هدنة في إدلب وروسيا ترمي الكرة في ملعب تركيا

تزداد التعقيدات الاقليمية والدولية على الساحة السورية لتصل ذروتها في ادلب، بعد ان القت روسيا الكرة في ملعب تركيا لتحميلها مسؤولية الفصل بين الفصائل المعارضة المسلحة والمعتدلة. ما هي تطورات الوضع السوري وكيف يستعرض الدكتور خالد العزي مواقف الدول وتشابك مصالحها في ادلب؟

صدر عن روسيا موقف متقدم اليوم بإعلانها تأجيل القتال في ادلب على لسان مبعوثها الخاص الى سوريا الكسندر لافرنتيف، بعد لقاء جنيف الذي عقد أمس، ورأى مراقبون ان موسكو وصلت لحائط مسدود بعد قمة طهران او ما وصف باجتماع الـ”ترويكا” بين الدول الثلاث الضامنة للحل في الازمة السورية، وهي ايران وروسيا وتركيا.

إقرأ ايضا: روسيا غاضبة بعد خسائرها في سوريا…وتتهم أميركا

مصدر عسكري سوري، افاد “جنوبية” حول الوضع الميداني واشار الى ان “محافظة ادلب محاصرة من كل الجهات، وقد قام الجيش السوري بالاستعدادات اللازمة لوجستيا بانتظار ساعة الصفر للهجوم وتحرير ادلب، مع تمهيد صاروخي ومدفعي للدخول من محورين هما ريفي حماه واللاذقية، وابرز المناطق التي شهدت تمشيطا واسعا ونفذ الجيش اليها هي اللطامنة وكفرزيتا والبويضة وتقع على الحدود الادارية بين حماه وادلب. اما جبهة اللاذقية فيتم الاستعداد للوصول الى جسر الشغور من خلال اجتياز تلال كباني نظرا لأهميتها الاستراتيجية وقطع الطريق على التنظيمات الارهابية ومحاصرتها، بانتظار الحل التركي وفصلها المسلحين عن جبهة النصرة”، مضيفا “تمثيلية الكيماوي لن تمنع الجيش السوري من تحرير ادلب”.

وأكد المصدر ان “المئات من مقاتلي تنظيم داعش انضموا الى ما يعرف بـ”حراس الدين” في ريف جسر الشغور”، مؤكدا  ان “تركيا  ارسلت تعزيزات وقوات كوموندوس الى منطقة ريحانة اضافة الى 20 ألف مقاتل على تخوم إدلب لجهة حلب، مع هروب آلاف المواطنين ومحاولتهم اجتياز الجدار العازل الذي بنته تركيا، وتحصل اشتباكات مع الجيش التركي على الحدود لمنعهم من التسلل”.

خالد العزي

الدكتور في العلاقات  الدولية خالد العزي، استعرض في حديث لـ”جنوبية ” مواقف الدول وتشابك مصالحها في ادلب، وقال  ان “ادلب تعتبر النقطة الاخيرة في اجندة روسيا والنظام السوري وقد تحولت الى منطقة لتجميع المعارضة من خلال عملية مختلفة من نوعها في محاربة الارهاب الذي ادّعته بعد موافقة الدول الغربية والولايات المتحدة واعطائهم الضوء الاخضر لها”، مضيفا “قامت روسيا باختراع ما سمّته باتفاق آستانة وإشراك الدول الضامنة في إيجاد حلول والتي كانت تحاول من خلاله تفتيت المعارضة العسكرية وتهجير الحاضنة الشعبية لها نجحت روسيا بذلك في ضرب كل الاتفاقات عرض الحائط، كما استطاعت تأمين مناطق جديدة للنظام من اجل تعويمه، ولكن عندما فشلت روسيا في اخضاع العالم للتفاوض مع النظام من البوابة الانسانية التي ابتدعتها بعودة اللاجئين الى حضن الاسد حاولت الضغط مجددا من البوابة الادلبية التي اصبحت مكان آمن للاجئين والمعارضين السوريين، فالهدف الروسي هو فتح تغرة جديدة بالمفهوم الانساني من خلال تهجير اهل ادلب ورفع الورقة بوجه الغرب”.

واضاف العزيّ، قائلا “لكن القرار الروسي وقع في أزمة خلاف مباشر مع تركيا التي طلبت الهدنة في قمة طهران واصرار الروس على الحرب والتهجير، بالرغم ان  القمة كانت تهدف بالدرجة الاولى للقول لتركيا وإيران بأن روسيا بجيشها ودبلوماسيتها هما من يقرران الحل في سوريا”.

ورأى العزيّ ان “روسيا فشلت في جرّ تركيا لأخذ موقف مؤيد لها، كما ان انقرة تعلم ان بقاءها في سوريا يخولها فرض شروط والتفاوض مع الاميركي وحماية حدودها من الاٍرهاب الكردي والسوري والداعشي”.

من جهة أخرى، أكد العزيّ ان “تركيا كثفت إمدادات السلاح للمعارضة في إدلب، منذ فشل القمة الإيرانية- الروسية- التركية الاسبوع الماضي، لمساعدتهم في التصدي للهجوم المتوقع، في حين طالب اردوغان بقمة رباعية بين تركيا وروسيا وفرنسا وبريطانيا للتباحث حول أزمة ادلب”، لافتا الى ان “مشاركة روسيا وقبولها بالقمة المقترحة هو قمة الفشل لها، في حين ان التراجع الروسي ليس صدفة ومحبة للانسانية وحفاظا على  الأرواح السورية كما تدعي، بل هي وضعت الأسد وتركيا في ميزان فتبين لهم بأن تركيا في هذه اللحظة أغلى من الاسد، وخروج تركيا وإيران من المعركة سيفرض على روسيا التدخل البشري ونتيجة طبيعة ادلب الجغرافية ستتكبد روسيا خسائر بشرية كبيرة”.

ولفت العزيّ الى ان “الموقف الاميركي الجاد في التهديد المبطن للروس وتحذيرهم من اللعب بالنار، اضف الى الموقف السياسي والشعبي الاوروبي الرافض لأية مجزرة ستدفع ثمنها روسيا غاليا، خاصة بظل تجديد العقوبات الاقتصادية الاوروبية على روسيا لمدة ستة شهور حتى آذار المقبل”.

إقرأ ايضا: سوريا: التغيير الديموغرافي ومصير إدلب

وختم العزي، قائلا “فشل الروس في فرض حلول احادية روسية في سورية بعيدا عن المجتمع الدولي، وهو ما أكده الرئيس الفرنسي بأن بشّار  الاسد قد يربح الحرب بواسطة الروس، ولكنه خسر السلام، وهذا يعني أن الروس فقدوا الحلول والقيادة، وسيكونون قوت احتلال في سوريا”.

السابق
البخاري سفيراً رسمياً للسعودية في لبنان
التالي
حراك المتعاقدين الثانويين يحقق مطالبه بعد معاناة