«إدلب» مصيرها بين الحلّ العسكري أو التوافق الروسي- التركي

"عقدة ادلب" أو معقل المعارضة الاخير تنتظر الحل وسط تجاذبات سياسية، اقليمية ودولية مع استعدادات عسكرية ولوجستية مكثفة للقوات السورية، والقرار الحاسم في 12 ايلول المقبل

تتزامن المشاورات المكثفة بين  موسكو وانقرة والتنسيق الاستخباري على اعلى المستويات  الامنية بين البلدين، حول ما بات يعرف بـ”عقدة ادلب” مع دعوة المبعوث الاممي الى سوريا ستيفان دي ميستورا ممثلي الدول الضامنة لاتفاق استانة، الى اجتماع في جنيف للبحث في هذا الملف والانتهاء منه قبل نهاية الشهر المقبل، على ان يتم الاعلان عن الموعد المقبل للاجتماع الثالث بين قادة الدول الضامنة في طهران في وقت لاحق.

 

وفيما يتفق الجانبان الروسي والتركي على تجنيب البلدة ومحيطها معركة واسعة تكون نتائجها كارثية انسانيا بحيث قد تتسبب بمقتل الملايين من المواطنين ونزوح اكثر من 3 ملايين اخرين، يُجمع المراقبون ان روسيا تحاول في المدى القريب وضع حد للنفوذ الاميركي من خلال تواجده في شرق سوريا، والذي بدوره يهدد قدرة بوتين على التفرد بملف الازمة ومستقبل سوريا السياسي، لذا فإن بوتين يشدد على عدم خسارة اردوغان ذلك ان الزعيم التركي بات حليفا استراتيجيا في الشرق الاوسط وفي حلف شمال الاطلسي “الناتو”.

35 ألف مقاتل من الجيش الحر سيدافعون عن إدلب.. وتصريح الجولاني تضليلي

ويرجح المراقبون كذلك دعم بوتين للهجوم الايراني – السوري على ادلب من خلال تأمين الغطاء الجوي وتوفير المعلومات الاستخبارية، تفاديا للاصطدام مع الجانب التركي.

 

مصدر عسكري سوري رفيع  افاد لـ”جنوبية” ان ” معركة ادلب مرتبطة باتفاق استانة وفشل التركي بتنسيق الامور والتوصل الى اتفاق مع دمشق وموسكو وخاصة فيما يتعلق بفصل المجموعات الارهابية عن باقي الفصائل المسلحة، ما يجعل من المعركة حتمية، خاصة وان مهلة انتهاء عمل نقاط المراقبة التركية في ادلب محددة حتى 12 ايلول المقبل، ويتوقع بدء المعركة مع انتهاء تلك المهلة”.

 

واضاف المصدر” بالرغم من تواجد اكثر من 50 فصيل مسلح ابرزها “هيئة تحرير الشام” (النصرة سابقا) اضافة الى نوع من الفصائل الجهادية ومنها “جيش البادية” و”جيش الملاحم” والجيش التركستاني الاسلامي، تتنافس فيما بينها وسط عمليات تصفية لقادتها، وبالرغم من محاولاتها لبسط سيطرتها ومواجهة القوات السورية من خلال شن حملات معاكسة الا انها مفككة وكل طرف يعمل بمفرده” مضيفا “يقاتل ضمن تلك الفصائل ايضا اعداد من الايغور المسلمين ترفض الصين عودتهم مع عائلاتهم كغيرها من الدول الاخرى التي سلحت فصائل اخرى لما يشكلونه من تهديد وخطر امني على مجتمعاتها”.

مصير إدلب على نار حامية… والكلمة الأخيرة لتركيا

واذ يؤكد المصدر” حتمية  قتال جبهة النصرة  خصوصا بعد تصريح ابو محمد الجولاني الاخير بالفيديو ودعوته الى القتال وعدم تسليم السلاح” اشار المصدر  الى ان ” استعدادات الجيش السوري اصبحت مكتملة مع انتقال قوات برية وجوية الى مواقعها الميدانية الجديدة على تخوم إدلب استعدادا لاقتحامها وتحريرها، كما جرى تمركز القوات السورية في نقطتين مهمتين في شمال شرق حماة “ابودالي” وفي ريف اللاذقية الشمالي، وتشارك في الاستعداد للمعركة قوات من الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري والفرقة السادسة، كما سيتم الاعتماد على قوات “النمر” وهي مدربة ومجهزة بأسلحة نوعية وحديثة، وستكون المساندة الجوية والصاروخية من الطائرات الحربية الروسية حاسمة، اضافة الى اطلاق صواريخ كاليبر المجنحة من البحر”.

 

واكد المصدر ” الهدف الاول سيكون سيطرة الفرقة الرابعة على بلدة “كباني”الاستراتيجية المتاخمة لريف إدلب شرقاً وهي جبال وعرة تطل على جسر الشغور وسهل الغاب وتشكل نقطة حاكمة عسكريا ولوجستيا، بعد ذلك سيتم العمل على محاصرة ادلب من جميع الاتجاهات والعمل على دخول القوات السورية الى قلب المدينة وتحريرها”.

 

بالمقابل، الدكتور في العلاقات الدولية خالد العزي قال لـ”جنوبية” ان ” ادلب هي المحافظة  الاخيرة خارج سيطرة النظام، وهي منطقة خاضعة لتفاهمات تركية – روسية، بحيث تريد الاخيرة إنهاء وجود جبهة النصرة هناك عسكريا او بالتفاهم مع تركيا على حلها، عكس النظام السوري وإيران اللذان يحاولان السيطرة عليها عسكريا وتخطي دور روسيا وإجبارها على الالتحاق بهما”.

 

واضاف العزي” لكن تركيا موجودة ولها قدراتها العسكرية التي شاهدناها سابقا في تحرير مناطق من الاكراد بالتعاون مع روسيا وأميركا، لذلك فإن  روسيا لا تريد ادخال نفسها في أزمة مع تركيا التي تغطي لها دورها السياسي والعسكري بالاضافة الى حالة التوتر التي تعيشها العلاقات التركية الأميركية والتي تحاول روسيا الاستفادة منها، فموسكو تعترف بالنفوذ التركي في الشمال السوري الذي يحظى بغطاء شعبي، عكس الوجود الروسي والايراني، اضافة لوجود ثلاثة ملايين نازح سوري في تركيا، ولكن الأهم ان الاخيرة ترعى فصيل كبير من الجيش الحر الذي يشكل لها غطاء في عملية تواجدها في شمال سوري “.

كرّ وفرّ في إدلب وقوات المعارضة تصمد وتستعيد ما خسرته

واكد العزي ان “روسيا تحاول استخدام الضغط العسكري على ادلب وبنفس الوقت تحاول إيجاد تفاهم مع تركيا للسيطرة على ادلب وإيجاد نوع من التنسيق بين الجيش الحر والنظام في الحرب ضد النصرة”، مضيفا” الروس يحاولون التوصل الى تفاهمات سياسية بواسطة الضغط العسكري، خاصة بان التهديد الثلاثي التي وجهته الدول الثلاثة ( اميركا وفرنسا وبريطانيا ) لنظام الاسد له وجهان، الاول انهم ليسوا ضد الحل في ادلب ولكن اذا استخدم الاسد السلاح الكيماوي سيتعرض لضربة موجعة، وهذا ما تحاول تضليله وسائل الاعلام الروسية بترويجها أن خبراء بريطانيين يدربون الإرهابيين على اطلاق هجمات كيميائية تدفع المجتمع الدولي لشن حرب من اجل احباط التسوية الروسية وهذا يعني استباق اي عمل عسكري قد يقوم به نظام الاسد وايران”.

 

وختم العزي “خلال  اجتماع المستشارة الالمانية  انغيلا ميركل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاسبوع الماضي، أعلنت صراحة أنها لن تسمح بتدخل عسكري في ادلب وارتكاب المجازر الكيماوية، اذا هذا الوضع القائم في ادلب سوف يجبر الروس على التوصل الى تسوية مع تركيا للسيطرة على ادلب بالتوافق معها، وإعادة مؤسسات النظام اليها وهذا يعني تسوية سياسية مرتبطة بغطاء عسكري متصاعد بالتهويل والضغط لان روسيا امام أزمة فعلية في عملية الحل”.

السابق
شكل الدولة يقف عائقاً أمام التحالفات العربية والغربية
التالي
في ردّ «بارد» على الكلام الصاخب لنصر الله.. المشنوق: ولّى زمن الانتصارات