شكل الدولة يقف عائقاً أمام التحالفات العربية والغربية

هل نشهد تبدلاً في واقع الاتفاقيات العسكرية والأمنية بين الغرب والأنظمة العربية؟

الاختلاف في بنيان دولة المؤسسات لدى الغرب واستراتيجية الدولة ذات الحاكم الأوحد في غالبية دول الشرق الأوسط (العربية خصوصا)، خلق فجوة في التفاهمات بين الجانبين تجلت إبان الأزمة الأخيرة بين كندا والسعودية.

فالاتفاقيات العسكرية والدفاعية الغربية مع الدول العربية تضاعفت منذ إعلان الحرب على الارهاب، وذلك إسوة باسرائيل الرائدة في مجال طلب الأسلحة من الغرب بحجة القضاء على ما تسميه “الارهاب”. هذا التطور يؤكده عالم الأسلحة بيتر ويزمان عقب إصدار معهد أبحاث السلام السويدي تقريره، إذ يشير إلى أنّ واردات الأسلحة في الشرق الأوسط زادت إلى أكثر من الضعف على مدى السنوات العشر الأخيرة.

وفي هذا السياق، تذكر التقارير الأوروبية أنّ الاتفاقيات بين الغرب والأنظمة العربية توسعت لتتعدى الدفاعات العسكرية المتطورة مثل طائرات “غريبين” السويدية ومدرعات “باتريا” الفنلندية.

أكثر من ذلك، فقد باعت بريطانيا مؤخراً دولاً عربية نظام “ايفيدنت” الدانماركي عالي التكنولوجيا الذي يتيح خاصية التجسس على محادثات ورسائل المواطنين السرية، بعد أن كانت الدانمارك، وقبل أن تحظر النقاب وتسن قوانين غيتو العنصرية، معروفة باعتبارها واحدة من اكثر البلاد تمتعاً بالحرية والليبرالية واحتراماً للحرية الفردية، وحريصة على عدم سقوط أدواتها التكنولوجيا المتطورة في الأيادي الخطأ لكي لا تستخدم بطريقة خاطئة… لكن الحرب على الارهاب كانت دافعاً قوياً لاتمام الصفقة.

الصراعات واسعة النطاق في الشرق الأوسط والمخاوف من انتهاكات حقوق الإنسان أديا إلى جدل سياسي حاد في أوروبا الغربية حول ضرورة كبح توريد الأسلحة ونظم التجسس على المواطنين. جدل تنامى ظهوره مؤخراً عقب البرنامج الوثائقي “مراقبة أسلحة الدمار” على قناة “بي.بي.سي” البريطانية، حيث بدا جلياً أنّ الأنظمة العربية تستخدم هذه الاسلحة المتطورة في عمليات عسكرية ضد المدنيين في صراعات مثل سوريا واليمن وليبيا.

إقرأ أيضاً: بعد الصفقة «الأميركية- السعودية».. صفقة قطر تثير تساؤلات!

الانتقادات الغربية طالت أيضاً القمع الممارس بحق مواطنين أبرياء من تهم الارهاب في الدول العربية، وأخذت الصحف الغربية تلوم حكوماتها على ازدواجية المعايير في كيفية مدّ هذه الانظمة بالأسلحة ونظم التجسس ولومهم بعدها على سوء استخدامها.

السويد بشخص وزيرة خارجيتها مارغوت فالستروم٫ كانت أول المنتقدين لانتهاكات المملكة العربية السعودية بحق الناشطين في حقوق الانسان، ثم تلتها ألمانيا وآخرها كانت كندا التي ما أن انتقدت الرياض حتى قطعت الاخيرة كامل علاقاتها الدبلوماسية مع اوتاوا واوقفت كل الاتفاقيات المشتركة.

محللون كثر، يرون أنّ خيوط الخطأ بدأت عندما لم ينتبه الغرب إلى أنّ الدول العربية لا تملك مفهوم حكم المؤسسات نفسه الموجود في أوروبا. وأنّه من البديهي أن تستخدم الأنظمة العربية جميع امكاناتها لتحمي هياكلها الداخلية في ظلّ وضع أمني يتطلب سياسة مختلفة عن السياسة الرخوية في اوروبا.

إقرأ أيضاً: سوق الاسلحة الثقيلة في الشرق الاوسط يزدهر منذ العام 2015

المطالبات بتغيير الاتفاقيات العسكرية والأمنية بين الغرب والأنظمة العربية تتصاعد، إذ اشار مؤخراً رئيس المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية في بروكسل مارك ليونارد، إلى أنّ وضع السياسة الخارجية في أوروبا مهدد من قبل عالم متغير، وأنّ مقاومتها للأنظمة القمعية مهددة ايضاً بالفشل.

الصراعات السياسية بين الدول الغربية والأنظمة العربية تحتاج إلى إدارة سريعة وعميقة للأزمات تهدف إلى تقريب وجهات النظر ولملمة التباين الذي يتوسع بين النظم السياسية في الدول العربية وفكر الغرب الذي أرسى أشهر الديمقراطيات في العالم نتيجة خبرة راكمها في هذا الشأن بعد سيرورة أوصلته إلى هنا… فهل ينجح الطرفان في ذلك؟

السابق
الأمن العام اللبناني يوضح الفيديو الذي يظهر أشخاصاً يتوجهون بشكل مباشر إلى الطائرة
التالي
«إدلب» مصيرها بين الحلّ العسكري أو التوافق الروسي- التركي