نواب وبيئيون يرفعون اصواتهم بوجه مافيا محارق النفايات

ما هي تقنية المحارق؟ وهل هي فعلا حلّا مناسبا لأزمة النفايات في لبنان أم أنه مشروع سرقة وهدر مالي جديد للمسؤولين؟

هذه المرّة لم ينتظر العمل التشريعي ولادة الحكومة، بل باشرت اللجان النيابية عملها بعد دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، حيث تم إقرار مشروع قانون “حماية كاشفي الفساد” ومشروع “قانون النفايات الصلبة” مع التحفظ على المادة العاشرة من الفصل الثاني (التنفيذ) بتأييد الغالبية بإستثناء النواب بولا يعقوبيان، وسامي الجميل، وإلياس حنكش، الذين غادروا الجلسة اثر خلاف على موضوع النفايات الصلبة.

واشار الجميّل بعد خروجه من الجلسة الى “عدم السماح لهم بالكشف عن ثغرات المشروع حيث أصرّوا على التصويت عليه وتمريره من دون مناقشته”، وأكّد إعتراضه على تقنية المحارق التي أصبحت قديمة نظرا لخطورتها”. وإستغرب الجميّل “الإستعجال في البت المشروع دون إنتظار الحكومة”.

النائب بولا يعقوبيان

إقرأ ايضًا: نفايات لبنان الى المكبات العشوائية… ثم الحرق والموت البطيء!

وبدورها، أكّدت يعقوبيان موقفها الرافض لمشروع المحارق، مشيرة الى اننا “امام نوع من ابتزاز في ملف النفايات، إما المحارق او بقاء النفايات في الشوارع، ويبدو ان التوافق بات ناضجا لوضع محرقة في الكرنتينا”، مؤكدة “لن اقبل بجلب لا سرطانات او امراض اخرى مرتبطة بالمحارق”. لافتة الى انه “بعد اطلاع كبير على تقنية المحارق الموجودة في اوروبا فأن اول شرط هو الرقابة ونحن في دولة لا يوجد فيها رقابة مما يعني ان أي خطأ في الانبعاثات يؤدي الى منطقة مصابة بالسرطانات”.

وفي تصريح لـ”جنوبية أكدت يعقوبيان أنها “مستمرة، مشيرة إلى عقدها هي وإئتلاف إدارة النفايات مؤتمرا صحافيا في 31 تموز المقبل عند الساعة الخامسة والنصف في المدوّر – الكرنتينا حول محرقة بيروت ومخاطرها البيئية، الصحية، الإجتماعية والإقتصادية.

فما هي تقنية المحارق؟ وهل هي فعلا حلّا مناسبا لازمة النفايات في لبنان أم أنه مشروع سرقة وهدر مالي جديد للمسؤولين؟

رئيس “الحركة البيئية” بول أبي راشد، أكّد في حديث لـ”جنوبية” أن “موقف النواب الجميّل، حنكش، ويعقوبيان، إضافة إلى أسامة سعد الذي أصدر اليوم بيانا عارض فيه هذه التقنية يثبت أن هؤلاء النواب فقط هم المطلعين على ملف النفايات، أما سائر النواب فليس لديهم أدنى فكرة أو أن جزء منهم مضطلعين لكنهم يدركون أن عملية التفتت الحراري هي صفقة تناسب القطاع الخاص والصفقات التي يجريها المسؤولين”. مشيرا أنه “أصبح واضحا أن الدولة تخدم قطاعا خاصا مافياويا يستفيد من مشاريع الدولة وهي بالنسبة لهم بقرة حلوب”.

وأشار إلى أن الإعتراض على هذا المشروع لأن “إدارة النفايات لا تتلخص بالمحارق أو التفتت الحراري، ففي كل مرة تطرح الدولة حلولا إما بالمطامر أو المحارق ما يشير الى انه ليس هناك دراية علمية في ملف النفايات، لأن جزء صغير جدا من النفايات قابلا للحرق لعدم خطورته ولقدرته الحرارية، لذا يمكن تحويلها بواسطة الحرق أو تقنيات أخرى إلى مصدر للطاقة، الا ان هذه واحدة من المعالجات وليست الحلّ الشامل كما انها مخصصة لجزء صغير جدا من النفايات”، وتابع “53% من النفايات لدينا هي فضلات مأكولات ولا يمكن حرقها، و35% هي مواد بلاستيكية، وورق، وزجاج ومعادن لا يجوز حرقها لأن قيمتها الإقتصادية والبيئية أكبر من أن تحرق”. مشيرا  إلى أن هناك نوع من النفايات يسمى المرفوضات وهي ذات قيمة حرارية غير خطرة يمكن تحويلها إلى وقود ويمكن حرقها وتحويلها إلى كهرباء، لكن ما يتكلمون عنه في المجلس النيابي حرق كل أنواع النفايات، ولهذا السبب يرفض البيئيون والخبراء تقنيات الحرق”.

إقرأ ايضًا: «نفايات بيروت» بين الصفقات المشبوهة أو تراكمها في الشوارع في أذار!

كما إستغرب أبي راشد “توقيت إقرار المشروع والإستعجال ببته قبل تأليف الحكومة، مشيرا إلى أنه “يبدو أن البت بهذا الملف فرض عليهم قبل الذهاب إلى “باريس 4″ لأن أحد بنود هذا المؤتمر ينصّ على تمويل ثلاث محارق وتكلفة المحرقة الواحدة تبلغ  365 مليون دولار، في حين أن الكلفة لا تتجاوز الـ 200 مليون دولار”. ولفت الى “أن هذه الدول لا تستفد فقط من لبنان بالفوائد على القروض إنما أيضا تستفيد من خلال بيعنا تقنيات هي قد تخلّت عنها”، مشيرا “أن “باريس 4” ينص أيضا على “public private participation ” وجميع المشاريع يديرها بمجملها القطاع الخاص، وهو يعني أن مافيا الداخل التابعة للمسؤولين ستكون المستفيد الثاني من المحارق. ما يتضح أن الأولوية هي ليست للبيئة والمعالجة إنما التجارة”.

وشدّد أبي راشد على أن “الدولة اللبنانية لا تذهب نحو الحلّ البيئي المتكامل لأنه لا يدخل أموال إلى جيوبهم إنما ينمّي المجتمع ويخلق فرص عمل عدا عن انه يخلق إستقلالية مادية للشعب وللبلديات، فيما هم يريدون أن يبقى الشعب اللبناني تابع لهم”. مشيرا إلى ان الوضع السياسي مرتبط بالنفايات.

وعن الحلّ البيئي الأولي للنفايات والمتبع عالميا، ختم  أبي راشد إنه “مقسما إلى 3 مراحل متسلسلة ويبدأ أولا “بالتخفيف ومن ثم  التدوير والتسبيخ ومن ثم  إسترداد الطاقة، وفي المرحلة الأخيرة التخلص عبر الحرق أو الطمر، فيما المشروع المطروح ينص على التالي: التدوير أو الحرق أو الطمر ما يعني انه وضع هذه التقنيات جميعها في المستوى نفسه ولجميع انواع النفايات وهذه هي المشكلة الأساسية”.

والحلّ البيئي يتلخص بهذين الرسمين التوضيحيين:

وفي المحصلة هل ستكون المحارق دافع للبنانيين كي يرفعوا الصوت عاليا مع النواب الرافضين بوجه السياسيين رفضا لمحارق الموت؟

السابق
بشّار… وتطويع الدروز
التالي
نحو فرض حلّ في سورية بإرادة روسية – أميركية