تبييض سجون الأسد: آلاف المعتقلين شهداء…بتواطؤ دولي

سوريا
نظام الأسد يعمل على تبييض سجونه، والإعلان تباعاً عن أسماء الضحايا.

آلاف المفقودين في السجون السورية أدرجت امس على قوائم الموت التي أصدرها النظام!

هذه القوائم التي بدأت في ريف حمص وريف حماة، بعدما تبلغت في التاسع من تموز أكثر من 300 عائلة أنباءً عن وفاة معتقليها وذلك باتصال هاتفي، هذا الأنباء التي عممها النظام دون أن يربطها لا بشهادة وفاة رسمية ولا بتقرير طبيب شرعي، هي تمهيد لإغلاق ملف أكثر من 200 ألف مفقود وشهيد قضوا تحت التعذيب، وذلك بحسب ما أكدت مصادر “جنوبية”.

وفيما ترى المصادر أنّ ما يقوم به الأسد هو محاولة يسعى من خلالها إلى تبييض ملف السجون الحافل بالانتهاكات والممارسات البعيدة عن الإنسانية والقوانين الدولية. بدأت في المقابل الاتصالات الهاتفية المشؤومة تضرب على وتر أعصاب أهالي بلدة داريا التي ارتدت الأسود في اليومين الماضيين وذلك بعدما صدرت القوائم التي تتضمن 1000 شهيداً!
إلا أنّ العدد الفعلي للشهداء الذين عرفت أسماؤهم بحسب ما تؤكد مصادر “جنوبية” هو 3000، موزعين ما بين داريا والرقة وريف حمص وريف حماة.

تلفت المصادر نفسها إلى أنّ النظام السوري قد سلم السجل المدني يوم أمس أسماء 520 شاباً فلسطينياً قضوا في السجون!

هذا وقد تمكن فريق التوثيق بالتعاون مع صفحة تنسيقية أهالي داريا في الشتات يوم أمس الجمعة 27 تموز، من توثيق أسماء تعود لـ68 شهيد استلم ذووهم وثائق تؤكد وفاتهم تحت التعذيب في سجون النظام منهم سبعة شهداء استشهدوا اعداماً في سجن صيدنايا العسكري بتاريخ 15-1-2013.
ونقل الفريق عن مصادر من السجل المدني في داريا أنّ النظام السوري قد أرسل قائمة فيها أسماء الشهداء الذين استشهدوا تحت التعذيب وفيها ما بين 950 و 1000 اسم، على أن يكون هُناك قائمة ثانية سترسل بعد فترة.

في السياق نفسه وثقت منظمة لايف الناشطة في المجال الحقوقي ارتفاع عدد ضحايا التعذيب في سجون النظام السوري إلى 7000، مطالبة المجتمع الدولي ألاّ يترك الجناة بدون محاسبة وألاّ يؤسس لسابقة خطيرة تمكِّن مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية في سوريا من الإفلات من العقاب.

ما هدف النظام السوري من إصدار هذه القوائم في هذه المرحلة؟!

يؤكد مدير مركز Backhome لدراسات مكافحة الإرهاب في باريس، السياسي السوري المعارض وائل الخالدي في حديث لـموقع “جنوبية”، أنّ ما يحدث هو عملية تبييض للسجون السورية، فالجانب الروسي – بحسب الخالدي- يريد أن يعيد الوضع في سوريا إلى ما كان عليه قبل الثورة، لا ضحايا، لا شهداء، لا تعذيب، لا مفقودين، لا أسرى، لا لاجئين.

إلا أنّ الكارثة الحقيقية التي يتوقف عندها المعارض السوري في هذه المرحلة، هو “انفجار الموت”، والعدد الهائل للضحايا الذين أبلغ ذووهم أو سوف يتم إبلاغهم في الأيام القادمة، لاسيما وأنّ هذه الغمامة السوداء التي فرضها النظام على معارضيه ترتبط بتعليق “يتيم” يتم الحصول عليه عند السؤال عن سبب الوفاة، ألا وهو أنّها “وفاة طبيعية”.

هذا ويوضح الخالدي لموقعنا أنّ الهدف من كل هذه الخطوات تدعيم بقاء بشار الأسد في سدة الحكم في سوريا، ومحو أرشيفه الأسود، متسائلاً في هذا الصدد، أين المجتمع الدولي، هذا المجتمع الذي بات متواطئاً ضد الشعب السوري.

 

وائل الخالدي وفي متابعته لقراءة هذه التداعيات، لا يفصل هذا النزيف الدموي عن الحراك الروسي لإعادة اللاجئين، والضغط الذي يمارس على الدول المانحة لتحوّل أموالها لروسيا كي تنشئ مراكز لإيواء اللاجئين السوريين في الداخل السوري، مؤكداً أنّ لا ضمانات يمكن أن تقدمها روسيا للعائدين والإيراني ما زال موجوداً هو وميليشياته في سوريا، فالروس لا قوات لديهم على الأرض وبالتالي لن يغيروا المعادلة!

إقرأ أيضاً: بين السجون السورية الإيرانية والإسرائيلية؟

ويتابع الخالدي مبدياً تخوفه من المخطط الروسي لتطويع اللاجئين السوريين في الجيش السوري واستخدامهم في مواجهة التواجد الإيراني، لاسيما وأنّ روسيا لن تغامر هي بهذه الخطوة.

وفي الختام يؤكد المعارض السوري وائل الخالدي، أنّ عملية إحياء الأسد لن تصل إلى أهدافها، فاللاجئين الذين تعمل روسيا على إعادتهم  هم القنبلة الموقوتة التي ستنفجر في وجه النظام والتي لن تسكت لا عن جرائمه ولا عن طغيانه.

ما الهدف من اختيار هذا التوقيت لإصدار القوائم؟ وأين المنظمات الحقوقية؟

يربط مدير مؤسسة لايف المحامي نبيل الحلبي، بين القوائم وبين اقتراب مناقشة ملف المعتقلين والمعتقلات في السجون السورية، موضحاً في حديث لـ”جنوبية” أنّ هذا الحدث هو الذي أدّى إلى نشر قوائم بأسماء المعتقلين الذين توفوا منذ 3 سنوات تحت التعذيب في معتقلات النظام السوري.
وفيما يرى الحلبي أنّ هناك محاولة لدى النظام لإقفال هذا الملف، يلفت بالتالي أنّ هذه الخطوة لا تؤسس إلى الإعفاء من المحاسبة وإنّما هي فقط لحصر عدد المعقتلين الذين ما زالوا على قيد الحياة والذين قد يصدر لاحقاً العفو بحقهم جراء المحادثات الجارية في الشأن السوري.

 

ويتابع المحامي نبيل الحلبي عند سؤاله عن دور المنظمات الحقوقية، قائلاً “المنظمات الحقوقية ما زالت على موقفها الذي يطالب بمحاسبة مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية وخاصة التعذيب الممنهج حتى الموت في المعتقلات السورية”.
وأضاف “طبعاً الأعداد إلى ارتفاع، ونحن بمؤسسة لايف أشرنا إلى أنّ أعداد الضحايا التي وصلت إلى 7000 بينهم 1000 معتقل قد قضوا تحت التعذيب فقط من داريا، هم جميعهم يعودون لبداية الحراك السلمي المطالب بالتحول الديمقراطي في سوريا في منتصف عام 2011، وبالتالي نحن نقول بمؤسسة لايف أنّ معظم ضحايا التعذيب الذين قضوا في تلك الفترة كانت قد سُرِّبَت صور لجثثهم على يد معاون منشق عن الشرطة العسكرية السورية أواخر عام 2013 والذي عُرِف فيما بعد بملف (قيصر) “.

إقرأ أيضاً: المعتقلون في السجون السورية ضحايا لجريمة الإختفاء القسري

في الختام، ما يعانيه السوريون جراء طغيان نظام الأسد وجرائمه بات ثقيلاً، ولعلّ أبلغ ما يمكن التعليق فيه على هذه المأساة هو قول الدكتور فادي شامية:

“استغرق الأمر سنوات ليسمح وضعه بإعلانه الانتصار على أجسادهم. النظام السوري يصدر شهادات الوفاة لآلاف “المختفين قسرياً” منذ بداية الثورة، ويسلم عائلاتهم بلاغات “القتل”. تبييض السجون في العالم بإخراج المعتقلين منها، وتبييض السجون في سوريا بإخراج شهادات الوفاة للمعتقلين الذين فنيت أجسادهم فيها. في كل يوم يُثبت أشنع الأنظمة القمعية أن بغضه عبادة، وأن الموقف منه اختبار للضمير الإنساني”.

السابق
فوز لبنان على الأردن في إطار بطولة غرب آسيا للناشئين
التالي
ما هي أبعاد رفض الرئيس بري استقبال «كاردل وبيري»؟