العراق: أحداث البصرة تخلط التحالفات…والمرجعيّة في عين العاصفة

ما ان انجلت الغبرة عن أحداث البصرة الاخيرة وما رفقها من حرق مبنى المحافظة ومكاتب الاحزاب والقنصلية الايرانية، حتى بدت الصورة وكأنها تنقلب رأسا على عقب، مع اتفاق شبه معلن على تحميل الحكومة العراقية المسؤولية، وذلك بعد ان غسل الجميع أيديهم من آثام دماء المتظاهرين الابرياء الذين سقطوا برصاص الأحزاب.

وصل صباح امس رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الى البصرة وعقد سلسلة من الاجتماعات، اثر احتجاجات شعبية ومطلبية تطورت وتصاعدت حدتها على مدى ثلاثة ايام. وصدر عن الاجتماع بحسب بيان لمكتب رئيس الوزراء القرارات التالية:


أولاً: تكليف شركة الفارس العامة بتصنيع وحدات ضخ وتصفية المياه.
ثانيا: تأهيل محطة آر زيرو وصيانتها.
ثالثا: صرف مخصصات طعام وساعات عمل اضافية للعاملين في محطة آر زيرو.
رابعا: وقف التجاوزات الحاصلة على خطوط وشبكة المياه.
خامسا: تكليف شركات وزارة الموارد المائية بانشاء خط انبوبي ناقل لقناة البدعة.
سادسا: انشاء خط انبوبي ثان بالتعاون بين وزارتي الموارد المائية والنفط لتعزيز تأمين مياه خام لقضاء شط العرب من شمال القرنة.
سابعا: تسريع اجراءات تعيين العاطلين في البصرة.


وقد بدأت اليوم اجتماعات الفريق المكلف بتنفيذ قرارات مجلس الوزراء برئاسة رئيس هيئة المستشارين في رئاسة الوزراء مع محافظ البصرة وعدد من المسؤولين في الدوائر الخدمية في الوزارات ذات العلاقة والحكومة المحلية لتنفيذ القرارات ذات الصلة بتحسين الخدمات الاساسية، اضافة الى موضوع المياه الصالحة للشرب.

وفي سياق نفيه للأخبار الكاذبة نفى مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي، ما تردد حول محاصرة العبادي والوفد الوزاري المرافق له في احد فنادق مدينة البصرة.

وذكر بيان للمكتب الاعلامي للعبادي الاثنين (10 ايلول 2018)، ان “بعض الفضائيات ومواقع التواصل نشرت اخبارا كاذبة ومقاطع فديو مفبركة او قديمة تدعي محاصرة رئيس مجلس الوزراء والوفد الوزاري المرافق له في احد فنادق مدينة البصرة”.

واضاف، انه “واذ ننفي نفيا قاطعا صحة هذه الادعاءات الكاذبة ندعو وسائل الاعلام التابعة لجهات سياسية الى الكف عن هذا الاسلوب الهابط والمخادع الذي لايليق بوسائل الاعلام واعتماد المصداقية في نقل الاحداث”.

 

المرجعية تنفي وضع “فيتو” على أسماء

وعلّق مصدر مقرب من المرجعية الدينية على ما ذكره بعض النواب في وسائل الاعلام من ان المرجعية سمّت عدداً من السياسيين ورفضت اختيار أي منهم لموقع رئاسة الوزراء قائلاً :

“إنّ هذا الخبر غير دقيق فان ترشيح رئيس مجلس الوزراء انما هو من صلاحيات الكتلة الاكبر بموجب الدستور وليس للآخرين رفض مرشحها، ومن هنا فان التعبير بالرفض لم يصدر من المرجعية الدينية، كما انها لم تسم اشخاصاً معينين لأي طرف بخصوصه، وانما ذكرت لمختلف الاطراف التي تواصلت معها -بصورة مباشرة او غير مباشرة – انها لا تؤيد رئيس الوزراء القادم اذا اختير من السياسيين الذين كانوا في السلطة في السنوات الماضية بلا فرق بين الحزبيين منهم والمستقلين، لانّ معظم الشعب لم يعد لديه أمل في أي من هؤلاء في تحقيق ما يصبو اليه من تحسين الاوضاع ومكافحة الفساد، فان تمّ اختيار وجه جديد يعرف بالكفاءة والنزاهة والشجاعة والحزم والتزم بالنقاط التي طرحت في خطبة الجمعة (١٣/ذي القعدة الموافق ٧/٢٧) كان بالامكان التواصل معه وتقديم النصح له فيما يتعلق بمصالح البلد والا استمرت المرجعية على نهجها في مقاطعة المسؤولين الحكوميين، كما انها ستبقى صوتاً للمحرومين تدافع عن حقوقهم وفق ما يتيسر لها”.

وتصدر في العراق يوميا أخبار تضليلية تطال جميع الشخصيات والاحزاب دون استثناء منذ نهاية الانتخابات البرلمانية التي جرت في شهر ايار الفائت وحتى اليوم، وذلك منذ احداث البصرة التي أودت بحياة حوالي 15 متظاهرا وكان نتيجتها احراق العديد من مقرات الاحزاب اضافة والمباني الرسمية ومبنى المحافظة والقنصلية الايرانية.

وشنّ إمام وخطيب جامع الشويلي بقضاء الزبير غرب البصرة الشيخ محمد فلك الذي يدعي زورا انه وكيل المرجعية في البصرة هجوما فيه سب وشتم غير مبرر على رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي زار المدينة أمس وتفقّد مرافقها الحيوية واجتمع بعشائرها، ليتضح بعدها أن الشيخ فلك هو بوق يخدم مصالح أحد الأحزاب النافذة المنافسة سياسيا للعبادي لا أكثر ولا أقل!

يشار الى أن المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف ارسلت وفداً الى البصرة الاسبوع الماضي ترأسه وكيلها السيد احمد الصافي وضم مجموعة من الخبراء والمختصين من اجل الوقع على المشكلة ووضع خطط حلول آنية ومتوسطة وبعيدة المدى لتجاوز المشكلة.

ويقول مراقبون ان تحرك المرجعية الأخير وما صدر عنها يعتبر تدخلا غير مسبوق بتفاصيل السياسة العراقية، وهو سيف ذو حدّين من شأنه أن يضرّ بهالة القداسة التي طالما رفعتها فوق النزاعات الداخلية والتحالفات السياسية، وتجعل بعض المتطفلين عليها كالشيخ “فلك” الذي يدعي قرب موقعه منها أن يستغل انغماس المرجعية بالشأن العام لمحاولة النطق باسمها وتحريض العامة على الدولة لإشعال المزيد من الفتن.

 

خلط أوراق وتحالفات

من الناحية السياسية، عملية خلط أوراق بدأت قبل أيام مع تحوّل دراماتيكي لم تعرف نتائجه إثر التقارب المفاجىء الذي اعلن عنه بين كتلة سائرون التي تمثل التيار الصدري وبين كتلة الفتح التي يرأسها هادي العامري المقرب من ايران وذلك على حساب كتلة النصر التي يرأسها رئيس الوزراء حيدر العبادي، وذلك حسب الترويج الاعلامي لهذا التقارب.

جملة أسئلة تطرح واهمها: ما هو مصير “الكتلة الأكبر” أي تحالف “الاصلاح والاعمار” التي اعلنت نواتها في 19 من شهر آب الماضي وضمت سائرون والنصر والوطنية وغيرها من الكتل السنية والأقليات؟ وهل حقا اصبحت جميع التحالفات مهددة بالسقوط؟ ومن سيتولى منصب رئاسة الوزراء؟

نفت أمس مصادر في كتلة سائرون(57 نائبا) التي تصدرت الاتتخابات التشريعية انفراط حلفها مع كتلة النصر (43 نائبا) رغم تقاربها مع كتلة الفتح (53 نائبا) التي تمثل الحشد الشعبي.

وتقول مصادر “سائرون” ان السيد مقتدى الصدر يقود عملية توسيع دائرة الكتلة الأكبر وليس تضييقها، وبالتالي فان الاتفاق على منصب رئيس الوزراء غير مطروح حاليا، وباستثناء كتلة دولة القانون التي يرأسها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي والتي تضم 25 نائبا، فان كتلة “الاصلاح والاعمار” مرشحة لضم غالبية الكتل النيابية التي تمثل جميع مكونات الشعب العراقي، وما فتح الباب أمام كتلة “الفتح” والشروع بمحادثات جدية مع الكتل الكردية الرئيسية إلا دليلا على جدية هذا التوجّه.

 

 

السابق
نوفل ضو: سقطت الأقنعة بـ3128 دليلاً
التالي
المشنوق: بعد الحكم النهائي للمحكمة الدولية… لكل حادث حديث