المحكمة الدولية و«نار العدالة الإلهية»: توتر «حزب الله» وهدوء «المستقبل»

حزب الله وانصاره غاضبون بسبب خطورة اتهامات المحكمة الدولية

استأنفت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان اليوم، الجولة الرابعة من المرافعات النهائية، وفيما كان الادعاء قد كشف في الأيام الثلاثة الأولى تورط القيادي في حزب الله مصطفى بدر الدين في عملية اغتيال الشهيد رفيق الحريري، إضافة إلى 4 متهمين منتمين للحزب، ومع تأكيد الادعاء أيضاً أنّ النظام السوري في صلب هذه الجريمة. كان اللافت في مرافعات الأمس ورود اسم حسين خليل المعاون السياسي لأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله.
وكان محامي الادعاء قد ربط في مرافعته بين استخدام “خليل” للأبراج الخليوية نفسها التي استخدمتها المجموعة المراقبة عند حصول الاجتماع بين الشهيد رفيق الحريري وأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في الضاحية الجنوبية، مما دفع القاضي لسؤال الادعاء إن كان هذا هو الرابط مع حزب الله، فكان الجواب :”نعم، من خلال مصطفى بدر الدين، الذي هو المتآمر الأساسي في هذه الجريمة”.

اتهام شخصيات تابعة لحزب الله باغتيال الشهيد رفيق الحريري، تقاطع ومناخين، الأوّل ديبلوماسي حيّد الساحة الداخلية اللبنانية عن المحكمة، وتمثل بتيار المستقبل وإعلامه، والثاني انفعالي اعتمد سياسة التخوين وتمثل بحزب الله وما يدور في فلكه إعلامياً والكترونياً!

فبينما كان تيار المستقبل سياسة واعلاماً، يحذو حذو الرئيس المكلف سعد الحريري الذي أكّد في كلمته الحرص على موقعه وعلى لبنان، وعلى العدالة، كان إعلام الممانعة يدأب على رشق الاتهامات، فيما الجيوش الالكترونية التابعة لمحور الحزب قد أحيت “تويترياً” أبطالا من الرماد.
وعلى ذات الخط، تداول الناشطون يوم أمس صورة لنائب حزب الله نواف الموسوي وقد وعلّق في مكتبه في مجلس النواب صورة لمصطفى بدر الدين، وذلك في رسالة إلى الجانب الأخر!

تشكيك المحور الذي ينتمي إليه حزب الله بالمحكمة الدولية هو اثارة لفتنة أهلية، وذلك بحسب ما تقوله مصادر متابعة لهذا الملف لموقع “جنوبية”.
تتابع المصادر نفسها لافتة إلى أنّ من يطعن في هذه المحكمة هو ساع لفتنة لبنانية، ومتساءلة في الوقت نفسه، لماذا لا يمتلك الحزب الشجاعة لمطالبة سحب اليد اللبنانية من هذه المحكمة، فهي ممولة من لبنان ويشارك فيها قضاة لبنانيون!
هذا وترى المصادر أنّ المحاولات الساعية لشيطنة المحكمة لا تعدو “تهبيط الحيطان”، معلقة “لم يعد هناك من حيطان، فالتابو قد انكسر حول حزب الله وأمينه والله جبر”!

إقرأ أيضاً: المحكمة الدولية ومستقبل لبنان وسورية

من جهة أخرى، يعلق المحلل السياسي ومدير مركز “أمم للأبحاث والتوثيق” لقمان سليم لـ”جنوبية” حول ما سمعناه من تلميح في المحكمة الدولية لمسؤولية أحد معاوني أمين عام حزب الله سيد حسن نصرالله بالقول: “حتى الأمس كانت الشبهات تلقى على أفراد من الجهاز التنفيذي في حزب الله الذين هم (المتهمون الأربعة+ بدر الدين)، الأهمية بما تقدم به الادعاء يوم أمس أنّه ربط بين دائرة القرار ودائرة التنفيذ، ولا أقول ربط بين السياسة والعسكر لأني مقتنع أن لا فصل ممكناً بين الأمن العسكري والأمن السياسي في إطار هذا التنظيم”.
وتابع سليم “عملياً ما جاء على لسان الادعاء هو حرفياً ما يمكن لأي عاقل أن يذهب إليه، فجريمة قتل رفيق الحريري كانت جريمة معقدة وتقتضي امكانات لا يمكن أن تتوافر لأفراد، هي ببساطة جريمة مؤسساتية. وبالتالي إذ اتبعنا القاعدة التي تقول (حدث العاقل بما لا يعقل فإنّ صدق فلا عقل له) يتبين وبشكل واضح أنّ الوصول إلى اتهام أفراد قريبين من دائرة القرار من حزب الله هو النتيجة الطبيعية لكل المقدمات التي قدّمها الادعاء خلال الجلسات الماضية، فهذه الجريمة لا يمكن أن تنسب إلى أفراد”.

 

لقمان سليم

 

وأشار سليم إلى أنّ “الأمر المهم في هذا الربط بين دائرتي القرار والتنفيذ، أنّه يمكن معه الارتقاء في المسؤولية إلى أعلى علّيين لربما إلى أبعد من لبنان بما معناه أنّه قد لا يكون أمين عام حزب الله هو السقف الذي تقف عنده مسؤولية إعطاء الأمر أو التوجيه أو الإرشاد أو حتى إصدار الفتوى، نحن هنا علينا أن لا ننسى أنّ حزب الله يعتبر نفسه حزباً يعمل بالتكليف الإلهي. من هنا هذا الأمر سوف يأخذ مداه، وسوف نرى في الأيام المقبلة الادعاء وننتظر قرار المحكمة”.

وفيما يتعلق بكيفية تلقي ما يجري في لاهاي في بيروت، قال سليم “من الواضح سواء على مستوى إعلام حزب الله الرسمي “جريدة الأخبار” أو على مستوى الإعلام الشعبي السوشيل ميديا أو على مستوى الجيوش الالكترونية التي بوسع الحزب أن يحركها، أنّه بات من الواضح جداً وبما لا يقبل الشك أن حزب الله متوتر بسبب محكمة لاهاي في حين ما يتم تسميته ديبلوماسية الحريري وتيار المستقبل ومن تبعهم بإحسان هو يأتي أكثر تحت نوع من الاطمئنان إلى أنّ الأدلة المتوفرة اليوم لدى المحكمة الدولية هي أدلة تدين هؤلاء الأشخاص”.
وأضاف سليم “يجب أن لا ننسى (تحت عنوان يكاد المريب أن يقول خذوني) أنّه قبل أن تبدأ المرحلة الثالثة من أعمال المحكمة الدولية، كان أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله قد توعد اللبنانيين وحذرهم من اللعب بالنار، وأنا أربأ بأي كان أن يشبه العدالة بالنار إن كانت العدالة ناراً فهي نار إلهية”.

إقرأ أيضاً: المحكمة الدولية تؤكد مسؤولية «حزب الله» ونظام الاسد في اغتيال الحريري

وفي الختام أشار لقمان سليم إلى أنّ “توتر حزب الله بالنسبة لموضوع المحكمة أمر سابق حتى على ما قاله الادعاء، أما أن يعلق فلان الفلاني بوستر لمصطفى بدرالدين اوتشي جيفارا أو لغيره.. فهذه تفاصيل تدل على سذاجته بالسياسة ولا تدل على فهم عميق لأن المحاكمة اليوم أصبحت في الوجدان اللبناني وكيف ينظر لهذا التنظيم وإلى ممثليه في البرلمان، وبالتالي أظن أنهم يسهمون اسهاماً جدياً في تأكيد التهم التي توجه إليهم”.

السابق
النجاح والفشل في موازين اليساريين والقوميين
التالي
هذا موعد الحكم النهائي للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان