هل يطيح تشريع الحشيشة بقانون العفو العام؟!

الحشيشة
مع المواقف الجدية الذاهبة نحو تشريع الحشيشة، تساؤلات عديدة تطرح حول قانون العفو العام وإقراره!

“الحشيش” وإقراره يحرك الصحف العالمية، ففي تقرير نشرته “صحيفة الغارديان”، توقفت عند تشريع هذه النبتة وعند بلدة بريتال البقاعية التي تجمع بين الفقر المدقع والثراء الفاحش، والتي اكتسبت سمعة أنّها “محرمة” جراء خروجها عن دائرة القانون.

وفيما تساءلت الصحيفة البريطانية إن كان عبور أهل الاقتصاد إلى هذه البلدة سيبدل وجهها، لفتت بالتالي إلى خضوع هذه النبتة لنفوذ عائلات بقاعية شكلت قوة مستقلة ومسلحة مستعدة لمواجهة الدولة والجيش في حال تمّ تهديد لقمتها.

الاتجاه نحو تشريع “الحشيشة” في لبنان ترافق وتساؤلات كثيرة حول ضبطها، وحول البعد الإنمائي في ظلّ التفلت الأمني ولاسيما عند الحدود، فهل سيسلم مزارعو الحشيش الذين يستفيدون من المعارك الدائرة عند الحدود السورية وخضوع هذه الحدود لسطوة الأحزاب، المحصول الذي يجنونه من هذه النبتة للدولة اللبنانية؟

فهذه الخطوة أي خطوة التشريع وإن كانت ستحرك منطقة البقاع اقتصادياً إلا أنّها ستحد في المقابل من أرباح تجار “الحشيشة”، الذين بنوا امبراطوريتهم المافيوية من هذه الزراعة!

في سياق آخر، أثار طرح هذا القانون من قبل دولة رئيس مجلس النواب نبيه برّي ومناقشته مع السفيرة الأمريكية في لبنان اليزابيث ريتشارد هواجس عديدة لدى أوساط الموقوفين الإسلاميين، إذ هناك حوالي 42 ألف مذكرة اعتقال لأشخاص في منطقة بعلبك-الهرمل، معظمها بسبب جنايات ذات صلة بتجارة المخدرات. مما طرح تساؤل حول التملص من قانون العفو العام، والاتجاه لعفو خاص تحت عنوان “تشريع الحشيش”، مع العلم أنّ اقتراح برّي جاء بناءً على التوصية الواردة في الدراسة التي أعدتها شركة “ماكينزي أند كومباني” الأميركية  والتي تضمنت رؤية وخطة متطورة تُحدد مستقبل لبنان الاقتصادي للسنوات الخمس المقبلة.

الموقوفون الإسلاميون يتخوفون من عرقلة العفو العام

محامي الموقوفين الإسلاميين محمد صبلوح توقف في حديث أجراه مع موقع “جنوبية” عند الوقت المشبوه الذي طرح فيه دولة الرئيس نبيه برّي تشريع الحشيشة، لافتاً إلى أنّ الرئيس برّي كان قد وعد أهالي بعلبك – الهرمل بعفو عام شامل، وأنّ الثنائي الشيعي قد طلب من فعاليات المنطقة في وقت سابق عدم التحرك لكون القانون سيقر بعض الانتخابات.

وفيما أوضح صبلوح أنّ ما قاله برّي سابقاً في قانون العفو يتوافق تماماً وما كان قد وعد به الرئيس سعد الحريري، تساءل بالتالي “هل الهدف من قانون تشريع الحشيش الإطاحة بالمصالحة الوطنية الشاملة وإصدار عفو خاص عن 42 ألف مذكرة توقيف لـ31 ألف مطلوب في البقاع؟ وبالتالي نكون قد نسفنا كلّ الجهود التي بذلناها مع الرئيس سعد الحريري والتي أدّت إلى التوافق على مسودة عفو عام عادلة ومنصفة وتراعي كل الهواجس قبل الانتخابات”.

المحامي الذي توقف عند المخاوف التي أوجدها طرح قانون تشريع الحشيشة في هذه المرحلة لدى الموقوفين الإسلاميين، وعند شعورهم وكأن هناك طرفاً يريد أن ينسف الجهود التي بذلت لإقرار العفو العام والمقصود بهذا الطرف هو الثنائي الشيعي، أوضح في السياق نفسه أنّهم لا يعلمون ماذا تتضمن مسودة قرار الترشيع، وإن كان سيأتي إقرار هذه القانون بهدف العفو الشامل عن المتهمين بجرائم المخدرات.

إقرأ أيضاً: لبنان يتجه إلى تشريع الحشيشة وناشطون يغردون #اذا_شرعوا_الحشيش

وأضاف صبلوح “ما يعزز هذه الهواجس هو البحث في إقرار قانون التشريع في هذا الوقت بالذات، وعدم طرحه قبل الانتخابات النيابية، وكأنّ هناك من يريد عرقلة الرئيس سعد الحريري في تطبيق قانون العفو العام”، مؤكداً لموقعنا أنّ “العفو العام تحتاجه جميع الطوائف في لبنان، إن المتهمين بالعمالة من المسيحيين، أو المتهمين بالمخدرات من الشيعة، أو الموقوفين الإسلاميين من السنة”.

 

ليبين المحامي هنا أنّ السنة هم الأقل عدداً بين الأطراف المستفيد، معرباً تخوفه من أي عرقلة قد تستثنيهم من القانون المنتظر.

هذا ولفت محامي الموقوفين الإسلاميين محمد صبلوح عند الحديث عن مخاوف أهالي الموقوفين، إلى أنّهم يشعرون وكأن هناك لعبة معينة تريد أن تفتك بالعفو العام وتشكل عفو خاص لجهة معينة من الناس وتنسف كل الجهود السابقة، ليختم كلامه بمناشدة كل من فخامة رئيس الجمهورية ميشال عون ودولة رئيس مجلس النواب نبيه برّي، قبل إصدار أي قانون وقبل تشريع الحشيشة، مساعدة الرئيس سعد الحريري في إقرار قانون العفو العام العادل والمنصف الذي يراعي الهواجس جميعها ويشكل مصالحة وطنية.

قاسم طليس: متمسكون بقانون العفو العام

المتحدث باسم لجنة العفو العام في بعلبك الهرمل قاسم طليس، أكّد لـ”جنوبية” أنّ البقاع لطالما كان ثروة اقتصادية للبنان، عائداً في حواره إلى الحقبة الرومانية وإلى أهمية هذه المنطقة آنذاك.

طليس الذي وصف الواقع الحالي لهذه المنطقة بعبارة “المياه في البقاع تحوّلت اليوم لمجارير، فيما تحوّلت االقلعة لمزرعة خيل، ولم تحضر الزراعات البديلة”، شدد بالتالي أنّهم ليسوا مع تشريع الحشيشة لاستعمالها في التعاطي والإتجار، وإنّما مع تشريعها للاستعمال الطبي، موضحاً في هذا الاتجاه أنّ البقاع سيتحوّل بنسبة 70% لحالة اقتصادية في حال تمّ التصديق على قانون التشريع.

وفيما يفصل طليس بين قانون تشريع الحشيش وما يمكن أن يترافق معه من إبطال لـ42 ألف مذكرة توقيف، وبين قانون العفو العام الذي يؤكد أنّه حق للبنان ولبعلبك الهرمل، يوضح بالتالي أنّ لبنان قد مرّ بالعديد من المراحل المفصيلة وأن رؤساء في سدة الحكم قد خضعوا لأحكام، وقد صدر بحقهم العفو فيما ظلّ ابن بعلبك الهرمل من دون عفو.

وتابع مشدداً “قانون العفو هو بداية الإنماء في بعلبك وهو مطلب وطني وانساني، ونحن لا نطالب به لا لتشريع الجريمة ولا لتبرئة المجرم، وإنّما نطالب به نظراً للظروف التي مرّت على لبنان وعلى بعلبك الهرمل خصوصاً وما ترافق معها من أحداث ارهابية خلقت نوعاً من الفوضى”.

إقرأ أيضاً: تشكيك بقاعي بنوايا «تشريع الحشيشة»: نريد مشاريع انمائية

وفيما أوضح المتحدث باسم لجنة العفو قاسم طليس أنّ “مذكرات البحث والتحري في كل دول العالم تسقط بعد شهر في حال لم يتم إثباتها، إلا في البقاع تتحوّل هذه المذكرات إلى أحكام”، ختم حواره مع موقعنا بالتأكد على تمسكهم بقانون العفو العام الذي هو بداية الإنماء وخاصة في بعلبك الهرمل.

السابق
الضغوطات الأميركية بدأت لمنع لبنان من قوننة زراعة «الحشيشة»
التالي
عمليات دهم للجيش اللبناني في منطقة وادي حميد