ما هي أبعاد رفض الرئيس بري استقبال «كاردل وبيري»؟

نبيه بري
في موقف لافت لرئيس مجلس النواب نبيه بري، وضع فيه مسؤولين كبيرين في الأمم المتحدة على لائحته السوداء كما عبّر، رافضا استقبالهما في مقره بعين التينة ببيروت، بسبب انحيازهما الفاضح للعدوّ الإسرائيلي حسب قوله.

تناقلت وسائل إعلام محليّة عن إتخاذ رئيس مجلس النواب نبيه بري قرارا بتلقين كل من ممثلة الأمم المتحدة في لبنان، بيرنيل دايلر كاردل، وقائد القوات الدولية (اليونيفيل) المنتهية ولايته الإيرلندي، مايكل بيري درسا قاسيا برفض إستقبالهما بسبب استيائه الشديد من “تجاوزاتهما النافرة” بحسب ما نقل عن برّي.

اما سبب إستياء برّي من كاردل حسب مصادره، هو تجاوز حدودها في سلوكها  عند مخالفتها للأصول الدبلوماسية والحقائق الموضوعية إذ حملت الرئيس بري مسؤولية تعطيل حل النزاع الحدودي مع العدوّ الإسرائيلي أثناء لقاءاتها مع شخصيات لبنانية، مشيراً إلى أنه كان يعرف بمحتوى مداولاتها مع تلك الشخصيات “والمَنحى العدائي الذي تعتمده ضدي”.
أما موقفه المعادي للجنرال مايكل بيري قائد اليونيفل، فهو بسبب مشاركته في احتفال كيان الاحتلال الإسرائيلي في “عيده الوطني، وتغريده  “تويتر” مهنّئاً إسرائيل بهذه المناسبة، مُتجاهلاً أنه قائد “اليونيفيل” في لبنان، وأنّ هذا الدور يُحتّم عليه سلوكاً مغايراً ومراعاة موقعه ومشاعر اللبنانيين الذين دفعوا أثماناً كبيرة جرّاء عدوانية الاحتلال الإسرائيلي وحروبه”.

مصادر مطلعة وجدت أن خطوة الرئيس بري هذه لها أبعادا أخرى وهي أكثر من أن تكون مجرّد ردّ إعتبار، خصوصا أن الشخصية الأولى هي ممثلة الأمم المتحدة في لبنان، والآخر هو قائد قوات اليونيفيل، الأمر الذي يربطه مراقبون مع “المبادرة الإسرائيلية” لترسيم الحدود مع لبنان برا وبحرا، والتي كانت للبلوكات النفطية البحرية المشتركة بين “البلدين” أثرها الرئيس في إطلاق هذا “العرض الاسرائيلي” لحل هذه المعضلة بعد إنقطاع، واليوم يبدو ان المطلوب من برّي عرقلة هذا الملف عبر إفتعال أزمات دبلوماسية مع الموظفين الدوليين.

فهل تم إيكال المهمة لبرّي لعرقلة الإتفاق على ترسيم الحدود مع العدوّ الإسرائيلي خصوصا أنه ليس من مصلحة “حزب الله” الاستراتيجية إنهاء النزاع الحدودي؟

نبيل هيثم الكاتب والمحلّل السياسي أكّد في حديثه لـ”جنوبية”  أن “هذا الكلام غباء سياسي، ومن يتبناه لا يفقه بالسياسة إنما هو منجم، مشيرا إلى أنه “كي يأخذ الرئيس بري هكذا قرارا، فانه يتعلق قبل كل شيء بمصلحة لبنان،خصوصا أنه لطالما كان يحرص على أن تكون العلاقات كما تقتضي بين الدول والشخصيات الدبلوماسية، إنما هنا الأمر يتعلّق بمصلحة لبنان خصوصا في الملف الأول الذي له علاقة بملف الحدود البحرية والثروات النفطية التي تحاول إسرائيل أن تضع يدها عليها ومحاولة إسرائيل التحايل عبر طرح الأمور من بحسب ما تقتضيه مصلحتها”.

إقرأ أيضاً: بري يحمل لواء تشريع زراعة الحشيشة بانتظار القوانين النافذة ‎

وتابع “كان هناك تفهم من الجانب الأميركي في بادئ الأمر على تقاسم المنطقة البحرية وحق لبنان فيها، وآنذاك طرح موضوع الحلول وكانت الوساطة الأميركية التي قام بها السفير فريديريك هوف وطرح حلّ شبه مقبول، لكن فجأة تم إستبدال هوف بشخص آخر، إلى أن طرح مؤخرا حلّ أميركي لهذا الملف الذي عرض على لبنان، وعلى هذا الأساس عقد إجتماع رئاسي في بعبدا واتخذ القرار اللبناني بتأييد هذا الطرح شرط أن يبدأ الترسيم من البر بدءا من مزارع شبعا إلى تلال كفرشوبا وصولا إلى البحر وهو ما قاله الرئيس برّي، وبالتالي نقل الموفد الأميركي هذا الردّ إلى إسرائيل”. مشيرا إلى أنه “بشكل مفاجئ بدأ الحقن من قبل ممثلة الأمم المتحدة كاردل التي بدأت بالتعاطي بأسلوب عدائي تجاه الرئيس بري تحديدا واتهمها له زورا أنه يعرقل هذا الحلّ، وان هذا الأمر قد يؤدّي إلى حرب في لبنان”.

نبيل هيثم

وإعتبر هيثم أن “هذا الكلام هو كلام إسرائيلي، وتصرف غير مقبول من موظفة دولية خصوصا أنها ممثلة الأمم المتحدة في لبنان التي من المفترض أن تكون “حيادية” وأن لا تنطق بلسان إسرائيل وكاردل نظرت بعين إسرائيلية”. وأضاف “الرئيس بري أخذ هذا القرار لأنه على يقين بأنها هذه المسؤولة الدولية ليست حيادية ولا تعمل لمصلحة لبنان خصوصا لمدى حساسية هذا الملف، وبالتالي من حق بري إعطاء رسالة دولية قاضية بتعيين مكانها ممثل آخر د، ورسالة داخلية للتنبه مما يجري”.

إقرأ أيضاً: لماذا يبرىء جميل السيد حزب الله ويتهم بري؟

وفيما يتعلّق بموقف بري إزاء الجنرال بيري قائد “اليونيفيل” قال هيثم، إنه “لطالما ربط لبنان بقوات اليونفيل علاقات طيبة وصداقات معهم إن كان على المستوى الشعبي أو السياسي، خصوصا الرئيس بري الذي جمعته علاقات صداقة بمعظم مسؤولي “قوات الطوارئ” وسائر قائديها الذين كانوا حريصين على التعاطى بالمنطق الذي لا يغضب اللبنانيين إلى أن جاء بيري”. ولفت “لعلّ خلفيته الإيرلندية تجعله جافا في التعاطي مشيرا إلى أن “عينه إسرائيلية” تماما. فلم يتعاطَ من موقعه بحيادية وهو ليس بأمرا جديد، لكن خطورة هذا الأمر  هو بما يتعلّق باللجنة الثلاثية اللبنانية – الإسرائيلية – دولية”.

وختم هيثم بالقول “عمليا هذا يعني أن لبنان كان وحيدا في هذه المباحثات لعدم حيادية هذه المنظمات، وطالما كان لبنان يعاني من هذه المشكلة خصوصا في ملف الجدار والحدود البحرية لجهة مراعاة اليونيفيل الموقف الإسرائيلي، مشيرا إلى أن “موضوع النفط حساس، وما يجري هو عدوان مزدوج على لبنان وعلى السيادة والإقتصاد”.

السابق
تبييض سجون الأسد: آلاف المعتقلين شهداء…بتواطؤ دولي
التالي
الحاج حسن: خسائر لبنان نتيجة الأزمة السورية على مدى خمس سنوات 10 مليار دولار