بين ريتا شقير والمحاكم الجعفرية…دعوى حضانة

رغم انها أطلت على شاشات التلفزة المحلية الا ان قضيتها لم تأخذ الحيّز المناسب من الاهتمام، انها قضية الحضانة المتكررة بين المرأة الشيعية والمحاكم الجعفرية في لبنان، التي- ويا للغرابة- ترى في الأم مصدرا للحنان، والعنوان تربية الأولاد اولى من العمل لحاجة الطفل الى العناية والرعاية الأموميّة، فاذا بهذه المحاكم تتخذ قرارات مخالفة بجعل حضانة الأم فقط للعامين الأولين للصبي، وسبع سنوات للبنت. ويتحجج القضاء الجعفري بأن الاجتهاد في هذا المجال متوقف، وهو حكم نهائي لا مجال للاجتهاد فيه.

في اتصال مع المواطنة الجنوبية، ريتا شقير، للاطلالة على قضيتها التي طال أمدها كثيرا، اعتبرت ان “حربا تُخاض ضدها كونها شكلّت خطرا على المحكمة. فكل ما قالته لم تعرضه الشاشات، لان الإعلام يجرّ القضية حسبما يريد. واللافت ان قضية الحضانة للناشطة زينة ابراهيم حلت بقرار مؤقت، فهل علينا جميعا ان نلجأ الى ما يسمى بـ”الحل المؤقت” لنحصل على حقنا بالحضانة؟”.

إقرأ ايضا: حضانة الطفل لدى الطائفة الشيعية …بين السياسة و«النكايات»!

وتابعت، ريتا شقير، قائلة “بعد  طلاقي عانيت من التاخير في تثبيت هذا الطلاق وقد كان ذلك للتهرب من دفع مهري المؤخر، كما عانيت بعد حصول الطلاق بفترة من حرماني من رؤية ابني الذي طلبت ان يكون معي مع حفظ حق الرؤية لوالده . وقد ساعدني دعم الناس لي عبر وسائل التواصل الاجتماعي”.

وتفصح شقير عن ان “قصتي خرجت الى العلن بعد اقرار حق الرؤية لمدة ثلاث ساعات فقط في الاسبوع، وفي التفاصيل انه بعد ان رفعت دعوى تثبيت الطلاق والمؤخر، وباختصار، ونتيجة حقي الطبيعي بالرؤية ذهبت لجلب ابني من بيت جدته فتعرضت للضرب من قبل اهل طليقي، علما ان إبني كان بعمر3 سنوات وكانت قد تدهورت حالته النفسية بشكل كبير، فتقدمت بدعوى طلب حماية في المحكمة المستعجلة في النبطية لدى القاضي أحمد مزهر فصدر عنه قرار حماية يعطيني حق رؤية ابني فقط 3 ساعات اسبوعيا”.

علما ان “قرار الحماية يلزم الأب في  الوقت عينه بعدم التعرّض لي ولابني بأي اذى جسدي او معنوي تحت طائلة دفع غرامة مليون ليرة لبنانية عن كل مخالفة،فتقدمتُ بطعن واستأنفنا القرار لناحية الرؤية فقط، فألغت محكمة الاستئناف قرار الرؤية لمدة 3 ساعات لانها اعتبرت المسألة من اختصاص المحكمة الشرعية وحدها، وأبقت بند منع التعرض لي وللطفل، علما انني كنت قد رفعتُ دعوى في المحكمة الجعفرية تحت عنوان دعوى حضانة، وطبعا الى الان يتم تأجيلها، ويقوم الاب وذويه بالترويج أني مجنونة، حتى أحرم من حق الحضانة”.

إقرأ ايضا: المأثورات الشرعية حول الحضانة والولاية لا تكفي

وتؤكد، ريتا شقير، قائلة انه “تم تأجيل البت بالقضية، وتنحيّ القاضي عنها، وهو الشيخ محسن فقيه، والى الان لم يتم تعيين جلسة جديدة، وكنت قد نلت من القاضي الجعفري قرارا مؤقتا بـ24 ساعة كحق رؤية الى حين صدور حكم بدعوى الحضانة، الا انني فيما بعد تركت الطفل معي بناء لرغبته ومراعاة لمصلحته خلافا لقرار الـ24 ساعة، وبالتالي لم أعيده الى والده الذي وجهت له رسالة عبر الاعلام وعبر المحكمة، قلت له فيها يمكنك ان ترى ابنك، ولكن لن أسلمه لك”.

“علما ان الاب يسكن ببيروت، وكان يبقي ابني اغلب ايام الاسبوع مع جدته المسنّة والمريضة التي تحتاج الى عناية، وقد دمر نفسية الطفل نتيجة تصرفاته، وبالتالي من حقي ان يكون ابني معي خلال  الأيام التي لا يكون فيها الوالد موجودا، على ان يراه يومي السبت والأحد عندما يأتي الى قريته”.

وتشرح ريتا قائلة “بأن الاب رفض هذا الطرح، وتقدّم بشكوى مخالفة القرار القضائي المؤقت، فقلت له لا مشكلة، فانا مستعدة للتوقيف، الا ان القاضية في النيابة العامة قررت تركي بسند إقامة واحالت القضية الى المحكمة الجزائية، وقد قدمت اعتراض في المحكمة التنفيذية المدنيّة على تنفيذ قرار الـ 24 ساعة وطلبت وقف تنفيذه بعد ان اصبح الطفل معي، لكن القاضي رد الاعتراض واصر على تنفيذ القرار، فاستأنفت حكمه واني انتظر حكم محكمة الاستئناف حاليا”.

وتكشف ريتا، ان “الولد اليوم صار بعمر 5 سنوات، ولا زالت المعاناة مستمرة، فقد خطفه والده مرتين، ولكني أستعدته والولد اليوم معي، ففي المرة الاولى خطفه من المدرسة، وأرجعته، وفي المرة الثانية ضرب الخادمة في بيتنا وخطف الولد لكنه عاد وارجعه بناء لتدخل الوسطاء وخوفا من المسؤولية القانونية عن فعله”.

وتشتكي قائلة “الامر يتفاقم، وأقول ان ما وصلنا اليه، هو بسبب الفساد والوساطات”، هذا ما قالته ريتا شقير على مسؤوليتها. مع الاشارة الى انه “كان هناك حلّ عبر وسيط بيننا. الا أن الاب إنقلب عليه، وهو يحاول التفلت من الانفاق على الطفل ومن دفع مؤخر مهري علما انه قادر ماديا، وابني يريد ان يبقى معي، ولا يرغب بالعودة الى أبيه، والمحكمة تعقد المشاكل اكثر مما هي معقدة، علما ان ابني تعرّض لمشاهد قاسية جدا ولظروف صعبة أثرت على نفسيته. ولو اراد الأب الحل لكان الامر ممكنا الا انه يستقوي بمعارف واقارب له في بعض الاحزاب المحلية”.

من جهة ثانية، يرى المحامي نجيب فرحات، محامي المدعيّة الأم ريتا شقير، ان “القضية لا تزال عالقة امام المحاكم. وقد سعينا الى الحل لكن الأب(ح. ق) وقبل موعد توقيع الحل المتفق عليه بقليل، تهجّم على منزل المدعيّة وضرب الخادمة وخطف الطفل مما عرقل الحل، وكنا قد طرحنا عدة صيغ للحل، لكن الاب يرى ان الولد من حقه، مع العلم ان الولد يجب ان يكون مع والدته، نظرا لان الاب يعمل في بيروت اغلب ايام الاسبوع، وقد حاولنا لعب دور ايجابي لتقريب وجهات النظر وايجاد حل يحقق مصلحة الطفل لكن لا نتيجة”.

الشيخ محمد حسين الحاج

اما من وجهة نظر الشرع الاسلامي، يرى العلامة الشيخ محمد حسين الحاج، تعليقا على الموضوع “بالنسبة للمحاكم الشرعية الحكم فيها بحسب الموضوع، وليست المسألة مسألة تطوير او عدم تطوير، فالاحكام الشرعية غير قابلة للتطور، لكن يمكن ان يُراعى فيها الموضوعات الآنية لجهة عدم أهلية الأب او انه لا أهل من جهة الأب يحضنون الولد”.

ويتابع، العلامة الحاج، بالقول “هناك احكام شرعية ليست نابعة من المحاكم، كونها خاضعة للمرجعية العليا، وهي التي تعطي الحكم، والمحاكم لها صفة تطبيقية، وصفة التنفيذ للاحكام الشرعية الصادرة عن المرجعية، لذا، لا يمكن عمل أي شيء، فالمرجع عنده فتاوى، ويمكنه مراجعة رسالته العمليّة بهذا الخصوص”.

وردا على سؤال، الا يفترض بالمرجعية ان تكون ممثلة في كل بلد من اجل الحالات الطارئة، يقول العلامة الحاج انه “عندما تطّبق الاحكام، فانه يراعى فيها اوضاع كل بلد، ولكن المراجع يجب ان تقيم مكاتب لها لمتابعة الشؤون المستجدة في موضوع الحضانة”.

ويختم، العلامة محمد حسين الحاج: “الحضانة مسألة فقهية”.

السابق
أرقام الناجحين في الدورة الثانية للثانوية العامة
التالي
قائد الجيش: إن سر قوة الجيش هو محبة الشعب اللبناني له