استقرار لبنان على المحكّ: أميركا تلوّح بوضع «اليونيفيل» تحت الفصل السابع

لا يمكن الفصل بين طلب تجديد مجلس الأمن للقوات الدولية في جنوب لبنان وبين الظروف الإقليمية والدولية الدقيقة، والضغوطات التي تمارس من قبل واشنطن لتعديل مهام القوة الدولية وتوسيع صلاحيات هذه القوة لتصبح تحت الفصل السابع، فالتجديد لقوات "اليونيفل" يبدو انه يوظف في إطار المواجهة المفتوحة بين المحور الأميركي والمحور الإيراني.

يجري الحديث بمناسبة حلول موعد تجديد مجلس الأمن للقوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان «اليونيفيل» في 31 آب الجاري، عن طلب مقدّ من الأميركيين الى الجانب الفرنسي، يقضي بإدخال بعض التعديلات لتقليص المكون البحري التابع لـ”اليونيفيل”، مقابل تعزيز فعاليتها في مناطق عملياتها بحيث تكون أكثر حزما للتعامل مع مسألة تواجد عناصر من “حزب الله” وأسلحة تابعة له في منطقة عمليات “اليونيفيل تطبيقا للقرار “1701” الذي ينص على منع تواجد أسلحة أو مسلحين غير تابعين للسلطات الشرعية اللبنانية بين الخط الأزرق ونهر الليطاني، وقد يتك الإرتكاز في هذا الإتجاه أيضًا على الإعتداء المسلّح الذي حصل مؤخرا في بلدة مجدل زون جنوب لبنان على دورية إيطالية سلوفينية من القوة الدولية من قبل بعض الأهالي.

ولعل أبرز ما يؤكّد هذه السيناريوهات للإتجاهات الأميركية والضغط الذي سيواجهه لبنان الرسمي مع استحقاق تمديد مهمة «اليونيفيل»، الحراك المكثف لمسؤولين أمنيين دوليين قبل موعد جلسة مجلس الأمن في 31 من الشهر الجاري، فقبل أيام عقد اجتماع للجنة الإشراف العليا على برنامج المساعدات الأميركية والبريطانية لحماية الحدود البرّية اللبنانية برئاسة قائد الجيش العماد جوزاف عون، إضافة إلى الزيارة المرتقبة زيارة لوفد رفيع المستوى من “البنتاغون” الاميركي، برئاسة مساعد وزير الدفاع لشؤون الأمن الدولي روبرت كاريم، ومديرة مكتب لبنان آن بيرازن لمراقبة القرار1701.

مصدر اعلامي مطّلع أفاد “جنوبية” “أن هذه اللقاءات على صلة وثيقة بالتجديد لليونيفل وما يجري الحديث عنه من تعديل في مهامها من ناحية التشدد أكثر والالتزام بالقرارات الدولية، هو لسبب ان المنظمة الدولية وأعضاء مجلس الأمن يدركون جيدا أن الدولة اللبنانية غير قادرة على بسط سلطتها والإحاطة بنشاطات “حزب الله” خصوصا فيما يتعلق بإستحصاله على سلاحه، وهو ما يوضح بحسب المصدر الغاية الأميركية من الإصرار على توسيع نطاق عمل اليونيفيل ليشمل الحدود اللبنانية – السورية.

كما إستبعد المصدر “توسيع صلاحيات “اليونيفيل” لتصبح تحت الفصل السابع خصوصا أن الحكومة اللبنانية في مرحلة تصريف أعمال وهذا ما لا يجيز لها الموافقة على هكذا قرارات”.

العميد الركن الدكتور هشام جابر، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات، رأى في حديث لـ “جنوبية” أن “النوايا تجاه لبنان غير سليمة، فطلب توسيع صلاحيات “اليونيفيل” ووضعها تحت الفصل السابع يعني خلق أزمة في الجنوب في وقت أن الوضع مستقر، وتابع “القوات الدولية موجودة في لبنان منذ أربعة عقود من الزمن وطوال هذه الفترة لم تشكل قوة ردع بوجه المقاومة ولا بوجه إسرائيل خصوصا، بدليل كل الإعتداءات والحروب التي شنها العدوّ على لبنان في 1982، 1978، 1996 ولم يصدر من “اليونيفيل” أي ردة فعل علما أنها مشكورة تقوم بمهمات المراقبة”، مشيرا إلى إلى الموقف الرافض لرئيس الجمهورية من توسيع صلاحيات القوات الدولية الذي أعلن صراحة أنه يطلب تجديد مهمتها إلا أنه لا يقبل بإضفاء أي تغيير بمهامها إنطلاقا من كون الرئيس عون حريصا على السيادة اللبنانية”.

العميد الدكتور هشام جابر

كما لفت جابر إلى أنّه “لطالما كانت “اليونيفيل” متواجدة على الأراضي اللبنانية شمالي الحدود، وبعد عام 2006 أصبحت شمالا بعد الخط الأزرق دون التواجد على أراضي فلسطين المحتلة وتتعاون مع الأهالي والمجتمع المدني في لبنان والجيش لتأمين الإستقرار وتنفيذ القرار 1701، وتابع “فمن غير المنطقي إذا توسيع مهماتها ووضعها تحت الفصل السابع ما سوف يؤدي حتما وبشكل فوري إلى إصطدامها مع الأهالي لأنها سوف تقوم بدور “الشرطة” عبر التشدّد أكثر من خلال الدخول إلى المنازل للبحث والتحري تطبيقا لجميع بنود القرار”. مشيرا إلى أن “اليونيفيل لها حق عندما ترى عنصرا مسلحا من “حزب الله” بالإبلاغ وتوقيفه، لكن الحزب موجود جنوب الليطاني بشكل غير ظاهر”.

ورأى أن “مسألة التعرّض للقوة الدولية مؤخرا في بلدة مجدل زون هو سبب إضافي لرفض توسيع صلاحياتها كي لا تكون باب إصطدام جديد مع الأهالي” مذكرا “بحادثة مشابهة وقعت منذ 5 سنوات مع دخول القوات الدولية إلى احد المنازل في الجنوب للبحث عندها وقع إشكالا كبيار، وإنطلاقا منها لبنان ليس بحاجة لأزمة جديدة مع الأمم المتحدة ومع أيّ دولة”.

اقرأ أيضاً: الاصطدام مع «الأهالي» عشية التمديد لليونيفل: لبنان منصة أم دولة؟

وقال جابر “هو مطلب إسرائيلي بعدما فشلت جميع مخططاتها في الجنوب السوري مع إضطرارها للقبول بتواجد الجيش السوري في الجولان كما كان عام 1974 وكأنه لم يحدث أي حرب في سوريا، لذا تحاول إسرائيل أن تعوّض هذا الأمر جنوب لبنان عبر توسيع مهام “اليونيفيل” كي يصبع قوّة ردع لأي وجود مسلّح مع العلم أن الحزب موجود في كلّ مكان في الجنوب ولكن ليس بشكل ظاهر يتناقض مع القرار 1701″.

ختاما، إستبعد جابر أن “يتم توسيع صلاحيات “اليونيفيل” خصوصا أن لبنان لديه أصدقاء في مجلس الأمن وبالتالي يمكن أن يطلب منها دبلوماسيا عدم مجاراة أميركا وإسرائيل بهذا الأمر حتى لا نخسر الإستقرار في الجنوب و”اليونيفيل”.

السابق
ملف المحاكم الشرعية الجعفرية (4): شغور منصب الرئاسة وعدم قانونية التوكيل
التالي
الطائفة الأحمدية تحجز مكاناً لها على أثير المنار!