في الذكرى الخمسين لرحيله: طابع الدكتور غالب شاهين

ولد غالب سعيد شاهين في مدينة النبطية (حيّ الميدان) عام 1930. وله شقيق آخر هو فهمي شاهين النائب والوزير الذي رحل كذلك في مقتبل العمر(1932- 1974) وأربع شقيقات هن: فاطمة، والراحلات: رأفة، فدوات، ونجلاء.

‏يصدر بريد لبنان بالتعاون مع “ليبان بوست” يوم الأربعاء في 08/08/2018 طابعاً بريدياً عادياً، في الذكرى الخمسين لرحيل السياسي والأكاديمي والإعلامي معالي النائب غالب سعيد شاهين، والتي تصادف هذا العام 2018 بعدما ترك أثراً لافتاً على المستويات الثقافية والتربوية والأكاديمية ولإعلامية، وكذلك السياسية، بالرغم من العمر “السريع” الذي عاشه وغاب في عزّ عطائه وزهو شبابه عن 38 عاماً، إثر ذبحة صدرية حادة، أودت بحياته على الفور، صبيحة يوم الخميس في 11 كانون الثاني/ يناير من العام 1968.

إقرأ ايضا: رابطة التعاون الخيري في البابلية:4 برامج بـ3000 ليرة شهرياً

وكانت عائلة الفقيد، إلى جانب العديد من جمعيات مدينة النبطية (المجلس الثقافي للبنان الجنوبي، جمعية بيت المصور في لبنان، مركز كامل يوسف جابر الثقافي الاجتماعي، معرض خليل برجاوي لطوابع البريد)، بمشاركة بلدية النبطية واتحاد بلديات الشقيف والنائب ياسين جابر، قد تقدمت بطلب إصدار طابع بريدي “في الذكرى الخمسين لرحيل الدكتور غالب شاهين”،

جاء في حيثياته:

“تصادف هذا العام 2018، ذكرى مرور خمسين عاماً على رحيل وزير التربية والفنون الجميلة الأسبق (في حكومة الرئيس حسين العويني بين 18/11/1964 و25/07/1965) ونائب الجنوب عن قضاء النبطية (1964- 1968) الدكتور غالب سعيد شاهين المولود في النبطية سنة 1930 والذي رحل في عزّ شبابه وعطائه بتاريخ 11 كانون الثاني 1968عن 38 عاماً.

لقد ترك الراحل أثراً كبيراً على الصعيد التربوي في لبنان خلال تسلمه حقيبة وزارة التربية والفنون الجميلة بين العامين 1964 و1965، ومن خلال تسلمه مهمة مقرر لجنتي التربية والاتصالات، كما ساهم في تطور عاصمة جبل عامل، مدينة النبطية علمياً وتربوياً وثقافياً، وكانت له اليد الطولى في بناء صروح تربوية شامخة فيها، (دار المعلمين والمعلمات في النبطية- ثانوية حسن كامل الصباح الرسمية- مهنية النبطية الفنية العالية) التي تخرج منها الآلاف من أبناء الجنوب والنبطية ممن رفعوا اسم لبنان عالياً في شتى الميادين…

ووفاء من لبنان والجنوب بشكل عام، ومدينة النبطية بشكل خاص، لما ساهم به الفقيد الراحل الدكتور غالب شاهين من تطور علمي وتربوي وثقافي، لا سيما في اليوبيل الخمسيني لرحيله الذي يصادف هذا العام 2018، نرفع إلى معاليكم كتاباً (مرفقاً بالصور والتصاميم) نرغب من خلاله موافقتكم وتوقيعكم على إصدار طابع بريدي تذكاري تكريمي (هذا العام) يحمل صورة الراحل وتاريخ ولادته ووفاته تحت عنوان “الذكرى الخمسين لرحيل غالب شاهين”.

وقد جاء في العدد 12 من الجريدة الرسمية تاريخ 22 آذار 2018، في الصفحة 1299 قرار صدور الطابع من خمسة مواد، حملت المادة الأولى منه ما يأتي: “يجاز لوزارة الاتصالات– المديرية العامة للبريد بالتنسيق مع شركة ليبان بوست إصدار الطابع البريدي العادي المعد للتخليص على المواد البريدية، المبين فئته وعدده ومقاسه على الشكل التالي:

ومن المقرر أن تحيي مدينة النبطية مهرجاناً وطنياً حاشداً “تحية إلى الراحل الكبير الدكتور غالب شاهين” يتخلله شهادات من بعض المعاصرين تتناول سيرته وأعماله، وإصدار مطبوعات مختلفة، منها: كتيّب يحمل مجموعة من صور الراحل ومعلومات عنه، وملف فيه مختصر من المعلومات والأقوال التي رددها غالب شاهين، على يحمل هذا الملف طابعاً ممهوراً بختم خاص أعدّ للمناسبة، ومغلف تذكاري يحمل الطابع والختم، ومجموعة من البطاقات البريدية (منها بطاقة ماكسي كارد) التي تتضمن صوراً للراحل من مناسبات وحقبات مختلفة، ومعرض للصور الفوتوغرافية وغيرها من النشاطات التي ستنفذها بلدية النبطية ومنها إطلاق اسم “الدكتور غالب شاهين” على الشارع المفضي من الساحة العامة إلى منزله في حي الميدان. ويشارك في النشاطات اتحاد بلديات الشقيف ممثلاً برئيسه الدكتور محمد جميل جابر والمجلس الثقافي للبنان الجنوبي وجمعية بيت المصوّر في لبنان ومركز كامل يوسف جابر الثقافي وجمعية تقدم المرأة في النبطية ومعرض خليل برجاوي لطوابع البريد وجمعية “تراثيوم” وغيرها من الجمعيات…

من هو؟

ولد غالب سعيد شاهين في مدينة النبطية (حيّ الميدان) عام 1930. وله شقيق آخر هو فهمي شاهين النائب والوزير الذي رحل كذلك في مقتبل العمر(1932- 1974) وأربع شقيقات هن: فاطمة، والراحلات: رأفة، فدوات، ونجلاء.

تلقّى غالب علومه الأولى في النبطية وفي المدرسة الإنجيليّة الوطنيّة في صيدا، ثم تابع دراسته الأكاديمية(1947) في الكلّية الأمريكيّة في القاهرة مدة أربع سنوات. توفي خلال هذه المدة (1949) والده سعيد شاهين عن عمر مبكر، ما ترك أثراً بالغاً في حياة الشاب المتفوّق في دراسته، لكن ذلك لم يمنعه من المتابعة الحثيثة للتحصيل الدراسي.

سافر إلى الولايات المتّحدة الأمريكيّة (1952)، ودرس الحقوق في جامعة سيراكوز ونال إجازة في القانون الدّولي والعلاقات الخارجيّة، وفي الصّحافة. وقد شهد له أساتذته هناك بذكائه الحاد وتفوقّه ولباقة التصرّف وهدوء الحوار. ثم عاد إلى لبنان فعمل أستاذاً محاضراً لمادة القانون الدّستوري في الجامعة اللبنانيّة وفي جامعة بيروت العربيّة، فيما كان لبنان يغرق في الفساد الإداري ومحسوبيات التوظيف وعدم الاهتمام بالكوادر الشابة المتفوقة التي يمكن أن ينهض على أكتافها الوطن ويتطور.

ولشغفه بعالم الصحافة والإعلام أطلق «مجلّة لبنان» الشّهيرة، الصّادرة نحو بلدان العالم بخمس لغات؛ وتولّى إدارة “مركز النّشر اللبنانيّ” حتّى سنة 1964، إذ انتخب نائباً عن الجنوب (قضاء النبطية) في دورة العام 1964. وكان مقرّراً للجنتي التّربية والإقتصاد النيابيّتين.

عُيّن سنة 1964 وزيراً للتربية الوطنيّة، في حكومة الرّئيس حسين العويني. في الوزارة (1965) أصدر قرارَ إنشاء “كلّية الفنون الجميلة” وأنصف الأساتذة الثانويّين بعد إضرابهم، وأطلق مشروع بناء الجامعة اللبنانيّة، فضلاً عن جملة من المشاريع التربويّة. وساهم في تشييد عدد من الصّروح التّربويّة في النبطية، وفي مناطق جنوبيّة أخرى. وأطلق اسم النابغة حسن كامل الصّباح على ثانوية النبطية.

اقترن غالب شاهين بهلا محسن بيضون، ولهما ابنة وحيدة تدعى غيدا، لم يتسنّ لها رؤية والدها، إذ توفّي قبل أن تولد عن 38 عاماً، وهو في عزّ عطائه السّياسي والثقافي والاجتماعي، صبيحة يوم الخميس في 11 كانون الثاني/ يناير سنة 1968، إثرَ ذبحة صدرية حادّة. وشُيّع نهار  الجمعة في 12 منه، من منزله في شارع بدارو في بيروت إلى مسقط رأسه النبطية، وقد حمل رجال الأطفاء نعش الفقيد من منزله حتى دائرة شاتيلا ومن هناك تابع الموكب طريقه بالسيارات إلى النبطية، فوصلها عند الواحدة بعد الظهر. في النبطية شيع الراحل في موكب شارك فيه الآلاف ممن غصّت بهم الساحات والطرقات، وممثلان عن رئيس الجمهورية (وزير التربية الوطنية سليمان الزين) ورئيس الحكومة (محافظ الجنوب هنري لحود) وحشد من زملائه في المجلس النيابي، وسط ذهول على رحيله المدويّ.

كثيرة هي المشاريع التي دار غالب شاهين في فلكها خلال وجوده في وزارة التربية الوطنية (مع أنه لم يتخلّ عن مواصلة التعليم في الجامعة اللبنانية) ومنها رغبته في إنشاء كلية للصحافة، وهذا ما أكده خلال حديث إلى مجلة “الصيّاد” الصادرة بتاريخ 22 نيسان سنة 1965، فيقول: “إنني متحمس أشد الحماس لإنشاء كلية للصحافة. والمشروع الخاص بهذه الكلية موجود حالياً لدى لجنة التربية في مجلس النواب، وقد طلبت من اللجنة أن تفصل هذا المشروع، اذا اقتضى الأمر، عن مشروع الجامعة ككل لكي يصار إلى الإسراع في تنفيذه. إنني أسعى لكي يتم إنشاء هذه الكلية أثناء وجودي في الوزارة ولكي تبدأ الدروس فيها ابتداءً من مطلع العام الدراسي المقبل”.

من أقوال غالب شاهين

“ليس أجمل ولا أروع سوى مشهد أبنائنا يتوافدون إلى مجتمعاتهم الصغيرة، يتأبطون وسائل المعرفة وينهلون من منابع الفكر والنور، ما يكفيهم لبعث الأمجاد وتكثيف الإنسانية ولإغناء الحضارة. وليس الروعة في المشهد بقدر  ما هي بتجسيد  ذلك المشهد والعمل على تكوين البراعم وغرس المبادئ الخلقية وجنيها في ما بعد أملاً كباراً وأحلاماً يانعة”.

“إنّ قوة الوطن، كل الوطن لا تقوم إلا على بطولة. والبطولة لا تكون إلاّ بفكرة. والفكرة لا تستحيل إلى سلوك إلاّ بمسؤولية. وما حلقة الاتصال بين الماضي والحاضر، بين الفكرة والمسؤولية، بين الفرد ولالمجتمع، إلاّ معلّم يكون في مستوى الرسالة، تلك الرسالة، التي بها تتحول المدارس إلى مراكز إشعاع تبعث مكامن القوة، وتكشف عن نواحي الضعف ورواسبه، وتقضي عليها، وعندها يبدأ تفاعل  تلك المجتمعات الصغرى مع المجتمع ألأكبر تفاعلاً من شأنه أن يدفع بعجلة الوطن والأمّة، خطوات فسيحة إلى الأمام”.

“لا تحصروا الرّسالة داخل جدران المدرسة، بل انطلقوا، بعد أن توسّعوا معالم الطريق المنير، لبراعم الأجيال الناشئة، في كل نادٍ ومجتمع واسعَوْا لخلق المواطن الرّاعي الذي يدرك معنى الحياة ويضطلع بكامل مسؤوليته.

علّموه أنّ في متناوله، في موطنه لبنان، تتكامل الموارد والخيرات وأنّه بوحدة كلمة أبنائه، وتكاتفهم يستطيع فرض مكانته قائداً وهادياً وناشر معرفة.

لا تنسوا أن القوّة من الحق، ولا قوّة إلا به، وأن معرفة الوطن، والتمجّد بتراثه الخالد، وتقدير رجالاته العظماء الذين ضحّوا من قبل، وما زالوا يضحّون، إن هي إلا حق”.

وكتبت مجلة “الصيّاد” يوم الأربعاء في 22 نيسان 1965:

“بالإضافة إلى أن غالب شاهين هو اصغر وزير و”أطفر” وزير والعازب الوحيد في حكومة الحاج حسين (الحويك)، فهو أيضاً كما يصفه بعض الزملاء، ممثل رجال النخبة والمثقف الذي لن تحرقه الوزارة…

وإنّ أعنف الإضرابات التي واجهت هذا العهد جاءت “على وجه” الوزير الشاب الذي اتهمته الدولة بأنه مع المضربين ضدها، واتهمه المضربون بأنه مع الدولة ضدهم. أما هو فكان “مع الدولة كهيبة يجب المحافظة عليها ومع المعلمين كأصحاب حقوق مشروعة وإنسانية”.

إقرأ ايضا: بري ومجلس النواب نعيا رفيق شاهين

ويقول في سياق التحقيق الصحفي: “إنّني لا أزال أسكن البيت نفسه الذي كنت أقطنه قبل أن أصبح نائباً ثم وزيراً، وطريقة حياتي لم تتغيّر، ولا أزال في معظم الحالات أقود سيارتي بنفسي، كما أنّي كثيراً ما أذهب إلى عملي مشياً على الأقدام”.

السابق
الجراثيم تجتاج المكاتب أكثر من غيرها
التالي
السيد: أسياد الحريري يؤخرون تشكيل الحكومة!