أزمة التأليف الحكومي بين بري والحريري!

ما هي "الفقرة 10" من "المادة 53"؟ وهل يستطيع عون في حال إستخدام هذه الصلاحية إقحام بري بأزمة التأليف؟ وهل يعطي الدستور للأخير الحق بتحديد مهلة زمنية للتأليف أو سحب التفويض من رئيس المكلف؟

فتحت ارتدادات سقوط المسودة الأخيرة الباب على مصراعيه أمام حرب الصلاحيات والإجتهادات الدستورية بين فريق الرئاسة الأولى وفريق رئيس الحكومة، بشكّل صرف الأنظار عن المأزق الحكومي ما يشير إلى أننا أمام أزمة جدية مفتوحة.

إقرأ ايضًا: نزاع الصلاحيات يحتدم.. والتسوية الرئاسية في خبر كان

أما الجديد على خط أزمة الصلاحيات وإتفاق الطائف، هو الحديث عن إمكانية لجوء رئيس الجمهورية ميشال عون في المرحلة القادمة إلى تنفيذ  “الفقرة 10” من “المادة 53” وهي صلاحية تعطيه الحق بتوجيه رسائل إلى مجلس النواب عندما تقتضي الضرورة. ولكن السؤال الأهم هنا، هل أزمة تشكيل الحكومة هي من إحدى هذه الضرورات التي يمكن من خلالها للرئيس توجيه رسالة إلى المجلس النيابي؟

بالأمس، جرى الترويج أنه في حال إستخدام رئيس الجمهورية  هذه الصلاحية، فهو بذلك يرمي الكرة في ملعب السلطة التشريعية، مع العلم أن الدستور لا يوليها أي دور في عملية التشكيل، إلا أنه بذلك يقحم من خلالها رئيس مجلس النواب في هذه الأزمة من حيث تحديد مهلة زمنية للتأليف  أو من خلال سحب التفويض من رئيس المكلف. وبذلك تصبح المواجهة إذن بين الرئيس الحريري والرئيس برّي بعدما كانت مع الرئيس عون خصوصا أنه وفقا للمادة 149 من النظام الداخلي ، فإن رئيس المجلس لا يمكنه تجاهل الرسالة، وبالتالي عليه الدعوة لعقدة جلسة نيابية.

هذا وقد أكد رئيس ​مجلس النواب​ ​نبيه بري​ أمام وفد ​نقابة المحررين يوم أمس (الخميس) ​ على أنه “من حق رئيس الجمهورية توجيه رسالة إلى مجلس النواب ورئيس المجلس عليه وفق الصيغة القائمة أن يقوم بالتدبير المناسب”.

فهل سينجح عون في حال نفذ “الفقرة 10” من “المادة 53” بإقحام بري بأزمة التأليف؟ وهل يعطي الدستور صلاحية للأخير بالتدخل في عملية التأليف الحكومي من حيث تحديد مهلة زمنية للتأليف أو سحب التفويض من رئيس المكلف؟

النائب عن “كتلة التنمية والتحرير” ميشال موسى صرّح لـ “جنوبية” أن “توجيه رئيس الجمهورية رسالة إلى مجلس النواب هو ميشال موسىصلاحية دستورية تمّكن من خلاها الرئيس قول ما يريد قوله فيما يتعلّق بالإطالة في عملية التأليف الحكومي، وهذا حق دستوري له إلا أن هذه الرسالة لا يكون المقصود فيها رمي الكرة في ملعب رئيس مجلس النواب والهدف منها فقط القول للجميع وجوب الإستعجال بعملية التأليف والتسريع في الإتصالات بين النواب لهذه الغاية وهو ليس موضوع خلافي”.

وشدّد موسى في الختام أن “عملية التأليف الحكومي بحسب ما ينص عليه الدستور هي بين الرئيس المكلّف وتوقيع المرسوم من قبل رئيس الجمهورية ولا يوجد أي تداخل في الصلاحيات، نافيا أنه “لا يمكن تفسير البند العاشر على أنّه رمى الكرة في ملعب رئيس المجلس الذي يقتصر دوره على التواصل مع جميع الأفرقاء من أجل هذا التأليف”.

إقرأ ايضًا: أزمة تأليف الحكومة تفتح «معركة الصلاحيات» بين الرئاستين الأولى والثالثة

الخبير الدستوري الدكتور بول مرقص شرح لـ “جنوبية” ماهية “الفقرة 10” من “المادة 53″، وقال إن “ممارسة رئيس الجمهورية هذه الصلاحية لا ترمي بالمسؤولية على رئيس مجلس النواب، بل تعيد البوصلة إلى الجهة التي كانت وراء تسمية رئيس الوزراء المكلف، المتمثلة بالنواب لأنهم هم من صرّحوا إلى رئيس الجمهورية بخيارهم هذا، أي بخيار تسمية الشيخ سعد الحريري”. وتابع “لذلك وعبر مخاطبة المجلس يكون الرئيس بممارسة صلاحيته هذه قد أعاد البوصلة إلى المجلس النيابي، لكن ممارسة هذه الصلاحية تبقى في إطار معنوي أدبي ليس إلّا ولها مفعول معنويّ وليس لذلك أي مفعول تنفيذي”.بول مرقص

وأكّد مرقص “أن توجيه هذه الرسالة لا تلقي أي موجب دستوري على رئيس الحكومة المكلّف، وكذلك فإن مجلس النواب عندما سوف يجتمع لإبداء موقف من هذه الرسالة أيضًا فإن لإجتماعه أثرا معنويا أكثر منه تنفيذيا”، ولفت “المقصود بهذا الأثر المعنوي هو حثّ رئيس الحكومة المكلّف على الإسراع في تقديم تشكيلة حكومية جديدة تكون مرضية لرئيس الجمهورية الذي هو شريك أساسي في تشكيل الحكومة وعنه يصدر مرسوم التشكيل بالإتفاق مع الرئيس المكلّف بحسب “الفقرة 4” من  “المادة 53” من الدستور”، مشيرا إلى أن “هذه الخطوة تتمّ عبر توجيه رسالة يكون هدفها في أقصى حدّ الضغط على الرئيس المكلف، لكن لا يمكن أن تصل إلى حدود سحب التكليف ولا إلزام الرئيس المكلّف بمهلة محددة”.

وشدّد مرقص لموقعنا على أنه “يبقى لرئس الحكومة المكلّف الإلتزام بمهلة معقولة أتى عليها الفقه الإداري ” délai raisonnable” ، بمعنى أنه لا يمكن أن تستغرق عملية التأليف أكثر من أسابيع بالحدّ الأقصى وليس شهورا”، مؤكدا “لكن هذه المهلة المعقولة لا علاقة لها برسالة رئيس الجمهورية ولا بإجتماع مجلس النواب نتيجة هذه الرسالة”. وأضاف “هذه الصلاحية إستعملت بعد الطائف، وإن لجوء الرئيس إليها من شأنه إستنفاد السبل الدستورية من أجل الضغط على رئيس الحكومة المكلّف مِن خلال مَن أولوه التكليف وعلى من يعطّل تأليف الحكومة”.

 

السابق
آخر أحداث البصرة: حرائق بالجملة
التالي
«تويتر» يهدد ترامب.. والجمهور يسخر