اللجنة «الروسية – الاميركية – اللبنانية» تثير خلافا بين عون والحريري

عاد ملف اللاجئين السوريين في لبنان إلى الواجهة مجددا ولكن هذه المرّة من البوابة الدولية، وبحضور مكثّف لروسيا على ضوء قمّة هلنسكي والإتفاق الأميركي - الروسي على معالجة أزمة اللاجئين ‏السوريين وما تلاه من حديثٌ عن تأليف لجنة مشتركة لبنانية - أميركية - ‏روسيّة تتولى ترتيبَ عودتهم إلى سوريا بالتنسيق مع الأمم المتحدة.

في حين لم تُعرف بعد اية تفاصيل عن الاتفاق ولا عن اللجنة اللبنانية – الروسية، ممن ستتشكل ومن اية وزارات او ‏ادارات او شخصيات، وفي حين لا يزال ما قيل حتى الآن عن ‏هذا الموضوع لا يتعدّى العموميات لدى الدولتين، كان البارز تلقف رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري نتائج القمة وموافقته بالتالي على إيكال ملف العودة الى روسيا بدل التفاوض مع النظام السوري، ‎وعلى هذا أساس طلب الحريري من مستشاره للشؤون الروسية جورج شعبان، التواصل مع المسؤولين الروس ‏للوقوف على تفاصيل الاقتراحات.

اقرأ أيضاً: الخطة الأمنية في البقاع تبدأ بمداهمة الحمودية ومقتل عدد من المطلوبين

وفيما يعتبر لبنان من أكثر البلدان التي تعاني من أزمة اللاجئين السوريين، لا تزال المراوحة سيدة الموقف في معالجة الأطراف اللبنانية ملف بهذه الأهمية بين من يؤيّد التنسيق مع النظام السوري ومن يعارضه في حين أن الضرورة تفرض بأن لبنان لم يعد يهمه الجهة التي تتولى حلّ هذه الأزمة بقدر ما يهمه عودة اللاجئين بغض النظر عن العراب على أن تكون العودة سريعة من جهة وشاملة من جهة ثانية.

وفي هذا السياق، إستغرب مصدر متابع خاص بـ “جنوبية” “عدم تبلّغ الحكومة اللبنانية الإقتراح الروسي – الأميركي رسميا، فلا سفير لبنان في واشنطن ولا حتى نظيره في موسكو تم إحاطتهم بالموضوع”. مشيرا إلى أن “روسيا دولة صديقة للبنان إلا أنها ليست من الدول المانحة، وبالتالي ليست قادرة على مساعدة لبنان بإعادة اللاجئين إلا امنيا وهذه نقطة ضعف”.

أما على الصعيد الأمني فمهما تكن العلاقة بين روسيا وسوريا، فالنظام لن يقبل أن موضوع يتعلّق بسيادته وشعبه أن يقرره الروسي أو الإيراني أو أي دولة مهما كان التحالف بينه وبين هذه الدولة”.

كما أكّد المصدر أن “الحديث عن عودة اللاجئين من خلال لجنة روسية – اميركية لا يزال سمك في البحر، وما يؤكّد ان هذا الأمر لا يزال غير جدي تفرّد رئيس الحكومة بالموضوع وتكليف مستشار له غير رسمي ليس بملاك رئاسة الحكومة وبدون التنسيق مع رئيس الجمهورية ومع وزارة الخارجية لمتابعة هذا الموضوع وإستكشافه”. وتابع المصدر “في حين إذا كان هذا الموضوع جدي لا يفترض أن يتفرّد فيه أي مسؤول لبناني إنما يجب ان يكون قرار على صعيد الدولة مجتمعة حتى ولو كانت الحكومة مستقيلة”. مشددا “لا يجوز حلّ قضية مصيرية خارج المؤسسات الدستورية المختصة”.

كما إستغرب المصدر ” تجاهل كل الجهات المختصة في هذا الملف وحتى تجاهل جهود الأمن العام مؤخرا بملف إعادة اللاجئين بنجاح في وقت يتمّ إيكال هذه المهة لشخص مجهول الهوية”. مؤكدا “هذه خفة في التعاطي بالموضوع وبمثابة فضيحة”.

معين المرعبي وزير الدولة لشؤون النازحين قال لـ “جنوبية” إن “هذا الملف أثير بين الرئيس الحريري والرئيس بوتين عندما كان في روسيا، مشيرا إلى أنه لم يجتمع حتى الآن مع الحريري بعد عودته من السفر للوقوع على المستجدات في هذا الإطار”.

ورأى المرعبي أنه “بعد قمة هلنسكي يبدو أنه من الواضح تم الإتفاق على إنهاء هذا الملف ، وكما تم التداول فإن هذه اللجنة ستكون مشتركة بين أميركا وروسيا كضامنين لسلامة اللاجئين كل مكان سيطرته”. وبالطبع سيكون هناك نوع من التنسيق مع الأمن العام المناط فيه التدقيق بالوثائق الشخصية للاجئين من أجل تسهيل خروجهم من لبنان، كذلك ستتابع اللجنة دخول اللاجئين ضمن أراضيهم آمنين”، وأشار إلى أن “هذه اللجنة فنية ستحدد الآليات اللوجستية لمعالجة هذا الملف”.

كما أكّد “أن هذه العملية ستكون بإشراف الأمم المتحدة بشكل يؤمن عودة طوعية للاجئين وعودة آمنة ومن المفترض أن يصدر عن مفوضية اللاجئين بيان حول هذا الموضوع”.

وفي الختام إعتبر أن “هناك أملا كبيرا من أن تتمكن هذه اللجنة من حل هذا الملف، خصوصا أن هناك دولتين عظمتين تشرفان على هذا الملف وبالتالي تستطيع كل منهما ضمان أمن اللاجئين سيما أن لا أمل بالتعاطي والتشاور مع نظام مجرم بهكذا موضوع إنساني هو المسؤول عنه”.

اقرأ أيضاً: من باسيل إلى المشنوق: سيرة قمع الناشطين وسجنهم

وفي هذا السياق، علمت “جنوبية” أن “خلافا بدأ بين الرئاستين الأولى والثالثة وبين رئاسة الجمهورية والأمن العام من جهة ثانية حول هذا الموضوع، وعلم أن الرئاسة أصدرت بيانا أمس إلا أنها فضلت نسبه لمصادر كي لا تقطع الجسور بينها وبين الرئيس الحريري إنتقدت فيه أداء الرئيس الحريري في هذا الملف وتكليف هذه المهمة لمستشار، ما يؤكّد أن الرئيس عون غير مرتاح على هذا الأداء.

ورأى مراقبون أن “مسارعة الحريري على تأليف لجنة لبنانية – الروسية – اميركية لم يتم تقرير إنشائها من قبل أي طرف إلا من خلال مبادرة شخصية يعني أن اللجنة غير قائمة ولا يمكن أن تكون فاعلة وموجودة إلا في بقرار من قبل الحكومة، وكأن الحريري يحاول القول من خلال هذه اللجنة أنهم قادرون على إعادة اللاجئين من دون التشاور مع النظام، بوقت أن هذا الأمر مستحيل”.

يبقى ان التوافق بين الرئاستين الأولى والثالثة ضروري لتفعيل اللجنة المذكورة، والا فانها سوف تصبح مصدر خلاف سياسي يُضم الى باقي الملفات العالقة.

السابق
«حزب الله» متشبّث بـ«مثلث الموت» في الجولان ويرفض الانسحاب
التالي
السيد محمد حسن الأمين.. نظرة على أجواء الدراسة في النجف