البصرة تجتثّ نفوذ ايران فتحرق قنصليتها ومكاتب احزابها

البصرة العراق
شكّل يوم أمس، الجمعة ذروة الغضب العراقي وانتفاضته في وجه الفساد وأزلامه في البصرة، واجتاحت الجماهير الناقمة المقرات الحزبية التابعة لإيران، وأتت النيران التي أضرمها المحتجون على مبانيها، فهل فقدت إيران السيطرة على العراق سياسيا وأمنيا؟

ما جرى من تطورات دراماتيكية في الشارع العراقي واحتجاجات البصرة لم تكن مفاجئة للكثير من المراقبين للوضع العراقي، وبالرغم من إعلان رئيس الوزراء حيدر العبادي حالة الطوارئ في البلاد واستنفار قيادة العمليات لضبط الوضع وفرض حظر التجول، كل ذلك لم يحل دون اصرار المتظاهرين على تدمير كل المقرات الحزبية الحليفة لطهران وصولا الى احراق القنصلية الايرانية في البصرة، واللافت عدم تحرك اي طرف للحؤول دون ذلك بعد ان اجتاحت الجماهير الغاضبة حواجز الامن المولجة حماية المبنى.

مصدر اعلامي مواكب للشأن العراقي قال لـ”جنوبية” ان “العراقيين من اهل البصرة تحديدا ضاقوا ذرعا بالفساد المستشري، وما شهدناه يمثل ثورة ضد الفاسدين ومرجعياتهم، فمنذ سقوط نظام صدام حسين في العام 2003 استلمت الاحزاب الشيعية السلطة وصار العراق عرضة لنهب منظم واصيبت مؤسسات الدولة بالانحلال، الى حد وصلت فيه الامور الى درك لم يعد يحتمله الجمهور العراقي، الذي قرر هذه المرة عدم توفير رمز الفساد المتمثل بإيران واتباعها”.

اقرأ أيضاً: إيران تخاف الشيعة العرب هذه حقيقة وليست مجرد مزاح

وأضاف المصدر “فإيران منذ دخولها العراق قامت بتنظيم علاقات سياسية وعسكرية مع أغلب الاحزاب الشيعية الحاكمة من حزب الدعوة والمجلس الاعلى وآل الحكيم الى عصائب اهل الحق ومنظمة بدر وغيرها”.

واعتبر المصدر ان “ما حصل امس الجمعة هو بمثابة يوم تصفية حساب مع تلك الرموز والاحزاب، فقام العراقيون بإحراق مكاتبهم ولم يكتفوا بذلك بل عمدوا الى حرق القنصلية الايرانية في البصرة كردّ واضح وصريح لتحميل طهران مسؤولية هذا الخراب في العراق، فإيران لا يهمها سوى تحقيق هيمنتها ومآربها السياسية ولو على حساب هدم الدولة واستباحة مؤسساتها”.

الباحث والمحلل السياسي ومدير “جمعية هيا بنا”، لقمان سليم، اعتبر ان “ما يجري في البصرة لن يمكن لأي طرف فاعل في العراق وتحديدا للمؤسسة الدينية او السياسية او الامنية، ان تكتفي بالقول ان الاحداث الحالية هي نتيجة مؤامرة بمعنى انه يوجد تجرؤ على المستوى السياسي وعلى المستوى الرمزي يعلن ان مصلحة الشيعة ليست بالضرورة لدى الشيعة وفي تكوين كتلة شيعية مناهضة للآخرين”، مضيفا ان “الدرس بصراوي بامتياز وهو ان الشيعة لا يطبق عليهم ما يطبق على الاخرين عندما يطالبون بالماء وتحسين اوضاعهم الاجتماعية والحياتية ويتصرفون كبشر بخلاف الصورة السوبرمانية التي يريد البعض ان يفرضها على الشيعة”.

لقمان سليم

وقال سليم “بهذا المعنى سواء كان هناك مندسين في هذه المظاهرات كما يزعمون، انه اصبح هناك تجرؤ وانه قبل احراق القنصلية تم احراق مكاتب الاحزاب الداخلية وهي رسالة سياسية واضحة ان هذا البلد لم يعد يدار بالطريقة ذاتها والتي يريدون”.

من جهة ثانية، الكاتب والمحلل السياسي حسن فحص، اكد في حديث لـ”جنوبية” ان “ما يجري في البصرة هو مؤشر خطير ويطرح سؤالا اخطر حول ما اذا كانت البصرة كما الموصل 2014 مدخلا لأزمة جديدة ومرحلة دموية كما حصل مع دخول الارهاب الداعشي”، مردفا ان “هناك امكانية كبيرة ومؤشرات تدل على امكانية حصول ذلك، خاصة وان كل الاطراف تنصلت مما قام به بعض المتظاهرين من عمليات احراق وتدمير للممتلكات الخاصة والعامة، واخرها القنصلية الايرانية في البصرة”.

واشار فحص الى انه “بالرغم من وجود تصعيد بين القوى السياسية الموالية لايران، واخرى معادية لها، الا ان الامور لم تكن تنذر بوصول الامور الى هذا المستوى من الاعتداء على مقر ديبلوماسي ايراني، ولكن ما دفع الامور بهذا الاتجاه هو التحريض المباشر، والواضح بالهجوم على القنصلية قبل ليلة من احراقها، ودورها في التغطية على ايران وحماية الفاسدين”، مضيفا “لذا إن ما حدث يدفع الى الخوف من ان تكون البصرة مدخلا لموجة عنف جديدة تعيد العراق الى الدائرة الاولى من حمام الدم”.

اقرأ أيضاً: من يريد «خراب» البصرة؟

وختم فحص، قائلا “ردة الفعل الايرانية تقتصر حتى الان على الموقف الرسمي الذي صدر عن الحكومة الايرانية من استنكار العمل التخريبي والدعوة الى محاسبة المسؤولين، اما على المستوى الداخلي يبدو ان ايران مربكة في التعاطي مع هذه التطورات، ويخشى ان يذهب باتجاه التصعيد والدفع بالأطراف الموالية لها لمواجهة المحتجين في الشارع، وتنفلت الامور باتجاهات لا يريدها، لذلك فإن الموقف الايراني معقد جدا على الساحة العراقية، وبحسب تصريحات القادة الايرانيين وعلى رأسهم مرشد النظام ان الضغوطات الاميركية واضحة وغير مسبوقة تجاه طهران ودورها في المنطقة”. واضاف “لذلك ايران تحاول ان تضع ما يجري في العراق في اطار الصراع الاميركي معها وفي المقابل مؤيدو وحلفاء السياسة الاميركية في المنطقة يعتبرون ما يحصل فرصة للحد من السيطرة الايرانية”.

السابق
نسبة حوادث السير في لبنان.. كارثة تنتظر الحلَ!
التالي
تحضيرات الشيعة في عاشوراء: تبدأ قبل 1 محرم ولا تنتهي قبل الأربعين