قروض اسكان بالملايين لسياسيين وقضاة أطاحت بالأموال المرصودة

مصرف لبنان
عادت أزمة القروض السكنية إلى الواجهة مجددًا، بعد القنبلة من العيار الثقيل التي فجرها الإعلامي سالم زهران عن إستحصال متمولين وسياسيين قروض مصرفية مدعومة من مصرف لبنان بملايين الدولارات مرفقا ذلك بمستندات، وأشار لإحدى قنوات التلفزيونية أنه من بين السياسيين المستفدين من ملايين الدولارات من القروض، رئيس الوزراء الأسبق نجيب ميقاتي.

بحسب الوثيقة فإن مجموعة ميقاتي التي تعود ملكتيها لابنائه نالت قروضاً مدعومة من مصرف لبنان يصل مجموعها الى ١٤ مليون دولار أميركي، علما انها مخصصة لعامة الشعب عدا عن نيل قضاة قروضا اسكانية يقارب مجموعها الـ٣١ مليون دولار اميركي ، وهو مما ساهم على نحو مؤثر في الازمة الاسكانية الحالي خصوصا لذوي الدخل المحدود.

هذه القنبلة لاقت صدا في الوسط اللبناني الذي إستنكر إعطاء الميلياردير ميقاتي وغيره من المتمولين قروض سكنية متضخمة على حساب ذوي الدخل المحدود. فضح هذا الأمر عبر الإعلام فتحت جدالا واسع  مع إعتبار ان هذه الثغرات أدّت إلى توقف مصرف لبنان عن دعم المصارف بالقروض السكنية .

إقرأ ايضًا: الجمود العقاري مستمر بإنتظار الافراج عن القروض السكنية

وتقدم المحاميان حسن بزي وجاد طعمة من مجموعة الشعب يريد اصلاح النظام بإخبار إلى النائب العام المالي على خلفية الكلام زهران، وطالبا من المدعي العام المالي تكليف مصرف لبنان بكشف هوية أي شخص استحصل على قرض سكني مدعوم بقيمة تفوق المليار ليرة لبنانية.

وفي حديث لـ “جنوبية” قال بزّي  أن سبب تحركهم  هو “بعدما تبين وجود ثغرات أدت إلى نفاذ أموال المخصصة للقروض السكنية لصالح  إعطاء القروض المتضخمة للمتمولين، كما أشار بزي عندما تعطى القروض السكنية  لهؤلاء من المفترض أن مصرف لبنان دفع فوائد القرض عنهم  في الفترة الأولى وهي السياسة المعتمدة أيضا لذوي الدخل المحدود، ويتبين من خلال ذلك أن الأخير غطى هؤلاء المتمولين ودفع عنهم الفوائد ما يعتبر هدر للمال العام”. مشيرا إلى أن هناك “عشرات الأسماء الكبيرة اعتمدت الأسلوب نفسه ما أدّى إلى نفاذ الأموال المدعومة من قبل مصرف لبنان ما أدّى بالتالي إلى توقيف القروض السكنية “.

وفي الختام أكّد بزي “نحن كناشطين نقوم بواجباتنا امام القضاء ونضع الأخير أمام مسؤولياته”.

 

أكّد الخبير الإقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة لـ”جنوبية” أن “أزمة القروض السكنية الحاصلة ليس سببها قروض مجموعة ميقاتي أو غيرها لأن تاريخها يعود إلى عام 2010- 2013، وهذه القروض حصلت عليها مجموعة ميقاتي من الأموال الخاصة بالمصارف وتحديدا من بنك عودة وليس من أموال مصرف لبنان المخصصة للقروض السكانية والأخير ليس له علاقة بهذا الموضوع “. مشيرا إلى أنه  “بين عامي 2010 – 2013 كان هناك أزمة بالقطاع العقاري بسبب إرتفاع الأسعار بشكل كبير لذا كانت المصارف تسعى بشكل كبير لمنح القروض، وما حدث أن مجموعة ميقاتي تمتلك أموال طائلة وبالتالي المصارف تتمنى إعطائها القروض”،  لافتا ” أنه في تلك الفترة كانت المصارف تعطي القروض من أموالها الخاصة وإحتياطها الموجود في مصرف لبنان وآنذاك  لم يكن هناك سقفا محدد للقروض، إلى حدّ أن أصدر حاكم مصرف لبنان تعميما واضع فيه سقفا لقيمة الإستدانة بـ 800 ألف دولار”.

وفيما ما يتعلّق بالقروض التي حصل عيها متمولين آخرين غير مجموعة ميقاتي قال “إذا كانت تلك القروض منحت بالفترة نفسها ينطبق عليها الأمر نسفه لأن المصارف كانت تقوم بالتسليف من أموالها الخاصة ولم يكن هناك سقف محدد للقروض”.

وعن الممارسات الخاطئة التي حصلت بين عامي 2017 – 2028 والتي أدّت إلى تغيير الآلية لقروض الإسكان أكّد عجاقة أن “سببها نفاذ القروض بسرعة ، مشيرا  إلى أن “مصرف لبنان أعطى البنوك  500 مليون دولار في العام ، وفي  2017 إستهلكوا بشهرين موازنة العام  نفسه والعام 2018 ، وفي شباط 2018 أعاد إعطائهم المبلغ نفسه وتم نفاذه بأقل من شهر وعلى هذا الأساس تم فتح تحقيق بالموضوع  في أذار الفائت والتحقيق لم ينته بعد نظرا لكون عدد القروض السكنية التي يجب التدقيق فيها عددها 136ألف وهو ما يتطلب وقت للتحقيق فيها”.

كما كشف عجاقة أن “الوثيقة التي عرضها زهران مسربة من التحقيق الذي يجريه حاكم مصرف لبنان، والأخير أكّد أن “كل مصرف يظهره ا لتحقيق أنه وراء ازمة القروض السكنية  سوف يتخذ بحقه الإجراء القانوني المناسب”. مشيرا أن “حاكم مصرف لبنان فتح تحقيق منذ فترة في هذا الملف ولا ينتظر فضيحة حتى يتابع الموضوع”.

 

الخبير الاقتصادي الدكتور كامل وزنة، رأى في حديثه لـ “جنوبية” أن “المسألة تكمن بكيفية إدارة القطاع السكني في لبنان، فمنذ الزلزال الكبير في 1956 حتى الآن  كانت المشكلة بالجهة التي يجب أن تمول القطاع السكني  وهذه المشكلة لا تزال قائمة بإعتبار أن المؤسسة العامة للإسكان ليست مصرف بالإضافة إلى أنه مملوكة من المصارف بنسبة 80% والقطاع العام 20بنسبة%”، مشيرا إلى أن”فإذا أوجدنا مصرف بمعناه الحقيقي يحقق أرباح على أن تعاد وتستثمر بقروض جديدة هو ما يمكن أن يحقق ديمومة للقطاع السكني في لبنان”.

إقرأ ايضًا: مشروع «المستقبل» لدعم الفوائد على قروض الإسكان هل يحرّك الركود الاقتصادي؟

وعن سبب ازمة القروض السكنية  أوضح وزنة أن “ما حدث هو أن مصرف لبنان أعطى أموال مباشرة إلى البنوك بفوائد منخفضة لا تزيد عن 1% وبكميات كبيرة، وهذه البنوك أعطت قروض لشريحة كبيرة من الناس لكن الذي حقق الأرباح هي المصارف وليست مؤسسة مصرف لبنان، لذلك  اليوم لدينا خلل قي المنظومة  الموجودة في البلاد وهي لا تتوقف على أشخاص أو بعض القروض  بل هي أكب وهي تكمن بكيفية بناء مؤسسة للإسكان يمكن أن تعيش بإستمرارية من دون أن  الحاجة للذهاب إلى مصرف لبنان أي أن يكون لديها موازنة لكلّ عام”. وتابع “حجم الأموال التي أعطيت من قبل مصرف لبنان إلى البنوك كان ذلك كافيا لو كان لدينا مؤسسة مصرفية خاصة بالقروض السكنية أن يكون هناك أرباح وأن تستمر وأن تمول نفسها بنفسها”.

ختاما أكّد وزنة أن “أساس المشكلة هي  في تركيبة النظام اللبناني الذي يؤدي إلى كل هذه الشوائب والأزمات التي نعيشها، كما أن الطاقم السياسي لا يريد محاسبة أحد وعدم المحاسبة أوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم”.

 

السابق
لاسن زارت المشنوق: بحث تطوّرات عودة النازحين السوريين وتقييم لدور الداخلية في الانتخابات
التالي
الصراع الجنبلاطي-الإرسلاني يهدد بعودة الفتنة الدرزية