النفايات تحترق في وادي الحجير و«الثنائية الشيعية» صامتة

تحرّك اهالي بلدات محيط وادي الحجير في الجنوب على الحدود مع العدو الاسرائيلي، على مدى أيام رافعين الصوت ضد المحارق التي أُقيمت في المنطقة، لكن نواب "الثنائية الشيعية" في الجنوب كانوا ولا زالوا غائبين.

وصلت محارق النفايات الى محميّة وادي الحجير، حيث تندلع يومياً حرائق في مكبات في خراج البلدات المحيطة، في بيئة يفترض انها محمية طبيعية في الجنوب، حيث يتم الحرق يومياً، فتصل السموم الى المنازل، وتتسرب عصارتها الى المياه الجوفية التي يستعملها المواطنين عبر الآبار الارتوازية التي تم حفرها من أجل تأمين حاجة المنطقة من المياه، لا سيما في بلدات بنت جبيل، عيترون، عيناتا، ميس الجبل، شقرا، مجدل سلم، بليدا، كونين وبرعشيت.

إقرأ أيضا: من يحمي روّاد نهر الليطاني من التلوّث والقنابل العنقودية

هذه المخاطر البيئية لا تقتصر على النفايات المنزلية، بل أيضاً، على عوادم المستشفيات الخطيرة التي ترمى منذ أكثر من أربع سنوات. كما عمد أحد المواطنين إلى تجميع الاطارات المطاطية المستعملة، ويقوم باتلافها حرقا في تلك المكبات، وتفيد آخر المعلومات عن اندلاع  حرائق اتت على أكثر من 400 شجرة حرجية. اضافة الى إلقاء انتاج المرامل بشكل عشوائي في النهر المختلطة بمياه الصرف الصحي. لذا، نفذ عدد من اهالي البلدات وفعاليات المنطقة اعتصامهم أمس الجمعة وأول أمس.

د. أحمد مراد

وفي اتصال مع الدكتور، أحمد مراد، الناشط في منطقة بنت جبيل، والذي دعا وشارك في التحرك قال لـ”جنوبية”: “وادي الحجير عمليا يبدأ من عيترون وينتهي عند قاعقية الجسر، وتختلف تسميته بحسب المنطقة. وهذه المسافة تمتد على عشرة كيلومتر على جانبي القرى”.

“انها محمية طبيعية خلقها الله، لكنها تتعرض لوحشية غريبة من خلال كسارة واحدة فلحت الجبال، وقضت عليها بمجموعة من النفايات على التلال والهضاب، ومن خلال مكبات عشوائية مع حرق للنفايات. ونحن نبدو كمن يحارب طواحين الهواء. فوقف المكبات واجب السلطة عبر وسائل عصرية”.

ويتابع: “المشاكل التي توّلدها المحارق والمكبات على نوعين: الحرق في منطقة تمتد من عيترون الى ميس الجبل وبليدا، فكل المنطقة تعمل بزراعة التبغ المنتشر في الحقول وكل البشر فيها يعملون في الارض، تجدها مغطاة بدخان المحارق. كما تفاجأنا منذ سنة بتل “جبل الجماعة” بين برعشيت ووادي السلوقي حيث يتم حرق دواليب الكاوتشوك مما يولد غمامة سوداء تحجب رؤية القمر والشمس معا، وعملية الحرق تنتج عصارة معينة حيث يوجد عشرات الابار الارتوازية. وكل التسريبات تنزل الى المياه الجوفية. فأي عقل يعمل في هذه المنطقة الذي يعمل بدعم مباشر على طريقة “انا الدب الاعمى اللي ما بيشوف؟”.

ويشرح الدكتور أحمد مراد “ان تسمم المياه الجوفية والهواء الذي يحصل تم بعد التحرير، فلا احد يريد ان يسمع حتى عن الاعتصام الذي نظمناه، علما انه كان حضاريا. ونحن نقول لمن ينادي بمحاربة الفساد ان البلد قد خرب، وما يقال عن الانشغال بتأليف الحكومة نقول لهم اخرجوا من هذه الكذبة، فليعرف الجنوبي المعنيّ باعادة انتخاب هؤلاء ان فسادهم ظاهر للعيان، وليس من حل الا وحدة الناس ضدهم لحماية اولادنا من هذا التسمم الذي يطال الجميع”.

لذا، برأي الدكتور مراد “يجب وقف الحرق، اضافة الى ايجاد حل للمياه حيث ان الناس تشتري المياه حتى في الشتاء، وقد دعونا الى وضع عدادات لكل قرية، واذا كان لهم آذان تسمع فليتفضلوا ولينزلوا الى حيث الناس تعتصم، وليشتغلوا وليصححوا، لأنه لا وزارة تعمل، وكل شيئ في الجنوب هو بيد الثنائية الشيعية، وهي الديك على هذه المزبلة ولكل منطقة مزبلة،، فما يجري هو قنبلة موقوتة، والحراك ليس شخصيا، بل يمسّ كل واحد منا، والمعتصمون كانوا من كل الفئات، ولم نتقدّم بشكوى قضائية، والمشكلة ان القضاء تابع لهذه الجهات او لتلك، ولا ينفع سوى التحرك الشعبي”.

من جهة ثانية، يقول، الخبير البيئي بول أبي راشد، تعليقا على محرقة وادي الحجير، ان “تقنية الحرق تجري في لبنان من خلال معامل للإطارات التي يجري تدويرها بتقنية خاصة، كما يفعل أحمد شمس الدين في بلدة جون الشوفية، وهي قائمة على تقطيع الدواليب وتحويلها الى بلاط والى ارضيات للملاعب، وليس فيها حرق ولا تسحب منها الزيوت وهي تقنية نظيفة وصديقة للبيئة، ولكن التي في الجنوب شيء مختلف تماما، حيث تسحب منها الزيوت والكربون. ويبدو ان هذه التقنية فيها تلوث”.

ويتساءل “لماذا يتم اختيارالمناطق البعيدة لاقامة معامل الحرق، اذ يجب ان يكون هناك مناطق ذات ضوابط لمنع التلوث. واعتقد انه يتم اقامة المعامل بعيدا عن العين، حتى لا يتم مراقبتها. والمطلوب تفتيش من وزارة البيئة للتأكد من المعمل لانه يحتاج الى دراسة الأثر البيئي التي تحدد التلوث للمياه والهواء”.

إقرأ أيضا: أودية الجنوب: مسرح عريق لمواقف تاريخية وحروب وتنمية وسياحة

ويضيف ابي راشد”يجب حماية وادي الحجير، لان لبنان هو آخر مناطق الشرق الاوسط الخضراء، ونحن كحركة بيئية نكرر ان نسبة 50% من نفايات الطعام يمكن ان تقام منها معامل لانتاج السماد. في حين أن 30% قابلة للتدوير، ويمكن جمعها من عدة بلدات معا ليصار الى اعادة التصنيع، فيبقى 20% هن المرفوضات القابلات لاسترداد الطاقة منها، وكل المرفوضات يتم تحويلها الى بديل في الصناعات الكبرى في لبنان”.

ويختم الخبير البيئي بول ابي راشد “المحارق ليست بحلّ، فاستخدام تقنية حديثة صديقة للبيئة لكل لبنان لا يكلّف سوى 30 مليون دولار، اما المحارق الحالية فكلفتها تصل الى 300 مليون دولار”.

 

السابق
الرئيس التركي يطلب تجميد أصول وزيري العدل والداخلية الأميركيين في تركيا
التالي
معلومات عن سرقة مازوت من معمل الزهراني وخريس: موقفنا مبدئي ضدّ البواخر