سفر الرئيسين عون والحريري يؤجّل «معجزة» تشكيل الحكومة

تشير اسفار المسؤولين المعنيين بالملف الحكومي أن الأزمة ممتدة ولا تزال بعيدة، خصوصا مع التصريح اللافت لرئيس الجمهورية الذي أعاد التأكيد فيه أنه "عندما تصبح الصيغة متوازنة يتم تشكيل الحكومة وفق المعايير والمبادئ التي أطلقها سابقا".

ينتظر تحريك ملف تشكيل الحكومة، عودة الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري من الخارج، المتوقعة يوم غد الأربعاء، لمعاودة الاتصالات فيما بينهما لتقريب وجهات النظر، فيما يتعلّق بالصيغة الحكومية الأخيرة.

إقرأ ايضًا: مجموعة سلبيات لا تنتج حكومة إيجابية 

وبحسب معلومات “اللواء” فإن “الرئيس المكلّف سيقوم بجولة جديدة من المشاورات مع الأطراف السياسية لإيجاد مخارج للأزمة الحكومية، دون استبعاد قيامه بزيارة تشاورية إلى الرئيس عون، بعد عودتهما إلى بيروت، وقبل زيارة الأخير إلى نيويورك في الثلث الأخير من الشهر الحالي، علما أن الطبخة الحكومية لم تنضج بعد ولا تزال بعيدة.

وكان لافتاً للانتباه المواقف التي اعلنها الرئيس عون في الطائرة التي اقلته إلى ستراسبورغ لإلقاء كلمته اليوم امام البرلمان الأوروبي، حيث نفى ان “نكون الجهة المعرقلة لتأليف الحكومة”، من دون ان يوضح بأن صيغة الجمع تشمله لوحده أو مع “التيار الوطني الحر”، معتبراً بأنه “عندما تصبح الصيغة متوازنة يتم تشكيل الحكومة وفق المعايير والمبادئ التي أطلقها في خطابه يوم الأوّل من أب الماضي”، مؤكداً انه “لا يجوز لأي فئة أو طائفة احتكار التمثيل أو تهميش فئة لمصلحة أخرى، أو اقصاء أحد”، في إشارة واضحة إلى رفضه احتكار الحزب الاشتراكي التمثيل الدرزي، أو اقصاء النواب السنة خارج تيّار “المستقبل” عن الاشتراك في الحكومة.

ورداً على سؤال، اعتبر عون انه “يتم حالياً التلهي بمسألة الصلاحيات لصرف الأنظار عن المسألة الأساسية، وهي تشكيل الحكومة، في حين ان الدستور ينص على الشراكة بين الرئاستين الأولى والثالثة في التأليف، فليفسروا لنا معنى هذا، إذ لا مجال للاجتهاد بوجود النص الدستوري”.
الأفق الحكومي المقفل دفع أحد المراجع المسؤولة أمس الى التأكيد لـ”الجمهورية” انّ تشكيل الحكومة بات يتطلب “معجزة” التي لا مؤشرات الى إمكانية حدوثها في الوقت الراهن، بدليل الأسفار الراهنة للمسؤولين المعنيين بالملف الحكومي وهو ما يؤكد ان لا  تطور منتظر في هذا الصدد.

ودعت  المصادر الى “التنبّه لحقيقة الأمر، بحيث انّ التسوية الرئاسية مهدّدة”. ولفتت أن “لا مبالغة في هذا التوصيف، والتمعّن في مسار الأمور يؤدي إلى هذا الاستنتاج المنطقي”.  مشيرة إلى أنّ “الخروج من هذه الدوامة يكون عبر تسويات سياسية جديدة”، وقالت: “عند مراقبة ومتابعة المواقف السياسية الأخيرة، يمكننا التأكيد أن لا حل في الأفق، وفيما لا أحد يغعرف ما يخبؤه المستقبل، إلا أن الأمور متّجهة نحو المجهول”.

إقرا ايضًا: أزمة التأليف الحكومي بين بري والحريري!

هذا وأشارت مصادر لبنانية مطلعة على مسار المشاورات الحكومية لـ”الشرق الأوسط” إلى ان “الرئيس الحريري، لن يقوم بأي مبادرة إضافية، بالإشارة إلى أن بوجهة نظره “قدم تشكيلة الحد الأدنى المقبولة بنظره من قبل جميع القوى، ولا يمكنه المضي أبعد من ذلك”، موضحة أن الرئيس الملكف “قدم ما لديه، وينتظر أن يبادر الآخرون في هذا المجال”.

 

في هذا السياق، اكّد مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان، “أننا مع رئيس الحكومة المكلف، في بعده عن الإثارة، وسعيه للوفاق الوطني، والتوازن الوطني، والنهوض الوطني. وعلى هذه الشاكلة الوطنية، نرجو أن تتشكل حكومته، لتكون حكومتنا جميعاً، فالعصبيات الطائفية، تنتج كل منها الأخرى، ولا يبقى للوطن شيء أيا كان”.

وتوجه دريان في رسالة الى اللبنانيين، لمناسبة بدء العام الهجري الجديد قائلاً: “نحن في أزمة كبرى، ليس بسبب عدم تشكيل الحكومة فقط، بل ولسوء الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية، والانقسام السياسي العميق. إن الأمر يتطلب بالفعل التضامن والتوافق وتبادل الرأي بروح طيبة، وبإدراك عاقل للمشكلات الوطنية، والإرادة المخلصة في الوصول إلى حلول لها”. وأضاف: “عندنا كبار، يستطيعون بالإرادة الخيّرة والطيّبة، التوسط بين الفرقاء، من أجل خير الجميع. نحن محتاجون إلى هدوء الكبار وحكمتهم، كما نحتاج إلى وعي المسؤولين الكبار بمسؤولياتهم، وهي كثيرة وخطيرة بالفعل. التعاند لا يفيد. كذلك لا يُفيد الإصرار الحقيقي أو الموهوم على الصلاحيات. لأنه عندما يتهدد النظام، لا تعود هناك قيمة للصلاحيات أو المرجعيات”.

مناشداً رئيس الجمهورية ميشال عون “بصفته أباً لجميع اللبنانيين، وحرصاً على المصلحة الوطنية، أن يتنازل عن حقه في حصته الوزارية لأبنائه المشاغبين والمعرقلين، لعل في ذلك ما يدفعهم إلى جادة الوطن، فنكون معاً في عملية قطع الطريق أمام كل من يريد الإيقاع بهذا البلد، وإبقاءه ورقة ابتزاز على طاولة الفوضى واصطناع الأزمات”.

 

السابق
الحريري: متمسكون بالحقيقة لمعرفة من يقف وراء اغتيال رفيق الحريري
التالي
راغب علامة يدخل على خط أزمة مطار بيروت.. ويجد الحلّ