ملف المحاكم الشرعية الجعفرية(2): لإلغاء المكاتب الشرعية

المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى
"طلاق الحاكم" هو احد الابواب الشرعية التي فتحت بتوصية من المحاكم الجعفرية في لبنان  لتمكين المرأة المسلمة ـ الشيعية  من الحصول على طلاقها. فهل اثبتت هذه الطريقة جدواها؟ "جنوبية" تفتح ملف المحاكم الشرعية في لبنان، بدءا من مسألة "طلاق الحاكم".

قضية “ديمة” واعلان مظلوميتها نتيجة ما أدلته عن تعسف بإصدار القرارات الشرعية وتعثر الحلول وامتدادها سنوات طويلة ، تمثل نموذجا من مئات القصص والقضايا العالقة في ادراج المحاكم الشرعية الدينية، والسؤال الذي يطرحه مراقبون في شؤون الاحوال الشخصية” ألم يجد اصحاب الربط والحل مخرجا لديمة او غيرها؟ وان كانت تطالب بنفقة او بحقوقها الا تستحق ذلك بموجب الشرع؟”

مصدر ديني متابع معني بملف المحكمة الشرعية قال لـ”جنوبية” انه” بالنسبة للمجلس الشيعي الاعلى، فان معظم  قضاياه المتعلقة بطلاق الحاكم تتم بضغط وتدخلات سياسية، ولا يخفى تدخل شخصيات سياسية بشكل مباشر في قضايا الاحوال الشخصية”.

ولكن هناك ادعاءات بأن دور المحاكم الشرعية هو مكملا ومساعدا للمحكمة الجعفرية؟

أجاب المصدر” هذا تضليل ومغالطة كبيرة، دوره ليس مكملا بل هو يفتقد الى درجات المراجعة منها الاستئناف والتمييز ، فالبت منوط بشخص رئيسها، لذا يجب التأكيد هنا على ضرورة بقاء القضاء مستقلا ومحصورا بالمحكمة الجعفرية العليا حيث توجد سلطات رقابية وتفتيش على القضاة وعملهم”.

من جهة اخرى لفت المصدر الى ان ” حزب الله يتدخل بشكل اقل في تلك المكاتب الشرعية ومنها المجلس الشيعي نتيجة امتلاكه لقضائه الخاص في نظامه الداخلي، وابرزهم في هذا المجال مسؤول القضاء، قاضي الشورى الشيخ محمد يزبك، ورئيس محكمة التمييز في حزب الله الشيخ مالك وهبة وقاضي الضاحية السيد يوسف ارزوني، لذا فهو لا يضطر كثيرا للجوء الى المجلس الشيعي” مؤكدا” تدخل حركة امل مباشرة في الدعاوى القائمة بين الناس من خلال المال السياسي الذي يلعب دورا كبيرا في تحريك الملفات”.

اقرأ ايضا: ملف المحاكم الشرعية الجعفرية (1): قضية ديمة وإشكالية«طلاق الحاكم»

الشيخ محمد علي الحاج: لإلغاء المكاتب الشرعية الدينية

الشيخ محمد علي الحاج العاملي شرح لـ”جنوبية” حول تأسيس المحاكم الجعفرية في لبنان وخصوصيتها، وقدّم مطالعة تاريخية تؤكد فقال”من ناحية مبدئية هذا الأمر يؤكد مطلبنا بضرورة إضفاء البصمة الشيعية على محاكمنا الشرعية الجعفرية، التي تأسست بفعل طبيعة النظام اللبناني، الذي أتاح لكل طائفة تنظيم أحوالها الشخصية، فلم يكن تأسيس المحكمة الجعفرية بطلب من علماء الشيعة، ما أدى لتكون المحكمة الجعفرية مستنسخة عن محكمة إخواننا السنة! كما جاء قانون تنظيم القضاء الشرعي مشتركا بين السنة والشيعة.

واوضح الشيخ الحاج انه “يمكن ملاحظة فرقَين بين الذهنيتين السنية والشيعية:

ـ أولا: القاضي في الفقه الجعفري هو العالم المجتهد، وليس مطلق عالم دين معمم، ولو كان حاصلا على إجازة في الشريعة والقانون، كما هو الحال لدى إخواننا السنة..

ـ ثانيا: الفقه الجعفري ينيط بالعالم الفقيه المجتهد صلاحية شرعية معينة، وهذا ما لم يتم ملاحظته في طبيعة تكوين المحكمة الجعفرية، وإلا كان الأجدى قوننته، واحترام خصوصية الفقه الجعفري في هذا الإطار”.

ولفت الشيخ الحاج ان “علماء الشيعة كانوا يرفضون تولي منصب القضاء الشرعي، ولطالما رفض علماؤنا ذلك، ومعروف أن رئاسة محكمة التمييز الجعفرية عُرضت على المجتهد الشيخ حسين مغنية في العشرينات من القرن الماضي، لكنه رفض!” مؤكدا ان ” تفاعل الشيعة مع القضاء خجولا، ولذا لا نلحظ أي اهتمام به أزيد من أدنى درجات الحاجة إليه! فلم يتم تطوير أجهزته، ولا حتى إعادة النظر بالأنظمة.. رغم أن تنظيم القضاء الشرعي صدر منذ أكثر من نصف قرن تحديدا في العام 1962، ناهيك عن الشغور الراهن في رئاسة المحكمة الجعفرية، وفي أكثر من ست مواقع قضائية.. ومع ذلك لم يشعر الشيعة بأي خلل!”

واضاف “مهدت بذلك لتأكيد إن تأسيس محكمة شرعية ضمن المجلس الشيعي هو في غير مكانه، وهناك حالات تفلت عديدة في نفس الإطار، حيث صار لدينا مكتب شرعي في مؤسسة السيد فضل الله، ومكتب شرعي للشيخ النابلسي في صيدا”.

اقرأ ايضا: «الشراع» تفتح ملف المحكمة الجعفرية بعد المجلس الشيعي

واضاف الشيخ الحاج “هذا أمر غير مقبول، ويجب تطوير أنظمة محاكمنا الشرعية، كما يجب إغلاق المحاكم الخاصة، والإبقاء على محكمة الدولة الرسمية، ولا شك بوقوع الكثير من حالات الظلم على الزوجات، حيث التشدد في التطليق.. مع غياب الثقافة الشرعية بما يؤدي لحفظ حقوق النساء تحديدا، فمثلا للمرأة الحق في أن تكون وكيلة نفسها في الطلاق”.

وختم  الشيخ محمد علي الحاج العاملي “كنا قدمنا اقتراحا باستحداث مجلس للحكام الشرعيين ضمن المحاكم الشرعية الجعفرية، برئاسة رئيس المحاكم، وعضوية العلماء المجتهدين في لبنان، يناط به حصرا ايقاع طلاق الحاكم، وبذلك نمنع قيام مكاتب فردية تتصدى للقضاء، كما ننظم فيه الأمر بشكل مؤسساتي، وتاليا يسهل أمور الناس، فلا نشهد حالات مأساوية كما حصل مع السيدة ديمة واخواتها”.

السابق
كوخ ريفي قديم مزوّد بكل وسائل الرفاهية في مقاطعة «كيبك» الكندية
التالي
طارق المرعبي: حاكم الشام هم ظلمتها ومهجري شعبها