الاقتصاد التركي يدفع ثمن تحدي اردوغان لسياسة اميركا

انخفاض حاد سُجل لليرة التركية يوم امس بنسبة 3،6 % عن مستوى الاغلاق في الجلسة السابقة، مسجلة 5.48 أمام الدولار الاميركي، كيف يرى الخبير في الشأن التركي محمد نور الدين هذا الهبوط للعملة التركية، وما هو رأي الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة حول امكانية انهيار الاقتصاد التركي؟

لماذا تتدرج الليرة التركية في الانخفاض منذ مطلع العام الحالي لتسجل امس ادنى مستوى من الهبوط، وخسارتها 30 % من قيمتها؟ هل هي السياسة الخارجية التي يعتمدها اردوغان، سيما بعد جملة تطورات في المواقف التركية فيما خص ملفات اقليمية تضع الرئيس التركي في مواجهة وتحد مباشر مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب، منها قضية القدس واكراد سوريا الى ابرامها صفقة الصواريخ مع روسيا، اما قضية رجل الدين التركي المعارض فتح الله غولن فهي تشكل نقطة افتراق مفصلية في العلاقة بين واشنطن وانقرة يقابلها مسألة احتجاز القس الاميركي اندرو برانسون الذي تحاكمه انقرة بتهمة القيام بأنشطة ارهابية، وصولا الى الموقف التركي الاخير ورفضه الالتزام بالعقوبات الاميركية المفروضة على ايران.

اقرأ أيضاً: التصعيد التركي تجاه اسرائيل ومناورات أردوغان السياسية

لكن المفارقة تكمن في تحقيق الاقتصاد التركي نقلة نوعية خلال العام الماضي حيث سجل ثاني اسرع نمو في العالم بقيمة 7،4%، في حين يرى خبراء اقتصاديون ان الاقتصاد التركي يحمل عوامل ضعف كثيرة فحجم الواردات التركية يفوق الصادرات، ما ادى الى عجز في الميزان التجاري التركي.

الخبير في الشأن التركي الدكتور محمد نور الدين اكد ان” تغيير النظام السياسي في تركيا من برلماني الى رئاسي وحصر كل الصلاحيات بيد رئيس الجمهورية ساعد على حصر مركزية القرار السياسي والاقتصادي بيد اردوغان، الا ان ذلك لا يشكل وحده عاملا للضغط على الليرة التركية لذا يجب البحث عن العوامل الداخلية التي اسهمت في ذلك”.

واعتبر نور الدين ان “المسألة ترتبط بالعلاقات التركية ـ الاميركية، الا انها لاتتعلق بقضية احتجاز تركيا للقس الاميركي اندرو برانسون لأنه حصل منذ محاولة الانقلاب منذ سنتين وبالتالي من المستغرب ان تفيق الادارة الاميركية متأخرة، وهناك امور اخرى ابعد من ذلك ترتبط بملفين اخرين الاول هو اصرار اردوغان على المضي بصفقة S400 مع روسيا وهو يشكل خرقا لمنظومة الدفاع الاطلسية لانه بذلك يتجاوز الخطوط الحمراء، اما الملف الاخر المؤثر فهو مسألة العقوبات الاميركية على ايران بخاصة الشق الثاني منها المتعلق بمحاولة منع ايران تصديرها للغاز والنفط، خاصة وان تركيا تستورد ما قيمته 9 مليون دولار من ايران كمشتقات نفطية، وبالتالي اعلان تركيا عدم التزامها بالعقوبات الاميركية يشكل اخفاقا لترامب في سياسته الخارجية ضد ايران”.

واردف نور الدين “العقوبات الاميركية هي عقوبات آحادية من جانب الولايات المتحدة وليست عقوبات صادرة عن الامم المتحدة، وبالتالي هناك ضغوط على اردوغان كي يلتزم بالقرار الاميركي، وخاصة بالعقوبات الاميركية النفطية المقبلة في تشرين الثاني المقبل”.

وختم نور الدين متسائلا ” ماذا ستفعل اميركا في حال لم تلتزم تركيا بالقرار؟ وهل ستبدل تركيا بمواقفها في ظل تلك الضغوطات؟” مشيرا الى ان “لا شيء واضح حتى الان الا ان التوتر القائم بين البلدين يرتبط حاليا بمسألة العقوبات على ايران”.

من جهته الخبير الاقتصادي الدكتور جاسم عجاقة، اعتبر ان ” تركيا تتعرض لنوعين من الضغوطات احدهما سياسي واخر اقتصادي، فمن الناحية السياسية تتخذ تركيا جملة مواقف تتعارض مع العديد من الدول اقليميا وعالميا، كما ان واشنطن ليست راضية على آدائها السياسي، كما تتعرض الليرة التركية للكثير من المضاربات تساهم في انحدارها وهبوطها، ولكن المفارقة ان تركيا ناجحة سياسيا”.

ورأى عجاقة ان” الليرة التركية مدعومة بالدرجة الاولى بتوافد العملات الاجنبية عليها من خلال الاستثمارات الاجنبية والسياحة، الامر الذي كان يعطي قيمة لليرة التركية بشكل اكبر سابقا، ولكن من الناحية السياسية فقد بات معلوما ان اردوغان يتخذ مواقفا تتعارض مع الادارة الاميركية، وايضا موقفها العلني من دولة قطر والذي ربما يزعج ايضا دول الخليج” مضيفا” لعل الموقف الاكثر حساسية مؤخرا هو عدم التزام تركيا بالعقوبات على ايران، ففي العام 2013 ايضا لم تلتزم في العقوبات في اشد المراحل تشددا على ايران”.

اقرأ أيضاً: تركيا: النظام الرئاسي يحكم سيطرة أردوغان على السلطة

واشار عجاقة الى ان “الوسائل الاشد تأثيرا للضغط على الليرة التركية، تكون اما من خلال سحب الاستثمارات الاجنبية او تحويل السياحة الى وجهة اخرى، ما يؤدي الى تزعزع الليرة التركية”.

واستبعد عجاقة ” امكانية انهيار الليرة التركية، فالاقتصاد التركي صلب، خاصة انه بمفهوم الاقتصادي فإن الليرة تعكس الثروة الوطنية، والاقتصاد التركي يصنف على مستوى الاقليم، لذلك يمكن القول ان ما يجري هو عملية تصحيحية مع انخفاض للقيمة الفعلية لليرة التركية نتيجة العوامل السياسية”.

وختم عجاقة مستنتجا ان” اساتذة السياسة وقادة العالم يدركون ان اكثر قوة واداة فعالة لـ”تركيع” دولة هي الحرب الاقتصادية والعقوبات الاقتصادية”.

السابق
مبادرة جديدة للحريري تكسر «جمود التأليف»
التالي
أرقام الناجحين في الدورة الثانية للثانوية العامة