد مرافعة الادعاء، إذ كان سبق له التغريد بهاشتاغ “البطل مصطفى بدر الدين”!

كما لا يمكن تجاهل في هذا الإطار أيضاً ابتسامة النائب نواف الموسوي في صورة روّج لها مؤخراً، ويظهر فيها داخل مكتبه في مجلس النواب فيما صورة بدر الدين معلقة خلفه!

في المقابل، ما زالت المواقف الوطنية من تمجيد بدر الدين خجولة إن لم تكن معدومة، فلا المعنيين نطقوا، ولا الوطنيين استنكروا، وكأن ما يقوم به حزب الله في دويلته بات نافذاً وغير قابل للنقاش!

فحتى الرئيس سعد الحريري المعني الأول بهذا الاستفزاز آثر الصمت، وإن كان الحريري يترفع عن الرد على هذا المستوى من الشحن، فأين باقي التيار، من أمينه العام لنواب تيار المستقبل والوزراء، وصولا إلة حلفائه الذين يتوزعون شمالاً وجنوباً وبقاعاً!

وأين أيضاً القوة الالكترونية التابعة لتيار المستقبل، التي استطاعت قبل الأن أن تشن هجوماً على سالم زهران على خلفية تطاوله على الحريري؟

إقرأ أيضاً: لماذا اختار حزب الله هذا الشارع لإطلاق اسم بدر الدين؟

 

فهل ما قاله زهران أكثر إساءة من تحويل المتهم بالاغتيال  بحسب الادعاء إلى بطل وأيقونة؟
يبدو أن الحال بين حزب الله وتيار المستقبل في شأن جريمة اغتيال الحريري، كحال المثل المعروف يرضى القتيل وليس يرضى القاتل.

السابق
قصف يستهدف مؤسسة الصناعات التقنية في اللاذقية
التالي
البنتاغون: الدفاعات السورية أسقطت طائرة عسكرية روسية