لماذا يريد «حزب الله» إحياء معسكري 8 و14 آذار؟

في العقد الاخير انقسمت القوى السياسية في لبنان بين تیارین كبيرين متجابهين، هما 14 و8 آذار. تعود تسمية التيار الاول (8 آذار) إلى عام 2005، وهو تاريخ مظاهرة قادها حزب الله تطالب بعدم خروج سوریا من لبنان، إثر إغتيال الرئيس رفيق الحريري، اما التيار الثاني فجاء كرد فعل من خلال تظاهرة مضادة سُميت بـ(14 آذار).

يضم فريق (8 أذار) قوى متعددة، أبرزها: حزب الله، وحركة أمل، وتيار المردة، والحزب الديمقراطي، وتيار التوحيد، والحزب السوري القومي الإجتماعي، ورابطة الشغيلة، وجبهة العمل الإسلامي، اما التيار الوطني الحرّ فانه بالرغم من تحالفه مع حزب الله وتبنيه خياراته في لبنان، الا انه يعتبر نفسه مستقلا.

إقرأ أيضا: عن ذكرى من احتشدوا ذات يوم في 14 آذار 2005

وبالنسبة تيار (14 آذار) فيضم: تيار المستقبل، والقوات اللبنانية، وحزب الكتائب، وحركة اليسار الديمقراطي، وحركة التجدد الديمقراطي، ولقاء قرنة شهوان، وحزب الوطنيين الأحرار، والكتلة الوطنية اللبنانية.

ومؤخرا شهد الفريقان محاولات خلط بينهما، لذا حزب الله عمل على منع انتقال بعض الجهات الاساسية وعلى اعادة الحياة الى تياره.

الكاتب والصحافي راشد الفايد
الكاتب والصحافي راشد الفايد

وفي اتصال لـ”جنوبية” مع المحلل السياسي والقيادي في تيار المستقبل راشد فايد، قال ردا على سؤال حول محاولة حزب الله احياء انقسام 14 و8 آذار على الساحة السياسية ومنع الرئيس نبيه بري من الذهاب باتجاه كل من وليد جنبلاط وسعد الحريري، إن “هناك وجهة نظر في هذا الكلام، وهو ان ثمة تعاضد موجود بين الرئيس نبيه بري من جهة،  ووليد جنبلاط وسمير جعجع و الرئيس سعد الحريري من جهة ثانية. وهو أمر وارد. اما تدخل حزب الله في تصويب هذا التغيير لدى الرئيس نبيه بري فهو غير وارد، لانه لم يكن ثمة اشتباك سياسي بين الطرفين منذ عقود. وان كان الرئيس نبيه بري يملك حرية حركة، ولم تصل الامور بينهما الى درجة الاشتباك. على الاقل بالمدى المنظور، لان العهد غير مهدد اصلا، والدليل زيارة الوزير جبران باسيل الى الرئيس نبيه بري  لاجل ترطيب الاجواء التي كانت في حالة تصاعد”.

ويشير، فايد، الى ان “وساطة النائب إيلي الفرزلي هي كالخاطبة التي تدل على العروس. والنظام السوري لا ينقصه حوار مع الدولة اللبنانية، لان الدولة اللبنانية تتعامل مع الدولة السورية بدليل زيارات رئيس جهاز الامن العام اللواء عباس ابراهيم اضافة الى وجود السفير السوري في لبنان والسفير اللبناني في سوريا”.

و”النظام السوري يفترض انه انتصر في حربه وتغلب على المعارضة، وبالتالي يظن انه قادر على العودة الى الداخل اللبناني، لذا، يشتغل جماعة حزب الله لجعل هذا الامر واقعا”.

ويتابع، بالقول “لكن وليد جنبلاط وسعد الحريري لن يرضيا، فهناك برودة في العلاقة مع النظام السوري، اضافة الى ان كل العالم لا يتعاطى مع هذا النظام، ونحن لدينا اسبابنا الاضافية فيما يتعلق بموضوع الاغتيالات التي حصلت”. واشار الى ان “الحملة تجددت على الرئيس نجيب ميقاتي بسبب زيارته للرئيس الحريري اضافة لحملة جميل السيد على الرئيس بري”.

وختم، راشد فايد، قائلا “القرار ليس بيد بشار الاسد بل بيد فلاديمير بوتين، لأن قوة ايران ليست بالانتشار، بل قوة الاسلحة لمنع انزعاج القيادة الاسرائيلية”.

الياس الزغبي

من جهة ثانية، يرى المحلل والكاتب السياسي، إلياس الزغبي انه “في البداية يجب التأكد ان حالة 14آذار ليست مجرد حالة سياسية عابرة تنتهي بتفرّق بعض احزابها او مكوناتها، بل هي حالة وطنية متجذرة في التاريخ اللبناني الحديث على الأقل. لذا، لا يمكن الحديث عن حالتين في هذا الحالة، أي من جهة موتها، ومن جهة أخرى إحيائها، فهي قائمة سابقا وحاضرا ومستقبلا، بغضّ النظر عن صيغتها السياسية”.

لذلك، “ما يتم تداوله عن اعادة إحياء 14 اذار ليس دقيقا، لانها موجودة ولو بالمفرق، أي بصورة إفرادية، وفي أية لحظة يمكن اعادة تجميع القوى التقليدية التي شكّلتها او بعضها، كما يمكن إضافة مكونات سياسية جديدة لها، على سبيل المثال ما يحكى عن تخوّف 8 آذار من انضمام الرئيس نبيه بري الى تحالف مكونات 14 اذار السابقة”.

ويضيف الزغبي، قائلا “هنا المسألة شديدة الدقة، فالرئيس بريّ كان رأس الحربة في تشكيل 8 آذار، ولكن التطورات الاقليمية تحديدا وفي سوريا بشكل أخص، والوضع الايراني العام، المتراجع تحت الضغط الدولي، اضافة الى الانهيارات التحالفات الداخلية، كلها عوامل تدفع الرئيس نبيه بري كي يُعيد تموضعه اللبناني العام. وهذا ما يُفسر أمرين، الأول: حالة التقارب السياسي بين الأطراف الاربعة (أمل، المستقبل، القوات، الاشتراكي). والثاني: هو تخوف فريق 8 آذار وعلى رأسهم قيادة حزب الله من التموضع الجديد، الممكن ان يلجأ إليه مجلس النواب. لذلك، يمضي حزب الله ومعه فريق رئيس الجمهورية الى احتواء هذا التوجه الممكن، ما جعل حزب الله يطلب من رئيس تكتل “لبنان القوي” المبادرة الى مصالحة الرئيس نبيه بري”.

إقرأ ايضا: الزغبي: تفرّد نصرالله بمسألة النازحين يفاقم خرق السيادة واستنسابية العودة وطنية

ويختم، إلياس الزغبي، قائلا “إن كل هذا المشهد له امتداد خارجي، ودوافعه الاقليمية والدولية خصوصا بعد قمة هلسنكي والتفاهم الروسي-الاميركي على الوضع السوري، وخضوع طهران للارادة الاسرائيلية بالابتعاد عن الجولان. وهذا مؤشر على بداية تراجعات ايران التي ينسج بعض اطراف الداخل في لبنان على اساس هذه التطورات الخارجية”.

وفي الختام، يرى متابعون ان حزب الله الذي يرفع شعار وحدة المعايير بتأليف الحكومة، نجح بدفع رئيس التيار الحر جبران باسيل الى التفلت من اتفاق معراب وهدم حلفه مع القوات اللبنانية، وهو يضغط باتجاه اضعاف الزعيم الدرزي وليد جنبلاط لصالح النائب طلال ارسلان، بموافقة او دون موافقة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، وذلك من اجل اعادة احياء تحالف 8 آذار لتوفير الاكثرية البرلمانية على حساب فريق 14 آذار، لصرف نتيجة الانتخابات النيابية الاخيرة لصالحه بعد حصوله وحلفائه في 8 اذار على الاكثرية، ما يؤدي بهذه الحسابات الى تكريس هيمنة الحزب النهائية على الساحة السياسية، بعيدا عن تحالفات حاولت تحييد شراكته مع التيار العوني لتفادي نتائج الانتخابات التي كانت معروفة سلفا بسبب اقرار القانون النسبي بضغط من حزب الله.

السابق
وئام وهاب: تحية للجيش السوري!
التالي
تيار المستقبل يفوز بثلاثة مقاعد في انتخابات موظفي أوجيرو