شارع دكّاش في حارة حريك «داون تاون» «حزب الله»

تغيّرت هوية شارع الشورى، من هوية سياسية أمنية الى هوية مدنيّة ثقافيّة.

يتميّز شارع دكّاش، في حارة حريك، بميزة هامة جدا، هي انه عبارة عن تقليد بسيط وهشّ لوسط البلد، اي “الداون تاون”.

ومن المعروف ان الـ”داون تاون” هي المنطقة الأغلى في بيروت على صعيد المحال التجارية والمطاعم والالبسة واماكن الترفيه و”الكافييات”.

إقرأ ايضا: مذكرات عن الضاحية الجنوبية وحروبها الكثيرة

ولشارع دكاش ميزة، لم تكن له مطلقا من قبل، أي قبل عام 2006، عام عدوان تموز، حيث كان سابقا يعرف بشارع “الشورى”. والشورى، هي القيادة السياسية الجامعة لـ”حزب الله”.

وكان شارع الشورى “سابقا” مقفل امام السيارات، تحيط به الحواجز الحديدية، والأمن، حيث تنتشر مكاتب ومؤسسات الحزب في بقعة واحدة صغيرة بين البيوت والمنازل. لكن دمرته اسرائيل عن بكرة أبيه خلال عدوان تموز، فهجرته قيادات الحزب، منتشرة  في الضاحية ككل دون تحديد اماكن او شوارع خاصة بها، كما كان عليه الحال من قبل.

إقرأ ايضا: من هي ضاحية بيروت الجنوبية وشو تاريخها؟ (2)

واليوم بات هذا الشارع، الذي يمتد من دوار الشهيد صلاح غندور جنوبا، حتى ثانوية اشبال الساحل شمالا، في خط طوليّ مستقيم، حيث تنتشر على جانبيه المطاعم والمقاهي على مساحة 200 متر تقريبا، بمعدل 15 مقهى تقريبا او اكثر، وهذه المقاهي تفتح ليلا فيُضاء الشارع، ويصبح شبيها الى حد ما بشوارع الـ”داون تاون”. ويكثر الرواد وتشتغل “الاراغيل” و”تفلش” الكراسي على الرصيف، في منطقة نظيفة وهادئة نسبيّا رغم وجود عدد من المحال التجارية. ونمر به نهار فلا نكاد نشعر بأهله وقاطنيه على عكس ليله المنير والصاخب صخب الشوارع العامة المليئة بأماكن الترفيه “اللاشرعية”. لكن مقاهيه لا تجمع الجنسين، هو شارع للرجال والشبان فقط.

ويتميّز الشارع بتكريس أماكن خاصة لمتابعي المباريات الرياضية العالمية والمحلية، وخاصة كرة القدم. اضافة الى مجالس العزاء، وعمليات طبخ الهريسة، وسوق بلدية حارة حريك السنوي..

وللشارع ميزة ايجابية هي انتشار دور نشر، أكثر من غيره، وان كانت هذه الدور دينية الطابع وشيعية الهوية.

هذا الشارع الشهير، والذي باتت السيارات تمرّ فيه بهدوء، صار عالم مصغّر عن “وسط البلد”، مع حرص على مراعاة الامور الشرعية والإسلامية في ادق تفاصيلها. حيث يشبه دولة حزب الله المصغرة جدا، او “الميكرودولة”.

إقرأ ايضا: مين هيّ ضاحية بيروت الجنوبية وشو تاريخها؟ (1)

حيث كان هذا الشارع هو الساحة السياسية التي يلقي فيها الأمين العام لحزب الله خطاباته قبل ان يصبح ضيفا دائما على الشاشة. و لاتزال الصور تتحدث عن حضوره الى اليوم، وان تغيّرت معالم الابنية بعد ان طورتها “شركة وعد” نحو الأجمل. لكن بقيت الشجرة الباسقة وسط الشارع هي نفسها، ولم تمت كدلالة على الحياة فيه.

كان، قاطنه الاشهر، ينزل على الأرض ميدانيا، ومباشرة امام الجمهور، دون أي حاجز، فيبدو للجمهور كمن دخل معركة، لأن القائد، عادة، يحرم جمهوره من الظهورات المتكررة ليبقى رمزا سحريا لهم.

إقرأ ايضا: كثرة اليافطات والأعلام لـ«حزب الله» وأمل!!

ولكن بعد حرب تموز 2006 تغيّر الأمر، وفقد الشارع سحره من خلال تغيّر هويته السياسية، وقيمته المعنوية، الا ان اهله وسكانه يحاولون الابقاء على هويته من خلال تذكير البعض  بمجموعة من قاطنيه المرتبطين بحزب الله كعائلة مغنية مثالا.

ويحاول الكل السكن بين جنبيه، ليكون من جيران السيد، ولو بمفعول رجعي. انه شارع الشورى الشهير.

السابق
خطر يهدّد مطار بيروت بعد مزاعم استخدامه لتهريب أسلحة لحزب الله
التالي
ابي خليل بعد اقرار اللجان قانون البترول: خطوة كبيرة جدا