محمد العوطة: من حملة انسانية الى تسييس مقيت…

الطفل محمد العوطة يشغل مواقع التواصل الاجتماعي، وحملة تبرعات تدفع المعنيين بالتحرك.

ست سنوات والطفل اللبناني محمد العوطة يعاني من تجمع وعائي لمفاوي والتهاب الغدد الدرقية التي تؤدي إلى تضخم اللسان والدفع به إلى الخارج من عمر ثلاثة أشهر، فأمام العلاج والعمليات انسلبت طفولته وقدرة اهله من سماع كلمة “بابا” أو “ماما”، ليقف ضيق الحال امام علاج الطفل والعائلة، التي واجهت عدم اكتراث المعنيين وتحديداً نواب مسقط رأس منطقته (بعلبك الهرمل)، ليكون الخيار امامهم طلب النجدة من اهل الخير، لتنطلق بعدها حملة التبرعات بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ليتمكن جمهوري النجمة والعهد من جمع مبلغ 30,191,500 ليرة لبنانية خلال المباراة التي اقيمت يوم امس بين الفريقين، اضافة إلى حوالي 14 مليون ليرة التي تم جمعهم من قبل ناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

جهود الناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي دفعت المعنيين بتحمل المسؤولية وتوضيح ما جرى، فوزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال غسان حاصباني غرد عبر حسابه الخاص “تويتر” قائلاً ” منذ اكثر من شهر ونصف وتتابع وزارة الصحة ملف الطفل محمد العوطة حيث استقبلت اهله وتم شرح آلية العلاج في الخارج والاوراق المطلوبة والتي تتطلب موافقة مجلس الوزراء. وما زالت وزارة الصحة بانتظار استكمال عائلة الطفل العوطة الملف وتحديد كلفة العملية من الجهة المعالجة في الخارج”.

مؤكداً ان مكتبه تواصل مع اهل الطفل، قائلاً ” وفور استكمالهم الملف، ستحيله الوزارة للتوقيع من رئيس مجلس الوزراء، ونتمنى عدم استغلال المريض في وسائل التواصل الاجتماعي او في السياسة”.

إقرأ أيضاً: رسالة الى وزير الصحة الجديد غسان حاصباني

فيما اعلنت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الادارية في حكومة تصريف الاعمال عناية عزالدين في تصريح عبر حسابها الخاص “تويتر” انها ” “أنني تواصلت مع وزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال غسان حاصباني وأبدى كل تجاوب واستعداد لمعالجة قضية الطفل محمد العوطة خاصة وأننا وضعنا آلية في مجلس الوزراء للمعالجة في الخارج”، مشيرة إلى “اننا أعطينا رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري صلاحية التوقيع على هذه الملفات في مرحلة تصريف الاعمال نظرا لأهمية عامل الوقت”.

وامام ظواهر ونداءات الانسانية بما يخص حاجة بعض اللبنانيين، نظراً للاوضاع المادية الصعبة، والموت امام المستشفيات، وارتفاع كلفة الطبابة، اصبح المواطن اللبناني ينتظر “حسنة” من دول المجاورة.

وفي هذا السياق اكد مصدر في وزارة الصحة لـ”جنوبية” أن ” اهل محمد العوطة لجأوا إلى وزارة الصحة منذ شهر ونصف، حيث قلنا لهم انه يوجد آلية معتمدة من قبل الحكومة اللبنانية فيما خص اجراء عملية خارج لبنان، وطلبنا منهم إعداد الملف من أجل رفعه إلى مجلس الوزارء، ولكن مرَ شهر ونصف وانقطعوا عن التواصل مع الوزارة، ولجأوا إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على المبلغ”.

وفي سؤال حول سبب عدم تقديم الاوراق المطلوبة من قبل اهل الطفل، اجاب المصدر ” هو الاهمال، وهذه ليست المرة الاولى التي يحصل فيها ذلك”، مؤكداً انه ” لا يمكن اعطاء مبلغ دون تعبئة الملف ورفعه لمجلس الوزارء”.
وتمنى المصدر على اهل المريض ان “يتابعوا الخطوات المطلوبة منهم لتحضير ملفاتهم قبل اللجوء إلى التبرع”.

وفي سؤال اخير حول عدم تحرك المعنيين لولا رواد مواقع التواصل الاجتماعي، اكد المصدر أن ” الوزارة تحركت منذ شهر ونصف، ولكن الاهالي لم يستكملوا تعبئة الطلب المعتمد من قبل الدولة اللبنانية”.

ومن جهتها، أكدت الاعلامية ندى ايوب في حديث لـ”جنوبية” ان ” نتائج التبرعات كانت ممتازة، واثبتت ان الشعب اللبناني بإمكانه ان يساند بعضه البعض بعد تخلي كل من الدولة والمؤسسات”.

وأضافت أنه ” على رغم من ان النتائج كانت ايجابية ولكن التبرعات ليست هي الحل، بإعتبار انه تم مساعدة محمد ولكنه يوجد الف غير محمد يحتاج للمساعدة”.

إقرأ أيضاً: وزارة الصحة تسحب valsartan من السوق لاحتمال تسببه بالسرطان!

وتابعت أيوب أنه ” يجب ان يكون هناك ضغط شعبي انطلاقاً من قضية محمد من أجل تفعيل المؤسسات”.

وفي سؤال حول عدم استكمال تعبئة الملف من قبل اهل الطفل، أجابت ايوب ” اليوم ليس كل مواطن لديه قدرة استيعاب الآلية التي تفرضها الدولة، والتي تعتبر معقدة”، مشيرة إلى ان “والد الطفل قد اعلن انه لم يتم شرح الآلية المطلوبة بشكل واضح”.

وأكدت الاعلامية ندى ايوب في الختام انه ” يجب على الدولة اللبنانية ان تتعاقد مع مراكز طبية خارج لبنان وان يكون التعامل بين دولة ودولة، بإعتبار ان المواطن اللبناني ليس مسؤولا عن البحث على مستشفى خارج لبنان ومعرفة تكاليف الاستشفاء”.

غير ان حملة محمد العوطة تعرضت أمس لانتقاد بدعوى تسييسها وتطييفها، سرعان ما انجلت الحقيقة وظهر أن والد الطفل محمد هو من اختار ان يخضع لمنطق الجماعة والبيئة الطائفية التي يعيش فيها .

وفي التفاصيل انه وبمبادرة انسانية غرد القائم بالأعمال السعودي في لبنان وليد البخاري، عبر حسابه على “تويتر”، قائلاً:

“شعورٌ مِنَّا بالمسؤوليةِ أمامَ الحملةِ الإنسانيةِ المتعاطفةِ لإغاثة الطفل
#محمد_العوطة
مُبادرةُ #أُمنيةٍ تقدَّمتْ بمبلغ10,000$
كرسمٍ متبقٍّ من العلاج.

وبدلا من الترحيب بهذه المبادرة الانسانية من قبل الأهل، وشكرالسفير البخاري وفصلها عن السياسة كونها مبادرة غير سياسية ولا تشترط تأييدا من أحد لسياسة المملكة، جاء ردّ العائلة البقاعية التي يحكمها المنطق الطائفي والسياسي كما هو واقع حال بيئه حزب الله، أتى مخيّبا للآمال، فقد أعلن المسؤولون عن حملة التبرع للطفل محمد العوطة وبتكليف من أهل الطفل المريض ،حسب البيان السياسي، بتحويل المبلغ الى أطفال اليمن!!

وبذلك تكون الحملة قد سقطت دون قصد في حبائل الطائفية السياسية المقيتة التي تحكم بلدنا وتشوّه عقول ابنائه منذ سنوات طوال.

السابق
باسيل من موسكو يطالب بعودة النازحين قبل الحل السياسي
التالي
من المطار إلى الضاحية: سلطة حزب الله ترحب بالحوثيين!