#ضد_القمع.. صرخة ضد عودة «الدولة البوليسية» من بوابة «الاستدعاءات»

الحريات في لبنان على المحك.. وإعلاميون وناشطون ينتفضون!

“ضد القمع” هي صرخة أطلقها صحافيون وناشطون ومواطنون مستقلون على مواقع التواصل الاجتماعي، صرخة هدفها الوقوف ضد الانتهاكات المتكررة لحرية الرأي في لبنان، فالاعتقالات على خلفية بوست أو مقال أو حتى صورة ستاتس على الواتسأب أو تعليق ما، باتت ممنهجة، وكأننا عدنا إلى الوراء، إلى عهد وصاية الذي حسبنا أننا قد تحررنا من سطوته.

وجاء في السطور التي كتبها مطلقو الصرخة لتعريف حراكهم:

“شهد لبنان تراجعا غير مسبوق في حرية التعبير وفي مستوى الحريات بكل اشكالها. منذ قرابة سنتين تتوالى الاعتقالات والتوقيفات على خلفية كتابات او منشورات على صفحات التواصل الاجتماعي. ويتواصل توقيف صحافيين وناشطين لاسباب تتعلق بآرائهم ومواقفهم من الطبقة السياسية الحاكمة ومن ملفات الفساد المتراكمة..

الحريات في خطر، وكأن البلاد تعود الى زمن الدولة الامنية..

بناء على ذلك ودفاعا عن حرياتنا و عن حقنا بالتعبير بما يكفله الدستور، نطلق مجموعة من المواطنين دعوة عامة لاعتصام سلمي في حديقة سمير قصير في وسط بيروت، الساعة السابعة من مساء الثلاثاء ٢٤ تموز #ضد_القمع، ولنرفع الصوت عاليا ايمانا منا بما تبقى من ديمقراطية….”.

وتأتي هذه الصرخة التي سينطلق صداها من ساحة “سمير قصير” المعروفة برمزيتها في الدفاع عن الحرية، بعد موجة من الاعتقال والتوقيف وكم الأفواه، فها هو الشاب شربل خوري قد أوقف ومنع من الكتابة على الفيسبوك 30 يوماً، فيما أقدم الأمن العام على اقتياد الناشط محمد عواد من أمام منزله بسبب كتاباته السياسية وتفتيش حاسوبه وهاتفه، ليتم إطلاق سراحه بعد توقيعه على تعهد بعدم التعرض لا للرؤساء الثلاثة ولا للرموز الدينية.

إلا أنّ الساخر فعلياً في وطن لم يعد للرأي مساحة فيه، هو استدعاء الناشط ايلي الخوري في الساعات الماضية القليلة أي في ذات الوقت الذي يصرخ فيه اللبنانيون لحريتهم، والمضحك – المبكي أنّ البوست الذي استدعي الخوري على خلفيته لا يتضمن لا قدحاً ولا ذماً ولا شتيمة!

ناشطون لبنانيون يرفعون الصوت دفاعاً عن الحرية!

يؤكد الناشط أدهم الحسنية لـ”جنوبية” أنّ رفع الصوت بات ضرورياً في هذه المرحلة، مضيفاً “الوضع الاقتصادي سيء جيداً ولبنان مقبل على الأسوأ، لذا نحن بأمس الحاجة حالياً بأن تكون هذه المساحة محفوظة للتعبير وأن يكون للأعمال الفنية النقدية كامل الحرية في كتابة المحتوى والتعبير عن أي قضية”.

الناشط أدهم الحسنية
الناشط أدهم الحسنية

وفيما يرى الحسنية أنّه من الخطير أن نقف وننتظر فيما المقص الرقابي يتوسع أكثر وأكثر، يتوقف بالتالي عند التوقيفات الأربعة التي سجلت في هذا هذا الشهر، وعند تقرير منظمة العفو الدولية الذي تحدث عن التعهدات التي يوقعها موقوفو الرأي تحت الضغط.
وفي الختام شدد الناشط أدهم الحسنية أنّه لا بد من التحرك “ضد القمع” حتى لا نذهب نحو الأخطر.

من جهتها ترى الناشطة الاجتماعية مريم مجدولين لحام أنّ وضع الحريات في لبنان بات مأساوياً، وليس مقبولاً، مضيفة “الخطاب السياسي والستاتوس الهزلي والتحريض على تقييم فندق لا تعد جريمة، من هنا لا بد من نداء عاجل لوقف التوقيفات المتتالية لناشطين اجتماعيين ومدونين وصحافيين”.
وتتابع لحّام “القضاء اللبناني بات يطلب من الأمن العام اقتياد الصحافيين ومصادرة وتفتيش الهاتف والحاسوب وذلك بتهمة كتابة مقالة تمس بأمن البلد، كما أنّ هناك قاضية أوقفت ناشطاً على خلفية نكتة، وذلك تحت ذريعة حمايته عوضاً عن توقيف الذين أرسلوا له تهديدات بالقتل”.

وفيما تلفت الناشطة إلى أنّ الوضع لم يعد حكراً على المدونين والصحافيين والناشطين وعلى توقيعهم التعهدات، تشير بالتالي أنّ هذا الانتهاك قد تمادى لبنانياً وصولاً إلى توقيف مراهق لا يتجاوز عمر الـ15 عاماً بسبب ستاتس على الواتس، وتوقيف إحدى الأمهات بسبب “bad review” وضعتها لمدرسة.

الناشطة الاجتماعية مريم مجدولين لحّام
الناشطة الاجتماعية مريم مجدولين لحّام

لحّام التي تساءلت في حوارها مع موقعنا “كيف سنطالب باستعادة منى المذبوح اللبنانية الموقوفة في مصر، فيما نحن يمارس علينا هذا القمع في لبنان، كيف سيطالب بها وزير الخارجية وهو نفسه قد رفع العديد من الدعاوى ضد الصحافي فداء عيتاني على خلفية عبارة”، تتوقف عند التحرك المقرر يوم الثلاثاء “ضد القمع” مشددة أنّ هذه الوقفة لا أطر سياسية ولا طائفية لها وأنّ كل المجتمع اللبناني معني بهذه الدعوة، إن بسبب ما يتعرض له الجميع جرّاء ازدواجية المعايير أو محاولة “تأليه” بعض الأشخاص في لبنان ومنع انتقادهم.

لتضيف في هذا السياق “لا أحد يقبل منا أن يصمت فجميعنا لدينا شيئاً لنقوله، وفي حال هناك من تعرض لإساءة فهناك محكمة المطبوعات ليذهب إليها، فهذه ليست مهمة جرائم المعلوماتية الكلمة ليست جريمة”.

هذا وتختم الناشطة الاجتماعية مريم مجدولين لحّام كلامها بالقول “أنا ضد هذه الطبقة التي تقمع والتي تستعمل محازبيها لكم الأفواه، وكلمتي الاخيرة هي “ما تخاف من الحرية خاف عليها”.

الصحافي جاد يتيم: لن يستطيعوا إعادتنا إلى عهد رستم غزالة وغازي كنعان

يؤكد الصحافي جاد يتيم لـ”جنوبية” أنّ لا حزب ولا مجموعة ولا جمعية وراء تحرك “ضد القمع”، حيث أنّ الفكرة بدأت بتدوينة فيسبوكية عفوية، موضحاً في هذا السياق أن لا شعارات سترفع في هذا التحرك ولا يافطات تمثل الأحزاب أو المجموعات، فالهدف هو الحرية، ومواجهة المحاولات المتكررة لكم الأصوات ولإرساء كبت غير مسبوق وغير قانوني وغير دستوري.

يتيم الذي يلفت إلى أننا بتنا نلحظ أنّ القضاء والنيابة العامة أصبحا في لبنان في خدمة السلطة وخدمة الحاكمين لا المحكومين، عوضاً من أن يكونا في خدمة الناس لا حكامهم، يشير بالتالي إلى أنّ التحرك الأخير في قضية شربل خوري لم يكن من أجل شخص، وإنما من أجل الفكرة والحق الدستوري بحرية المعتقد المطلقة التي تعني الاعتقاد بدين أو الـ”لا اعتقاد”.

الصحافي جاد يتيم
الصحافي جاد يتيم

هذا وتوقف الصحافي اللبناني عند هذا العقل الذي بتنا نجده ينتشر، مشيراً إلى أنّه “لم يعد بإمكان الشخص أن يكتب نكتة أو أن ينتقد أداء أحد الوزراء، بحيث يتم استدعاء الشبان وإجبارهم على التوقيع على تعهدات غير قانونية، والمفارقة هنا أنّه يجب على النيابة العامة عند استجواب أيّ ناشط اتهم أحد الأشخاص بالفساد، أن تفتح الملف وأن تجري تحقيقاً تتبين من خلاله صدق الناشط أم كذبه”.

وفيما يشدد يتيم لموقعنا أنّه لا يمكن أن يعود لبنان لعهد رستم غزالة وغازي كنعان، فهناك شهداء قد سقطوا، وهناك أشخاص اعتلقوا وغيرهم غيبوا، يتابع معلقاً “لا يمكن العودة إلى الوراء، هناك من يؤمن أن انتصاره في الشام سيزيد من الضغط على الناس ببيروت، إلا أن هذا لن يحدث ففي العام 2005 ومع كل التضييق ظلّت بيروت مدينة الحرية، ولا يمكن لأي كان أن يغلق هذه المساحة فهذا حقنا الدستوري بالمواطنة، كما لا يمكن للقضاء أن يكون مكسر عصا بيد السياسيين وبيد الطبقة الحاكمة فيدافع عن مصالحهم بدل ان يدافع عن الحق وعن القانون”.

جاد شحرور: مشهد لبنان الحالي يذكرنا بالوصاية السورية

من جهته يؤكد المسؤول عن الاعلام في “مؤسسة سمير قصير” جاد شحرور لـ”جنوبية” أنّ مؤسستهم ومن خلال رصدها للانتهاكات الإعلامية والثقافية، بات واضحاً لديها أنّ العدد ليس مسبوقاً بالنسبة إلى لبنان وأنّ هذه الأرقام إلى تزايد.
وفيما أوضح شحرور أنّهم قد وصلوا إلى مرحلة يتم تسجيل فيها بين 3 و5 انتهاكات في أسبوع واحد، لفت بالتالي إلى أنّ هذا يعد مؤشراً خطيراً بالنسبة لبلد مثل لبنان يتغنى بموضوع الحرية، حيث أنّ هذه الأعداد لا تعطي لبنان صفة الحرية ولا صفة الديمقراطية وإنّما تعطيه صفة القمع..
هذا ويرى شحرور أنّ ما وصلنا إليه اليوم هو في سياق مسار سياسي واضح من أوصلنا إليه، فأرقام الانتهاكات بدأت ترتفع في العام 2015 لتتبلور مع العهد الجديد وتحديداً في أكتوبر العام 2016، معتبراً أنّ هذا المشهد في لبنان لا يذكرنا إلا بالوصاية السورية وهذا مرفوض.

مسؤول الاعلام في مؤسسة سمير قصير

 

وفيما يتعلق بحراك يوم الثلاثاء الذي تتم الدعوة إليه تحت عنوان “ضد القمع”، أشار شحرور إلى أنّ هذا “التحرك دعا إليه صحافيون وناشطون ضد القمع، وهذا التحرك ليس مرتبطاً فقط بالصحافيين والناشطين وإنما يرتبط بكل مواطن له الحق في التعبير عن رأيه، لاسيما وأنّ مخابرات الجيش قد استدعت مؤخراً فتى عمره 15 سنة بسبب صورة على الواتسأب، وهذا الفتى هو مجرد مواطن عادي، هو ليس ناشطاً ولا محللاً سياسياً ولا إعلامياً”.

وأضاف شحرور “موضوع القمع لا يطال فقط الأشخاص بصفة مهنية معنية، بل يطال الكل، لذلك ندعو الجميع إلى المشاركة لأنّ الجميع معني، وأكثر المعنيين هو المواطن”.

إقرأ أيضاً: ترهيب الجسم الاعلامي مستمر في لبنان وتوقيفات بالجملة لناشطين سياسيين

وفي الختام شدد المسؤول عن الاعلام في “مؤسسة سمير قصير” جاد شحرو أنّ هذه الدعوة هي فقط من قبل ناشطين وصحافيين، وما من جهة داعمة لا حزبية ولا غير ذلك.

المنظمات الدولية قلقة من واقع الحريات في لبنان!

أصدرت منظمة العفو الدولية في 11 تموز 2018 تقريراً أشارت فيه إلى” أن ناشطي حقوق الإنسان في لبنان يستدعون للتحقيق، ثم يتعرّضون للابتزاز كي يوقعوا تعهدات غير قانونية بالامتناع عن القيام بأفعال معينة لا تخلّ بالقانون، كشرط للإفراج عنهم”.
واعتبرت المنظمة في تقريرها أنّ “ما يسمى بالتعهدات ليس سوى ضرباً من ضروب الترهيب ولا أساس له في القانون اللبناني”.

هذا وأشارت المنظمة إلى أنّها قد استعرضت عدة حالات لم تحترم فيها الأجهزة الأمنية والعسكرية حقوق الموقوفين، كاشفة أنّ ” السلطات العسكرية والأمنية تمتلك بصورة تفصيلية البيانات الشخصية للعديد من الناشطين، بما في ذلك حساباتهم المطبوعة على “واتساب”، وما تبادلوه من رسائل نصيّة مع الآخرين، وتسجيلات لمكالماتهم الهاتفية.”.

إقرأ أيضاً: صرخة ضد تسييس القضاء ودفاعاً عن الحريات

من جهتها أشارت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير نشرته في 31 كانون الثاني 2018 إلى أنّه “لا يجوز للسلطات اللبنانية في أي حال من الأحوال احتجاز الأشخاص بسبب الانتقادات السلمية”.
لافتة إلى أنّ “مساحة حرية التعبير في لبنان تتقلص بسرعة، إذ تواصل السلطات توجيه اتهامات جنائية ردا على انتقادات ضد المسؤولين”.
واعتبرت المنظمة في تقريرها أنّ “على البرلمان اللبناني إلغاء القوانين التي تجرم حرية التعبير والتشهير، ووقف هذه الملاحقات القضائية””.

 

مواقع التواصل الاجتماعي تغرد #ضد_القمع:

بالتزامن مع الدعوة إلى التحرك يوم الثلاثاء، نشط على موقعي تويتر وفيسبوك وسم #ضد_القمع:

https://twitter.com/anjiekab/status/1021064222451650560

السابق
خزان حشيش أم خزان مقاومة؟؟
التالي
المحامي صبلوح يطالب بإقالة إدارة سجن رومية وإحالتها إلى المحاكمة