سلاح العقوبات الاقتصادية الأميركي بديل عن السلاح النووي!

ترامب
بعد انهيار العملات المتتالية للدول المعاقبة من قبل واشنطن وهي، ايران وتركيا وروسيا، هل نجحت اميركا بالحروب الاقتصادية بعد ان فشلت في الحروب العسكرية؟ وكيف سيتأثر النظام العالمي الاقتصادي؟

“الحرب الاقتصادية” هو عنوان المرحلة المقبلة في النظام العالمي، حيث يقود ترامب بجموح لا مثيل له معركة تغيير سلوك الدول المعادية له كما الحليفة ، وعلى رأسها ايران وروسيا وتركيا عدا عن دول اخرى مثل فنزويلا والصين من خلال عقوبات اقتصادية وفرض ضرائب ورسوم متصاعدة على البضائع والمواد المستوردة من تلك الدول، متسلحا في حربه بعملته الاقوى عالميا “الدولار”.

وشهدت تركيا مؤخرا بعد ان سبقتها كل من روسيا وايران انهيارات اقتصادية وتراجع حاد بسعر العملة اثار نقمة داخلية وتظاهرات عارمة في ايران، وحالة تململ وغضب في الشارع التركي ليظهر اليوم الرئيس التركي رجب طيب اردوغان متسلحا بـ”رحمة الله” مخاطبا شعبه!

اما في روسيا حيث التسليم الاميركي لبوتين بإدارة الازمة السورية بما يحمي مصالح اسرائيل اولا، جاء الرد من خلال تحذير رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف من ان اعلان حرب اقتصادية على بلاده من قبل واشنطن، امر يستدعي الرد بوسائل اقتصادية واخرى سياسية والاستعداد للأسوأ.

المحلل في الشؤون الدولية والاقليمية الدكتور وليد عربيد اكد ان ” الخبراء في العلاقات الدولية يعتبرون ان ترامب قد انتصر في ملف كوريا الشمالية بعد سلسلة من اللقاءات ومن خلال الدبلوماسية ، الا انه برأيي لم يتمكن سوى من تسجيل هدف ولم ينتصر بالكامل، خاصة وان كوريا الشمالية تحتاج الى دعم اقتصادي ليس من الولايات المتحدة الاميركية بل من كوريا الجنوبية، والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو: هل استطاع لقاء سنغافورة بين ترامب وكيم جونغ اون حلحلة الامور؟ بالطبع لا، بل من شأنه ان يخفف الهواجس الاميركية بشأن تسلح كوريا الشمالية ولكن الازمة لم تنته بين البلدين”.

من جهة اخرى رأى عربيد ان “المعركة الاقتصادية الاكثر عمقا هي بين الولايات المتحدة والصين، خاصة وان زمن الحروب العسكرية والنووية قد ولى اليوم، ونشهد حروبا اقتصادية ، وهذا ما نراه اليوم في ايران وروسيا وتركيا، خاصة وان الولايات المتحدة لم تستطع تطويع الصين لانها تملك قدرة اقتصادية قوية” واضاف “اما بالنسبة لتركيا يبدو ان ترامب ليس راضيا عن صفقة السلاح مع روسيا والتي تتضمن صواريخ S400، ومعلوما ان تركيا تتكل على القطاع السياحي وهي سياحة روسية اذ ان معظم رواد السياحة الى تركيا هم من الروس، ومن دول اوروبا”.

د. وليد عربيد

وتساءل عربيد” اين دور اوروبا اليوم من الصراع المحتدم بين واشنطن من جهة والدول الثلاث المستهدفة بالعقوبات الاميركية وتواجه انهيارات اقتصادية؟ ”

وبرأيي عربيد فإن “ايران استطاعت لسنوات عديدة ان تتصدى للضغط والحصار الاميركي، بمعنى انها استطاعت ان تبني اقتصادا يرتكز الى الاكتفاء الذاتي، منها الاتكال على اليد العاملة والصناعات الايرانية المحلية، وايضا ضمن الاعتماد على حلفائها منهم الصين وباكستان وحاجتهم للنفط الايراني” مضيفا” في حين ان روسيا استطاعت من خلال استضافتها للدوري العالمي لكرة القدم اي من خلال الرياضة ان تحصل على ملياري دولار وهي تسعى اكثر فأكثر الى توسيع تجارتها بالأسلحة من اجل تعويم اقتصادها، وقد اصبحت اليوم اكبر بائع للاسلحة المتطورة في العالم”.

وختم عربيد” يمكن الحديث اليوم عن تقارب بين الدول الثلاث في مواجهة التعنت الاميركي خاصة وان روسيا نجحت في بط تحالف اوروبي ـ اسيوي والمعروف بـ”الاوراسي”، وبذلك من الممكن ان تصبح الولايات المتحدة خارج اللعبة، وبعيدة عن المسرح الجديد للعلاقات الدولية، التي بدأت تتشكل اليوم خاصة وانه اليوم تنعدم الثقة الاوروبية بسياسة ترامب التي يعتمدها في التعامل معها”.

ولكن في ظل اتجاه الدول الثلاث ايران وتركيا وروسيا الى اعتماد عملتها المحلية في التعامل التجاري واللجوء إلى التعامل بالعملات الرقمية في مواجهة العقوبات الأميركية كما اعلنت ايران منذ ايام، اضافة الى تحولها الى اليورو عوضا عن الدولار في تعاملاتها الرسمية، اما روسيا فقد اعتبرت ان لديها من الأدوات ما يكفي لدرء أي تهديد للاستقرار المالي، ولعل من أبرزها زيادة حيازة العملات الأجنبية لدعم العملة المحلية.

هل نشهد تحولا في الاقتصاد العالمي القائم على اعتماد الدولار الاميركي عملة للتبادل التجاري والنفطي العالمي؟

الخبير الاقتصادي الدكتور جاسم عجاقة اكد ان ” حجم الدول الثلاث ايران وتركيا وروسيا في الاقتصاد العالمي غير وازن، ولعل قوة الولايات المتحدة تكمن في وزنها الاقتصادي الذي يشكل ثلث الاقتصاد العالمي، حيث بإمكانها فرض شروطها على كل المستويات”.

واعتبر عجاقة انه” بالرغم من اعتماد هذه الدول في معاملاتها التجارية على الروبل او الليرة التركية اي عملاتها المحلية الا انه ذلك لن يساهم في تحسين حالة تلك العملات، والجدير ذكره هنا ان تركيا في ذروة العقوبات على ايران في العام 2003 علما انها احدى دول الناتو لا انها خرقت الحصار واستأنفت تبادلها التجاري مع ايران، ولم تحترم العقوبات الاميركية على ايران”.

إقرأ أيضاً: حرب أميركية إقتصادية «تطويعية» على الصين وروسيا وإيران وتركيا

واضاف عجاقة” ما يمكن ان يغير بمعادلة النظام الاقتصادي العالمي هي دول البريكس، ومن ضمنها روسيا، الا انها لا يمكن ان تؤثر منفردة، لذلك من الممكن على هذه الدول اذا تخطت خلافاتها ان تكون مؤثرة على هذا الصعيد”، مؤكدا ان ” الدول اما ان تنتج محليا ما تحتاجه او تتجه الى استيراده، والمشكلة تكمن ان تلك الدول التي تعاقبها اميركا وخاصة ايران وتركيا، ليس باستطاعتها ان تنتج كل ما تحتاجه محليا، لذلك فهما مضطرتان للتعامل الخارجي وفق الدولار الاميركي لانه يشكل عملة التبادل العالمي وبالتالي بمجرد دفعهم بعملتهم المحلية للمقايضة بالدولار تخسران”.

إقرأ أيضاً: يلدريم: على ​الولايات المتحدة​ أن تكف عن لغة التهديد إذا كانت تريد تطوير علاقاتها مع تركيا

تزداد القيود الاميركية وتتخذ منحى تصاعديا بالتشدد اكثر على اعدائها وشركائها الاقتصاديين على حد سواء، هل سنشهد مرحلة جديدة في الاقتصاد العالمي وهل ستفلت هذه الدول المعاقبة بهدف تغيير سلوكها السياسي من قبضة سيد البيت الابيض؟

السابق
عطلة الصحافة في عيد انتقال السيدة العذراء
التالي
«المستقبل» لا يرى جدوى من تهديد باسيل بالنزول الى الشارع