إيران تحرّك المالكي والحشد الشعبي لتأكيد نفوذها في العراق

"الحشد الشعبي" في العراق ودوره الداخلي وارتباط بعض فصائله بالخارج الاقليمي، يعود الى الواجهة في خضم الاحتجاجات التي تعم وسط العراق وجنوبه وتهدد العاصمة بغداد، ماذا وراء دعوة عصائب أهل الحق للخروج من صلاح الدين؟

تستمر المظاهرات في جنوب العراق ووسطه منذ حوالي شهر، ويراوح تأليف الحكومة العراقية في متاهات التفاهمات السياسية والحزبية حول التحالفات وتشكيل الكتل الاكثر قدرة وتأثيرا في عملية التأليف وصولا الى الفوز بمنصب رئاسة الوزراء في الحكومة العراقية المقبلة، وتبرز دعوات لالغاء الحشد الشعبي في العراق واتهامه بتحريك الاحتجاجات واثارة الفوضى.

يذكر ان الحشد الشعبي الذي تأسس عام 2014 بعد احتلال داعش للموصل، كقوة عسكرية تمكنت الى جانب الجيش من دحر التنظيم الارهابي، يضم حوالي150 الفا من المقاتلين و160 فصيلا، جرى تحويله في العام 2016 بموجب تشريع قانوني الى فرع من القوات المسلحة العراقية رسميا بميزانية تبلغ 1،6 مليار.

من جهة اخرى، يعتبر مراقبون ان “تلك الاحتجاجات ظاهرها مطلبي ـ اقتصادي، الا انها تستبطن طبيعة سياسية تمثل نقمة الشارع العراقي واندفاعه للمطالبة بإنتاج طبقة سياسية اكثر فعالية، واذا كان دور رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي يتجاوز الازمة القائمة ويمارس صلاحياته بمعزل عن الضغوط السياسية محاولا ايجاد حلول تخرج العراق من “عنق الزجاجة” على حد تعبير اوساط مراقبة، فان رئيس الوزراء السابق نوري المالكي يحاول الاستفادة من هذه الاحتجاجات، خصوصا بعد خسارته في الانتخابات البرلمانية” بل ويذهب البعض ابعد من ذلك من خلال القول ان “الاخير يمارس ضغطا شعبيا من خلال اشعال التظاهرات في المناطق الشيعية المؤيدة للعبادي، لخلق ازمة وتوتر داخل البيت الشيعي العراقي فرض حالة جديدة يمكن ان تحدث انقلابا في الصورة ضده”.

ومقابل المطالبات العربية والغربية وتحديدا الاميركية الداعية الى ابعاد الحشد الشعبي سياسيا من قيادة العراق، يقول مصدر متابع لـ”جنوبية” ان ” مرد اعتراض العبادي على ابعاد الحشد الشعبي، سببه ان تلك الفصائل تشرعنت وصبحت ضمن القوات المسلحة العراقية التي يرأسها، وتحديدا الفصائل التي شكلّتها مرجعية السيستاني ومنها كتيبة الامام علي وكتيبة ابو فضل العباس. مع العلم ان منظمة بدر المقربة من ايران، اضافة الى الفصائل الاخرى مثل حزب الله العراق والنجباء وعصائب اهل الحق تقوم ايران بتمويلهم وتجهيزهم”.

ويضيفوالمصدر انه بمنظار عربي وغربي، فإن هذه الفصائل الثلاث الاخيرة وغيرها ربما تتسبّب بإضعاف الدولة العراقية على غرار ما فعل حزب الله في لبنان والحوثيون في اليمن، لكن العبادي ليس بوارد الاصطدام معهم، ولا حتى المناوشة السياسية مع تلكتالفصائل المدعومة من ايران، لانه سوف يساهم بخلق الفوضى واختلال في توازن العلاقات مع الجارة القوية الشيعية ايران، فهو يعتقد ان استعداء ايران لا يفيد العراق بل يضره، ويساهم في تأسيس فتنة داخلية وشرخ خارجي معها”.

المحلل والكاتب الصحفي حسن فحص رأى ان “اتهام الحشد الشعبي بوقوفه خلف الاحتجاجات هو اتهام سياسي ولا يرتبط بالجانب القانوني وليس له علاقة بأرض الواقع، فالحشد الشعبي هيئة مستقلة اقرت بقانون داخل البرلمان العراقي كهيئة مستقلة داخل القوات المسلحة العربية، مثلها مثل فوج التدخل السريع والقوات البرية لذلك هي تعتبر جزءا من الجيش العراقي” مضيفا” يبقى ان فصيلا واحدا لم ينضم الى الحشد الشعبي هو سرايا اهل السلام الذي يتبع مقتدى الصدر، في حين ان واشنطن وضعت ثلاث فصائل على لائحة الارهاب منها عصائب اهل الحق وحزب الله العراقي والنجباء، بسبب علاقتهم الواضحة بإيران”.

المحلل والكاتب الصحفي حسن فحص
المحلل والكاتب الصحفي حسن فحص

إقرأ أيضاً: العراق: الكتل الشيعية غارقة في دوامة النزاعات والتحالفات

ولفت فحص الى “وجود حساسية اخرى مطروحة وهي ترشح رئيس قائمة الفتح هادي العامري الى رئاسة الوزراء لذلك فإن الدول الاقليمية والغربية والاميركية تحديدا، تعتبر ان وصول هادي العامري او امكانية وصوله الى سدة رئاسة الوزراء، هو بمثابة استيلاء ايران على الحكم والسيطرة على القرار العراقي من خلال السلطة التنفيذية”.

وحول المطالبات بخروج عصائب اهل الحق بالامس من محافظة صلاح الدين وسط العراق، قال فحص “عصائب اهل الحق هي فصيل من الحشد الشعبي، تتميز بقوتها الاعلامية، في حين انها مجموعة صغيرة، وهي كمجموعة مقاتلة على الارض عمليا، ليس لها فعالية بل واكثر من ذلك معروف عنها انها اكثر ‘تشبيحا’ من غيرها وهم يمارسون عمليات اغتيال ومصادرة بطرق غير مشروعة، من جهة اخرى فإن الازمة تتعلق بالشيخ قيس الخزعلي وهو رئيس عصائب اهل الحق الذي انشق عن مقتدى الصدر” مضيفا “دعوة عصائب اهل الحق للخروج من صلاح الدين ذات الاغلبية السنية سببه اتصال هذا الفصيل والتصاقه بإيران، والسبب الاخر هو عدم القدرة على ضبطه سياسيا وامنيا، لذا فان تحريك هذا الشارع وراؤه اهدافا سياسية تتعلق بالشحن الطائفي”.

إقرأ أيضاً: الفساد في العراق.. ملفات لا يمكن إنهاؤها

والخلاصة، حسب المصدر المتابع ان “ايران تحافظ على رصيدها في العراق سياسيا وعسكريا عبر الحشد الشعبي الذي تمثل في البرلمان العتيد بحوالي 46 نائبا، وهي لا تنوي التفريط به، بل فقط تريد دعم نفوذها وتأكيده في المرحلة القادمة من عمر ازمتها مع الغرب واميركا تحديدا خصوصا بعد الغاء الاتفاق النووي وتشديد العقوبات الاقتصادية عليها”.

السابق
جنبلاط يوضح تغريدته عن الجيش اللبناني ومعركة سوق الغرب
التالي
مطالبة لبنان بالتنسيق مع النظام السوري يعلّق عودة النازحين