سكان قرى قضاء الزهراني وروائح النفايات وحرقها: الحل بعد 3 سنوات!

يكفي ان تمّر على اوتوستراد الزهراني - صور، او بالعكس صور - الزهراني، لتختنق جرّاء الروائح الكريهة التي تزكم الأنفاس، وان كان من يعبر في عطلة نهاية الأسبوع مجبر على تحمّل هذه الروائح الكريهة، فما بالنا بالقاطنين هناك في المنطقة صيفا شتاء"؟

خلال زيارة الى القرية، يتنشق الزائر الأسبوعي كمّا هائلا من الروائح المنبعثة من الحرائق المشتعلة ليلا على طول خط اتوستراد الزهراني- صور.

إقرأ ايضا: سرقات ودعارة في ساحل الزهراني وغياب أمنيّ فاضح

العتمة ليلا لا تكفي لعرقلة سير السائقين على الاوتوستراد الدولي المُطفّىء أصلا منذ إنشائه، ووقوع الحوادث المُميتة، والتي لجأ البعض الى اتهام مهندسي الاتوستراد، بل اضيفت الى هذه المشكلة الروائح الكريهة المنبعثة من المكبّات المشتعلة ليلا بدء” من جسر الزهراني الى  القاسمية على الساحل الجنوبي لمدينة صور.

فالبلديات، ترمي نفاياتها سرّا، وتشعل النار فيها خوفا من تراكمها لتصبح جبلا، ولكن الخوف من الحرارة والإنبعاثات، يجعل التهمة تقع على عاتق بعض العاملين على جمع الحديد والألمنيوم، بحجة عدم قدرة البلدية على الردع.

مع الاشارة الى ان الاتحاد يتكون من البلدات التالية، هي: البيسارية، والبابلية، وانصارية، وتفاحتا، والخرطوم، والسكسكية، والصرفند، وعدلون، والعدوسية، والغسانية، وقعقعية الصنوبر، وكوثرية السيّاد، واللوبية، والمروانية، والنجارية.

كل بلدة  من هذه البلدات تجمع نفاياتها في مكب ما في البلدة. فما هي نسبة الانبعاثات التي تطير في الجو جراء هذه النفايات، خاصة اذا حرقت إذن؟

وفي اتصال مع رئيس بلدية البيسارية، نزيه عيد، لتوضيح سبب هذه الادخنة التي تعمي العيون ليلا، وان كانت تنفع السائرين ليلا بسياراتهم حيث تضيئ نار النفايات الطريق امامهم، مخففّة عنهم بعض الحوادث جراء الدخان، قال لـ”جنوبية ” ان “المكبّ في البلدة بات كبيرا جدا، فنحن نجمع 35 طن يوميا من البلدة،  مع اننا نفرز ما نفرزه من بلاستيك وكرتون وزجاج، ونرسلهم الى جمعية “شعاع البيئة” في الصرفند، التي تعمل على اعادة تدويرهم”.

و”الرائحة، كما يؤكد عيد على كلامنا، غير طبيعية، وحدث أنها كانت ليلة العيد قوية جدا، لان المكب يتنّفس، ولكننا لا نحرق، بل نطمر في جورة على عمق عشرة امتار، وكل فترة نطمر كمية محددة”.

ويضيف، نزيه عيد، بالقول ” كان عندنا مكب قديم، وكان يتم الرمي فيه دون فرز، وهو مكبّ مخصص للبلدة فقط. لكنه لم يعد يتسع للكم الهائل للنفايات، خاصة انه يقيم في البلدة 8000 سوري، فنفاياتهم وحدها تحتاج مكبّا”.

وأشار عيد، الى ان “وزارة البيئة لا تساعد، اما وزارة الداخلية فتساعد بحسب عدد النفوس المسجّل لديها، لا بحسب عدد المقيمين. فخدمة النفايات تحتاج مبلغا كبيرا، ولا تدفع لنا وزارة الداخلية سوى 25 مليون ليرة شهريا”.

ويشدد عيد، على ان “أزمة النفايات أزمة وطنيّة، تمتد على مساحة الوطن ككل، لذا سعينا الى اقامة معمل فرز للنفيات في خراج بلدة المروانية، بالتعاون مع  صندوق الأمم المتحدة الانمائي، وخلال 3 أو4 سنوات سيتم تركيبه”.

من جهة ثانية، يؤكد، رئيس اتحاد بلديات ساحل الزهراني، علي مطر لـ”جنوبية” قائلا: “الحرائق تشتعل علنا، وليس بالخفاء في بعض المناطق، وليس الامر بخفيّ على أحد خاصة ان بعض جامعي الحديد، والتنك، والالمنيوم، يقومون ليلا بحرق النفايات من اجل كمية معادن لا يصل ثمنها الى بضعة دولارات”.

ويشرح بالقول “المكب يضم نفايات سريعة الاشتعال، مما يوّلد انبعاثات مضرّة في الجو. فكل قرية فيها مكب ومحرقة، واذا كان المكب مليئا سيولد بالطبع انبعاثات، لذا الجمع والطمر ليسا بحل، ولكن الدولة اللبنانية لا تساعدنا. لكن هناك مشروع وعقد مع “الاتحاد الاوروبي” بالتعاون مع “منظمة ضد الجوع”، وهي منظمة عالمية تساعد البلديات بالتعاون مع هيئات محلية، للمساعدة على تنفيذ المشروع، وقد قدمت للمعمل 3 مليون و800 ألف يورو”.

ويلفت مطر الى ان “هذه الخطة سنعمل على اساسها، اي خطة الفرز والجمع، لذا من الان الى ذلك الحين سنعالج الحاضر بالحاضر من خلال المكبات. لذا لا يمكنني جمع كل نفايات بلديات الاتحاد في مكان واحد، لان كل بلدة ترفض كبّ نفايات البلدة الأخرى على ارضها، كما انه لا ارض تتسع لكل النفايات”.

ويتابع مطر، شارحا بالقول “حرائق مكب الغسانية مثلا تصل الى البابلية التي اعترضت على ذلك، بالمقابل اعترضت بلدية انصار، بشخص رئيسها علي فياض، على الروائح المنبعثة من مكب بلدة البابلية… وهكذا دواليك. فمن أجل بضعة دولارات يقوم البعض بحرق النفايات مما يسبّب انبعاثات تصل الى البلدات المجاورة”.

ويرى علي مطر، رئيس اتحاد بلديات ساحل الزهراني، انه “برأييّ يجب ان تعالج النفايات من خلال اقامة معمل فرز للنفايات واعادة تدوير المواد، وتحويل المواد العضوية الى سماد، وأما العضوية فتنظّم في مطمر صحي الى حين اكتشاف طريقة معالجة مناسبة، واذا لم يتم ذلك يمكن استخراج غاز الميثان منها، الذي يباع لأغراض أخرى”.

ويؤكد على انه “امامنا سنتين لتنفيذ المشروع، ولكن من الان وحتى ذلك الحين، نحن نستفيد كاتحاد بلديات من معمليّ الفرز في كل من منطقة “ابو الاسود” وبلدة “الصرفند” لتدوير النفايات، كالبلاستيك، والكرتون، والنايلون، والزجاج، وغيره، وتبقى نفايات الطعام هي التي ترمى في مكبات”.

لذا، يختم، رئيس اتحاد بلديات ساحل الزهراني، بالقول “يجب الفرز، فالفرز للمواد والعقل وليس للمواد فقط، اذ لا تزال بيوتنا تسير دون فرز، رغم قيامنا بحملات توعية عبر البروشورات والبانويات. كما وقعنا العقد مع الاتحاد الاوروبي، ويجب ان تسير الامور بشكل طبيعي، ونحن اليوم بانتظار تحويل العقار الخاص بالمعمل الى عقار جمهوري، هذا العقار الذي يقع في خراج إحدى بلدات الاتحاد، وضمن نطاقه”.

إقرأ ايضا: “البابلية” في الهوى والتاريخ: سريانية أم عراقية؟

كل هذه المشاريع تُطبخ على نار هادئة، الا ان نار النفايات وانبعاثاتها تقتل اطفالنا بسرعة وتلّوث هوائنا ومائنا وارضنا، ولا تنتظر الاجراءات القانونية ولا الرسمية ولا الدولية!

السابق
عرقلة تأليف الحكومة وشرط التطبيع مع سوريا
التالي
طارق المرعبي: كفانا معارك!