مجزرة السويداء والتلويح بحكومة أكثرية لن يحرج الحريري

ليست المرة الأولى التي يتأخر فيها تشكيل الحكومة في لبنان ولا انتخاب رئيس للجمهورية، فمعاناة اللبنانيين في هذا الاطار طويلة جدا ومُرّة.. ولكل مرحلة أسبابها. فهل هذه المرة الأسباب محلية أم أقليمية؟

رغم مرور أكثر من شهرين على عملية التكليف، بات ملف الحكومة اللبنانية في مكان بعيد، لدرجة اضطر مجلس الأمن الدولي إلى حثّ المسؤولين على تشكيل الحكومة، حيث أعتبر البعض ذلك ردّا دوليّا على محاولات إقصاء الرئيس المُكلف سعد الحريري، أو ردا على دعوات “حلفاء” النظام السوري إلى تشكيل حكومة أكثرية.

إقرأ ايضا: الرئيس المكلف سعد الحريري: تشكيل الحكومة بات قريبا

فهل ان استعجال البعض تشكيل حكومة أكثرية هو من أجل التنسيق مع النظام السوري، وفرض شروط معينة؟ وهل ان تشكيل الحكومة أصبح أمره يأتي من وراء الحدود، ومرتبط بالعلاقات اللبنانية-السورية؟

عضو كتلة المستقبل النيابية النائب السابق مصطفى علوش

في هذا الاطار، يقول القيادي في تيار المستقبل، الدكتور مصطفى علوش، ردا على سؤال حول تأخير تشكيل الحكومة وارتباطه بما يجري في سوريا، قال لـ”جنوبية” “لا أعرف اذا كان الأمر مرتبطا بسوريا او لا، فنحن في لبنان نجعل ثقب الأوزون على ارتباط بما يحدث في لبنان”.

وحول علاقة الأزمة الحكومية في لبنان بالأزمة السورية والتفجيرات امس في السويداء قال علوش “ما تبقى من النظام السوري لا يمكن ان يكون بعيدا عما يجري في لبنان ولا يمكن التأكيد على العكس، فلا ضمانة ان النظام او الميليشيات الداعمه له تريد الخير للبنان. وكذلك لا اعتقد ان انفجارات السويداء مرتبطة بلبنان”.

ويستدرك “لا أستغرب شيئا بالنسبة لهذا النظام، فهو قد يُسلط على الوزير وليد جنبلاط من يربط القضية به من أجل تبرير تقسيم سوريا الى عدة أقاليم، وقد يصبح الإقليم الدرزي مستقلا، ومن الممكن ان يكون ذلك التفجير جزءا من مخطط عام”.

ويشدد، علوش، على ان “القرار اللبناني بتأليف الحكومة هو قرار محلي، فمجرد ان تتفق الاطراف على تشكيل حكومة يتم ذلك، علما ان الرئيس سعد الحريري ليس ضعيفا، ولكن تأخير تشكيل الحكومة سوف يوفر للبنان مواكبة الملفات الاقليمية”.

من جهة ثانية، رفض المحلل السياسي، فيصل عبد الساتر،  “ما يدلي به البعض في لبنان حول محاولة ربط ما جرى من تفجيرات في السويداء، وعلاقته بالضغط على القوى معنيّة في لبنان وعلى رئيس الحكومة، او ان ذاك الحدث هو للقبول بشروط ما”.

برأي عبد الساتر ان “هذه المقاربة تدخل في اطار الخلط. ولا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بالامر. بل تدخل في اطار صراع نفوذ بين واشنطن وموسكو، وكلنا يعلم ان “داعش” مموّل من واشنطن. اما عملية السويداء ومحاولة البعض إتهام الدولة السورية فانه يدل على تفاهة الذين يذهبون في هذه الاوهام، فهذه المنطقة هي تحت السيطرة الاميركية أصلا”.

ويتابع عبد الساتر، بالقول “كما بات معلوما للجميع ان “داعش” يتمركز في الجنوب السوري تحت رعاية اميركية – إسرائيلية واضحة. والعملية التي حدثت بطريقة التسلل ترسم علامات كبيرة حول الدور الاميركي لجهة وصول “الدواعش” الى ريف السويداء وارتكابهم المجازر بحق المدنيين، وهو برسم الادارة الاميركية التي تحاول اعادة السيطرة”.

و”بالعودة الى الموضوع اللبناني، اعتقد ان سوريا ليست بوارد التفكير بالاوضاع في لبنان سواء تشكّلت الحكومة أم لم تتشكل. فبعض الاطراف اللبنانية ربما لديها شروط او تسعى لوضع حواجز امام الرئيس المُكلف. والرئيس الحريري لم يفصح عنها، بعد ان كان يدّعي ان الأطراف الأخرى تؤخر تشكيل الحكومة، خاصة انه يرفض تمثيل الطرف السنيّ المعارض له”.

و”هذا التأخير يعود أيضا الى الدور الثلاثي الذي تدعمه السعودية، وهم القوات اللبنانية، والحزب التقدمي الاشتراكي، وتيار المستقبل. فهؤلاء جميعا يحاولون استهداف العهد بعراقيلهم للضغط عليه للقبول ببعض الشروط، وبانتظار رضوخه حتى لا تكون حكومة العهد القوية، ويسهل عندئذ تناول العهد واضعافه”.

إقرأ ايضا: لقاء سلام-جنبلاط: جردة شاملة منذ بدء التكليف

ويشدد الاعلامي فيصل عبدالساتر، بالقول “بات من الواضح ان الذين يحاولون تحميل جبران باسيل المسؤولية انهم يحاولون التهرب من مسؤولياتهم، وان كان باسيل طرفا، لكنه ليس مسؤولا، اما التهويل بالوضعين الاقتصادي والأمني فيأتي في اطار الجوقة المبرمجة، ولم يعد أحد يلتفت الى هذا الأمر”.

ويختم، قائلا، “نحن لا زلنا في المربع الأول من تشكيل الحكومة، ولم نتفق بعد على الاسماء والحقائب، فلماذا يدّعي الرئيس المكلّف التفاؤل؟ بماذا هو متفائل؟”.

السابق
حملة «الأونروا حقي حتى العودة» تدعو لتحرّك دولي عاجل لإنقاذ اللاجئين الفلسطينيين
التالي
حول اللجوئين الفلسطيني والسّوري: لبنان 2017 – 2018 (لاجئون أقلّ لجوءٌ أكثر)…