إلى متى ستصمد السويد أمام العنصرية والتطرف اليميني

تتجه الأنظار إلى السويد يوم التاسع من أيلول المقبل، موعد إجراء الإنتخابات البرلمانية في البلاد والتي تشير جميع الدلائل إلى أنّ الحزب اليميني المتطرف "ديمقراطيو السويد" سيحقق نتائج تاريخية فيها.

المشهد السياسي السويدي اعتاد مؤخراً على حصول الحزب اليميني المتطرف على المركز الثاني في أغلب استطلاعات الرأي، متفوقاً بذلك على باقي الأحزاب اليمينية المعتدلة كالتحالف البرجوازي المعارض. إلاّ أنّ الصحف السويدية تشير إلى أنّ الانتخابات المقبلة ستحدث صدمة ما لم تتنبه الأحزاب الكبرى إلى شعبية الحزب اليميني المتطرف المتصاعدة بشكل صاروخي قبيل الانتخابات. ودعمت أقوالها بآخر نتيجة إحصائية قام بها معهد يوغوفس، وحصول الحزب على المركز الأول بنسبة 26% متجاوزاً للمرة الأولى الحزب اليساري الأكبر الاشتراكي الديمقراطي الحاكم ببضع نقاط.

أكبر الأحزاب السويدية هما الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الحاكم حالياً مع كتلته الحمر الخضر بنسبة مجتمعة تصل إلى 43.7%، وحزب المحافظون مع تحالفه البرجوازي بنسبة 39.3%، والجالسون على مقاعد المعارضة. ما عدا تلك المجموعتين الكبيرتين في البرلمان، تنشأ العديد من الأحزاب الصغيرة الأخرى منفردة. من تلك الأحزاب الصغيرة نشأ الحزب اليميني المتطرف “ديمقراطيو السويد” الذي استطاع في الانتخابات السابقة الحصول على نسبة 12.9% مع توقعات بأن يخرق أكبر الأحزاب السويدية في الانتخابات المقبلة والحصول على النسبة الأكبر كحزب منفرد خارج الكتل البرلمانية.

وبغض النظر عن نتائج الانتخابات المقبلة فإنّ الحزب اليميني المتطرف “ديمقراطيو السويد”، أصبح جزءاً جوهرياً من الحوار السياسي في البلاد بعد أن كانت بدايته كحزب هامشي. و استطاع في السنوات الماضية أن يعكر صفو كتل القوى التقليدية الكبيرة في السياسة السويدية. وفي حين يبدو حزب ديمقراطيو السويد، بطرق عديدة، مشابهاً للأحزاب اليمينية الأخرى المناهضة للهجرة والاجانب التي تنشأ حول أوروبا في فرنسا والمانيا وايطاليا والدانمارك، فإنّ الوضع في السويد مختلف حيث أنّ الأحزاب السويدية الأخرى والرئيسية في البلاد تتجاهل وجوده إلى حد كبير وترفض مشاركته في تشكيل الحكومة الجديدة رغم احتفاظه بتأثير سياسي كبير.

إقرأ أيضاً: «الترامبية» تُنعش أحزاب اليمين المتطرف في الغرب

موقف حزب “ديمقراطيو السويد” حول تشكيل الحكومة ما زال مبهماً وقال أنّه ينتظر نتائج الانتخابات ليعلن الجهة التي سيدعمها٫ الاشتراكي الديمقراطي الحاكم أم المحافظين المعارض. النسبة التي سيحتكم اليها “ديمقراطيو السويد” ستخوله دعم القرار الحكومي الذي يراه مناسباً في حال لم يتم الاتفاق مسبقاً بين أكبر مجموعتين برلمانيتين مثلما حصل عندما أعلن الاشتراكي الديمقراطي والمحافظين تبنيهما سابقاً رؤية واحدة تجاه مسألة الهجرة للوقوف بوجه قرارات الحزب اليميني المتطرف.

النسبة الكبيرة من أصوات الناخبين هي من تدفع بالأوساط السياسية إلى التركيز على “ديمقراطيو السويد” ووضعه تحت المجهر دون غيره من الأحزاب العنصرية الناشئة الأخرى مثل حزب “البديل للسويد” وحركة “مقاومة الشمال النازية” التي لا تنفك عن إقامة تجمعات تظاهرية في مختلف المدن السويدية لكسب الدعم وتوثيق مكانتها بين الناخبين، وآخر تلك التجمعات كانت في وسط العاصمة ستوكهولم يوم السبت الفائت حيث جوبهت بتظاهرات مضادة رفضاً للعنصرية والتطرف.

نجاح الحزب اليميني المناهض للأجانب في السويد يفتح الباب واسعاً بشأن مستقبل الاتحاد الاوروبي بعد أن أعلن رئيس الحزب يمي أوكيسون، مؤخراً أنّه يريد اجراء استفتاء بعد الانتخابات البرلمانية حول الخروج من عضوية الاتحاد أسوة ببريطانيا. ليس هذا فحسب بل أنه في آخر تصريح للحزب اليميني، أشار إلى أنّه يريد أن تتوقف السويد عن استقبال اللاجئين القادمين عن طريق الامم المتحدة واضعاً الكثير من علامات الاستفهام حول خططه للاجئين الحاليين في السويد والذي تفوق أعدادهم الآلاف.

إقرأ أيضاً: أفول‭ ‬اليسار‭ ‬التقليدي‭ ‬وأزمة‭ ‬اليمين

الخطر الأكبر لتلك الأحزاب العنصرية يكمن في قدرتها على تحديد سياسة البلاد مستقبلاً وتحويل قرارات السويد من الصالح الإقليمي الأوروبي إلى النزعة القومية الضيقة. السويد تتحدى قدرتها على الصمود بوجه التنامي المستمر للأحزاب اليمينية العنصرية في الانتخابات المقبلة، وستبقى في ذاك التحدي لحين صحوة الناخبين من خطر العنصرية على البلاد وخطر القوقعة الذاتية على مصالحهم.

السابق
السيد: أنها لعنة رفيق الحريري، وعدالتنا ستكملها
التالي
 شر البلية ما يضحك