هل كل يوم عاشوراء وكل ارض كربلاء؟

يوجد على وجه الأرض ألف ألف يزيد لكن من المستحيل أن نجد فيها رجلا كالإمام الحسين طاهراً ومطهراً بعقله وروحه ويده وأهدافه وغاياته ودوافعه وخلفياته لذلك ليس كل يوم عاشوراء ولا كل أرض كربلاء.
  1. اتفق كُتَّاب التاريخ شيعة وَسُنَّة على أن الإمام الحسين (ع) ابن المدينة المنورة خرج منها بعدما فرضت عليه السلطة الأموية أن يبايع يزيد بن معاوية كخليفة لله والرسول والمسلمين وأن يُقِرَّ الإمام الحسين (ع) ليزيد بالسمع والطاعة وإذا رفض فحكمه القتل والإعدام، لأن حكم السلطة الأموية بقرار من يزيد كان القتل والإعدام لكل مسلم لا يبايعه كخليفة لله والرسول والمسلمين!!! [وهذا ما لم يفعله النبي (ص) مطلقا حتى مع تيار المنافقين داخل مجتمعه].
  2. وخرج الإمام الحسين (ع) من مكة المكرمة للسبب ذاته وعينه ونفسه لأن السلطة أرادت اغتياله وحينما عرف بذلك خرج منها قائلا لا أريد أن يُسْفَك دمُ ابن بنت رسول الله في البيت الحرام في المسجد الحرام في الشهر الحرام فقطع حجه ولم يُتِمَّه وتوجه حينها نحو الكوفة تلبية لطلب أهلها.
  3. فالإمام الحسين (ع) أُخْرِج مُجْبَراً مُكْرَهاً من وطنه المدينة المنورة موطن ميلاده الشريف ومن مكة المكرمة أيضاً ولم يخرج مختاراً ؛ ولا يشك بذلك عالم مؤرخ من المسلمين شيعة وسنة ؛ خرج لأنه رفض المبايعة ، والإمتناع عن المبايعة حق بديهي وطبيعي لكل إنسان بموازين الله تعالى وبسيرة النبي (ص) وبموازين قيم الإنسانية ، وكان يتلو قوله تعالى أثناء الخروج: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} آية (21) سورة القصص. .
  4. وأعظم مسألة في سيرة الإمام الحسين ( ع) اتفق على وقوعها علماء الدين شيعة وسنة كافة ولم ينكرها أحد منهم مطلقا، ولم يُخْفِها عن قصد وعمد بخلفية سياسية قذرة سوى الأحزاب الدينية الشيعية الجهادية الثورية الدموية وفقهاء الشيعة الثوريين الدمويين الذين يتلذذون بسفك دماء الشيعة ويعشقون المتاجرة بها والتبذير فيها وكأن هذه الدماء كتشب بطاطا لأجل الوصول إلى السلطة التي لم نذق منها سوى المرارات والأزمات والنكسات بعدما وقعت تحت ولايتهم!!! والغريب المريب العجيب أنهم يسمونها بالتضحيات!!

والمسألة هي:
أن الإمام الحسين (ع) حينما وصل إلى كربلاء واكتشف خيانة الشيعة جَنَحَ إلى مُسَالَمَة السلطة الأموية وَوَادَعَها واقترح عليها خيارات عديدة لكي لا تقع المجزرة والمأساة والرَّزِية منها:

  1. أن يذهب إلى ثغر من ثغور الجهاد.
  2. أن يسيح في أرض الله الواسعة.
  3. أن يعود من حيث أتى.
  4. أن يفتحوا له الطريق للذهاب إلى يزيد لتسوية الأمر معه وجها لوجه.

وذلك بعدما خذله شيعة أهل الكوفة نعم شيعة أهل الكوفة كما خذلوا من قبله سفيره مسلم بن عقيل.
وفي هذه المسألة يقول الدكتور طه حسين رحمه الله ولولا مُسَالَمَة الإمام الحسين في كربلاء السلطة الأموية لاستقام كل نقد ضد الإمام الحسين لكن بمسالمته للسلطة الأموية وبرفضها المسالمة وقعت السلطة تحت الإدانة واللعنة ليوم الدين حينما أقدمت على ذبح الحسين وذريته الطاهرة بِتَجَبُّر وإجرام لا نظير له.
[المصدر: كتابه بعنوان علي وبنوه الفتنة الكبرى ج2].

وقرار السلطة الأموية كان بيد يزيد بن معاوية ، وحينها قال الإمام الحسين (ع): {ألا وإن الدَّعِي ابن الدَّعِي – (هو ابن زياد ممثل يزيد بالكوفة سماه بالدعي لأنه كان مشكوك النسب هو وأبوه زياد) – قد خيرني بين اثنتين بين السلة (الحرب) أو الذلة (المبايعة ليزيد) وهيهات منا الذلة يأبى الله لنا ذلك ورسوله}.

إقرأ أيضاً: عاشوراء.. والجدل بين السعوديين الشيعة!

يوجد على وجه الأرض ألف ألف يزيد لكن من المستحيل أن نجد فيها رجلا كالإمام الحسين طاهراً ومطهراً بعقله وروحه ويده وأهدافه وغاياته ودوافعه وخلفياته لذلك ليس كل يوم عاشوراء ولا كل أرض كربلاء.
ورضوان الله على الفقيه الشيخ محمد جواد مغنية رحمه الله الذي قال:
[العاهرة أشرف من رجل الدين السياسي الذي يتاجر بأقدس ما عنده وهو الدين بينما العاهرة تتاجر بأقذر ما لديها وهو فرجها].

وبعد أكثر من 4 عقود قضيتها بقراءة نصوص الدين الإسلامي وعلومه وصلت إلى يقين واضح وضوح الشمس وهو: إن كل مسلم سواء كان شيعياً أم سنياً تضحياته وجهاده عبث في عبث ولغو في لغو وسراب في سراب إنْ لم يكن غايته إقامة دولة الدستور والقانون والمؤسسات والمواطنة الدولة الديمقراطية العلمانية الحديثة العصرية.

إقرأ أيضاً: عاشوراء والبصيرة

واستنساخ دولة الخلافة والخليفة والإمارة الإسلامية السنية ، أو دولة ولاية الفقيه الشيعي أو المرجعية الإسلامية الشيعية فلن تكون إلا بصورة دولة يزيد وأبي بكر البغدادي والزرقاوي والجولاني والظواهري والخميني والخامنئي وقاسم سليماني والطالبان في أفغان والصومال دولة الظلام والظلمات والظلم والإستبداد باسم الله والشريعة والقرآن دولة تعادي كل إبداع باسم البدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

لن يذوق شعب مظلوم حلاوة الدولة العادلة إلا بإقصاء فقهاء الدين وأحزاب الدين عن السياسة والدولة وإلا فشنقهم واجب وبأمعاء بطونهم.

السابق
فارس سعيد: قضية اغتيال الرئيس الحريري قضية وطنية-عربية-دولية
التالي
المحكمة الدولية: بدر الدين العقل المدبر والشبكة الخضراء تابعة لـ«حزب الله»