أزمة تأليف الحكومة تفتح «معركة الصلاحيات» بين الرئاستين الأولى والثالثة

الحكومة اللبنانية
أعاد رفض رئيس الجمهورية للتشكيلة الحكومية "المبدئية" التي قدمها الحريري يوم (الإثنين) الأمور إلى المربع الأول وزادها تعقيدا.. مع فتح معركة الصلاحيات مجددا وإجماع رؤوساء الحكومة السابقين على رفض المسّ بصلاحيات الحريري.

جاء الأول من أيلول بعكس طموحات رئيس الجمهورية ميشال عون للخروج من النزيف الحاصل في عملية التأليف الحكومي، والزيارة التي كانت مرتقبة للرئيس المكلف سعد الحريري لبعبدا وتقديمه تشكيلته التي ووجهت برفض رئيس الدولة زادت الأمور تعقيدا وانعكست تصعيداً في المواقف لدى كل الأطراف المعنيين، ما أوحى أن التأليف دخل الثلاجة مجددا وما دفع المعنيين بهذا الملف إلى توقع مواعيد جديدة للتشكيل قد تتجاوز رأس السنة الجديدة بحسب “النهار”‎.

إقرأ ايضًا: ماذا بعد تشدّد الرئيس عون ورفضه لتشكيلة الحريري الوزارية؟

 

وفيما إبتعد  الرئيسان عون والحريري عن التصعيد لابقاء خط التواصل قائماً في الإتجاهين تحدث الوكلاء. فلم يكد بيان المكتب الاعلامي لرئاسة الجمهورية يصدر، مشيرا الى ان لرئيس الجمهورية ملاحظات على التشكيلة ‏ التي قدمها الرئيس المكلف حتى انطلق هجوم مضاد في اتجاهين الاول طرق باب الصلاحيات من جديد ‏عبر عنه بيان كتلة المستقبل وبيان ثان اصدره رؤساء الحكومة السابقون نجيب ميقاتي، وفؤاد السنيورة وتمام ‏سلام، معتبرين انّ إشارة بيان الرئاسة الى الأسس والمعايير التي كان قد حدّدها ‏رئيس الجمهورية لشكل الحكومة “إنّما هي إشارة في غير محلها لأنها ‏تستند الى مفهوم غير موجود في النصوص الدستورية المتعلقة بتشكيل ‏الحكومات في لبنان‎”.‎
وقد فتح “التيار الوطني الحر”، عبر اجتماع تكتل “لبنان القوي” الذي يتزعمه الوزير جبران باسيل النار على صيغة ‏الرئيس الحريري، ووصفها بأنها لرفع العتب، مع حرصه على الإشارة إلى انه يريد حكومة، ولكن غير مستعد ‏ليكون شاهد زور دستورياً وديمقراطياً‎.‎

والمثير للانتباه، بحسب “اللواء”  ما نسبته محطة‎ O.T.V من ان النائب إلياس أبو صعب، قوله ان “رئيس الجمهورية الذي سبق وحدد الأوّل من ايلول حداً فاصلاً، أعلن (أي ‏الرئيس) انه لن يرضى المماطلة، وإلى ان الاتجاه هو نحو البدء بعدد من الخطوات في هذا الاتجاه”، أي رفض ‏المماطلة‎.‎

وأشارت “الجمهورية” ‏إلى أنه لم يعرف ما اذا كانت المسودة قابلة للنقاش والتعديل، ام انها ‏رُدّت كلياً من قبل رئيس الجمهورية، ‏علماً انّ ما رشح من قصر بعبدا واوساط سياسية يفيد انّ عون ‏رفض هذه التشكيلة برمّتها. ما  دفع رئيس مجلس ‏النواب نبيه بري ‏الى التعبير عن عدم ارتياحه، مؤكدا انه ما زال ‏عند إصراره على “ان يعمل مجلس النواب بمعزل عن موضوع ‏تأليف الحكومة”.

وكرر الحريري امس تأكيده ان التشكيلة الوزارية التي يعمل عليها “ليس فيها ‏منتصر أو مهزوم، وهي تراعي صفات الإئتلاف الوطني وتمثيل القوى الرئيسة ‏في مجلس النواب، وتؤسس لفتح صفحة جديدة بين أطراف السلطة ‏التنفيذية. وشدد ‏على “انّ معايير تأليف الحكومات يحددها الدستور والقواعد المنصوص عنها ‏في “اتفاق الطائف”، وأيّ رأي خلاف ذلك يبقى في إطار الإجتهادات  والمواقف التي توضع في تصرّف الرئيس المكلف. وأكد ان “لا ‏داعي لإثارة الالتباس والجدل مجدداً حول امور تتعلق بالصلاحيات الدستورية، ‏خصوصاً انني متوافق مع رئيس الجمهورية على الآليات المعتمدة وفقاً لما ‏يحدده الدستور”.‎
ويبدو أن ما لم يقله الحريري بشكل علني، قاله الرؤوساء ‏السابقون للحكومة: نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام. حيث اكد هؤلاء، في بيان رداً على البيان الصادر عن ‏مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية. وقد ردّت مصادر وزارية قريبة من بعبدا بالقول انّ “البيان اشار الى مواد دستورية مهمة ‏وصريحة، لكنه تجاهل مواد أخرى بارزة وتوازيها أهمية. وهي تتصل بطريقة ‏تأليف الحكومة وتلك التي تحدد صلاحيات رئيس الجمهورية، وتحديداً المواد 49 ‏و50 و53. فهي مواد لا يمكن لأحد التنكّر لمضمونها، خصوصا لجهة وضوحها ‏”.

أكدت المصادر نفسها “انّ للملاحظات التي أبداها على مسودة الحريري عون ليست من عدم، من حيث  العدالة والتوازن ورفض التهميش..”‎
وفي التفاصيل ، أضافت المصادر ، انّ التشكيلة افتقدت الى التوازن في توزيع ‏حقائب الخدمات، فأعطت كتلة “الجمهورية القوية” حقيبتين وكتلة “لبنان ‏القوي” حقيبة واحدة على رغم انها تنتشر بنوابها على 15 دائرة انتخابية ‏وتنتشر الأولى على 12 دائرة، وأعطت حقيبة خدماتية لكتلة “المردة” وهي ‏من 3 نواب وواحدة لـ”المستقبل” التي تجمع 19 نائباً. وحرمت كتلة “التنمية ‏والتحرير” من حقيبة خدماتية وأعطتها واحدة سيادية على رغم من انها ‏تجمع 17 نائباً، ولم تعط كتلة “الوفاء للمقاومة”” حقيبة خدماتية على رغم ‏انها تجمع 13 نائباً‎.

إقرأ ايضًا: عون يُفشل صيغة الحريري السريّة لتشكيل الحكومة ويردّها للتعديل‎

وعلى مستوى “وزارات الدولة” فقد تم توزيع 3 منها على كل من السنّة ‏والشيعة والدروز، وأعطت الوزارات المسيحية الثلاث لـ”لبنان القوي” ورئيس ‏الجمهورية وحجبتها عن تكتل “الجمهورية القوية”، وهو ما يعبّر عن حجم ‏اللاتوازن فيها. ولا يخفى على احد انها حصرت الحقائب الدرزية الثلاث بطرف ‏واحد هو الحزب التقدمي الإشتراكي وحجبت الحقائب نهائياً عن السنّة من ‏خارج “المستقبل‎”.‎

السابق
ريفي: نؤكد وقوفنا إلى جانب الحريري في التمسك بصلاحيات رئاسة الحكومة
التالي
جعفري: ​سوريا​ و​لبنان​ و​اليمن​ و​فلسطين​ اختارت نهج ​المقاومة​ لتحديد مصائرها