الناشطون في لبنان: استنسابية في القمع وفي تطبيق القوانين

قمع الحرية
"العهد القوي" على الحريات وكمّ الأفواه أين هو من تغريدة قيادي"التيار الوطني" ناجي حايك؟

في “عهد لبنان القوي” إرتفعت في لبنان استدعاءات الناشطين والصحفيين إلى مراكز التحقيق الأمني في عهد يمتاز بقمع الحريات وكمّ الأفواه وقطع الطريق على أي ناقد للعهد أو لصهر العهد، وآخر هذه الظواهر مداهمة القوى الأمنية منزل الناشط رشيد جنبلاط بموجب مذكرة التوقيف الغيابية الصادرة بحقّه في وقت سابق بتهمة القدح والذم والتحقير بحق رئيس “التيار الوطني الحرّ” الوزير جبران باسيل على مواقع التواصل الإجتماعي.

التعرض لصهر العهد كانت نتيجته إصدار القاضي المنفرد الجزائي في بعبدا كارما حسيكي ” حكماً، بحبس جنبلاط ستة أشهر وإلزامه دفع مبلغ عشرة ملايين ليرة كعطل وضرر على خلفية تعرضه لباسيل.

اقرأ أيضاً: ما علاقة زوجتي بالعهد «الجديد-القوي»؟

وهو ما إستدعى تدخلا على مستوى القيادات الدرزية جميعها التي توحدت بوجه ما وضع تحت “خانة” قمع الحريات والإستنسابية بتنفيذ القوانين وليلاً غرد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عبر حسابه على موقع تويتر قائلا: يا له من مستوى يساوي الحضيض عندما يعتقل فرد ايا كان لانه تهجم على صهر الدولة. وجاء في تغريدة  الوزير السابق وئام وهاب: اذا لم يتم إطلاق سراح رشيد جنبلاط صباحاً لا أعتقد أن أحداً يستطيع ضبط ردود الشارع أنصحكم بحل الأمر بسرعة وإذا كان أحد يعتقد أنه يستطيع تحريك المؤسسات ضد الدروز فقط، فهذا يعني أنه يريد إسقاطها.

ولعلّ هذه الحساسية المسيحية – الدرزية التي أثيرت على خلفية توقيف جنبلاط تمّ بعد ظهر اليوم إطلاق سراحه وأوضح في حديث صحفي بعد إخلاء سبيله أن  المذكرة بحقه صدرت في 28 كانون الثاني 2018 بعد طلبي من باسيل الإعتذار على خلفية وصفه بري بـ”البلطجي”.

كما إستغرب سبب توقيفه بعد أشهر ، مؤكدا أنه لا يمكن أن يعتذر من مسؤول يتكلّم باسم الجمهورية اللبنانية ويقول “لا عداء لدينا مع إسرائيل”، مضيفا “عندما يعتذر باسيل من الشعب اللبناني فأنا مستعد أن أتراجع عن كلّ شيء”.

وقد حفلت مواقع التواصل الإجتماعي أمس بمطالبات ناشطين من خصوم “التيار الوطني الحر” بمحاكمة قيادي في “التيار الوطني الحر” ناجي حايك “كان تعرض لرئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط إذ توجه له  بالقول: «بعد ١٠ أيام سوف نتذكر نحن وانت القرود الذين أرسلتهم الى سوق الغرب في ١٣ أغسطس ١٩٨٩ وقد أعادهم ميشال عون لعندك باكياس الجنفيص»، وإذ إستذكر حايك الحرب بين الموحدين الدروز والمسيحيين خلال فترة الحرب الأهلية مثيرا بذلك النعرات الطائفية والحساسيات المذهبية، وعلى الرغم من إعتذاره ، خرجت بعض الاصوات التي تطالب بمحاكمته إسوة بالناشط جنبلاط مع العلم أنها ليست المرّة الأولى التي يتعرض فيها لزعيم المختارة إذ سرب الحايك فيديو يتوعد فيه جنبلاط بتكسير رأسه في الإنتخابات النيابية، إلا أن الاخير بقي بعيدا عن المحاسبة والمساءلة علما أنه قيادي يفترض أن يكون كلامه مسؤول.

ناجي حايك

المسؤول الإعلامي في”مؤسسة سمير قصير” جاد شحرور، وفي حديث لـ”جنوبية”، رأى أن ” المشكلة لا تكمن فقط بموضوع قمع الحريات إنما ايضا في الإستنسابية بتطبيق القانون، وهو ما نشهده على عدّة مستويات”، مشيرا إلى أن “المثال على ذلك هو في القرار الذي صدر عن وزير العدل سليم جريصاتي في شباط 2017 بعدم التعرض لأي كان لأن القضاء لا يستطيع ان يطال الجميع، وكي لا يقع بالتالي بهذه الإستنسابية بإستدعاء ناشط دون آخر، إلا أن هذا القرار لم يدخل حيّز التنفيذ”، لافتا إلى أنهم “كانوا مدركين لهذا الأمر إلا انهم إستمروا في هذه السياسية القمعية”.

وحول الإستنسابية في ملاحقة وتوقيف الناشطين، رأى أن هذا الامر”يتعلّق بآلية تطبيق القانون إلا أنه الواضح أن إستخدامه لجهة القمع أكثر من جهة الحريات وحقوق المواطنين”.

كم أشار شحرور أن “أغلب الإنتقادات التي تستدعي تحرك قضائي والتي ترصدها المؤسسات الأهلية التي تراقب التعرض للمؤسسات الإعلامية والثقافية أصبح واضحا لها أغلبية الإستدعاءات تأتي من جهة “التيار الوطني” إما تتعلق بشخص رئيس الجمهورية ميشال عون أو تتعلق برئيس التيار جبران باسيل كذلك توجيه أي إنتقاد السياسي “للتيار”.

وعلّق الناشط على مواقع التواصل الإجتماعي فراس بو حاطوم وهو من الناشطين الذين تمّ إستدعاؤهم ايضا على خلفية التعرّض للعهد وللوزير باسيل في حديث لـ “جنوبية” أن “القانون لا يجيز ملاحقة الناشطين على موقع “فايسبوك” ولا وجود لمادة قانونية تنص على ذلك”، مشيرا إلى أن “رشيد جنبلاط عبّر عن رأيه ولكن في الوقت نفسه هناك أشخاص آخرين على خلاف جنبلاط إنتقدوا الحزب التقدمي من جمهور التيار أو غيره إلا أن الملاحقة القضائية لا تكون إلا بحق الذين يتعرضون للرئيس عون وباسيل وحاشيتهما “.

اقرأ أيضاً: انتهت الرئاسة القوية.. عادت الترويكا بقوة

ولفت بو حاطوم أن “عدد الملاحقات القضائية للأشخاص ضخم يصل إلى إستدعاء 400 إلى 600 شخص، بغض النظر عن نوعية الإنتقادات، كاشفا أنه ملاحق “بــست دعاوى من قبل باسيل وكل دعوى يطلب فيها مبلغ مادي قدره 100 مليون تعويض عطل وضرر”.

وفي الختام، إنتقد بو حاطوم “محاسبة الناشطين الذي يتناولون الصفقات المالية المشبوهة وفساد المسؤولين في وقت يدعون “الإصلاح والتغيير”، مع العلم أن الناشطين يعتمدون على المعلومات التي يكشفها الفريق السياسي المناهض لهم إلا أنهم  لا يلاحقون سوى الحلقة الأضعف”.

السابق
تظاهرات في ايران تندد بتدخلاتها الخارجية في سوريا ولبنان
التالي
جريصاتي: متمسكون بحرية التعبير والحريات العامة