«حزب الله» في نسخته السورية.. حقيقة أم وهم؟

سوريا
ما صحّة وجود "حزب الله" ثان في سوريا يتبع إيديولوجية "ولاية الفقيه" على الصعيد السياسي والاجتماعي والديني؟

يعود مؤخرا مع إقتراب نهاية الحرب السورية الحديث عن إنشاء “حزب الله” بنسخة سورية على الأراضي السورية ذات توجّه شيعي على وجه التحديد تضم في صفوفها المجموعات الشيعية المتعددة الجنسيات التي تقاتل في سوريا تحت قيادة إيرانية كلواء الزينبيون مكون من الشيعة الباكستانيين، إضافة إلى فصائل “لواء أبو الفضل العباس” الذي يعتبر من أوائل الفصائل الشيعية العراقية التي تدخلت عسكريا في سوريا وغيرها من الفصائل الشيعية.

هذا التوجّه أثاره العميد حسين همداني قائد قوات «الحرس الثوري الإسلامي» في سوريا عام 2014 في تصريح نقلته وكالة فارس الإيرانية للانباء قبل ان تعود وتحذفه، لكن الوقت كان كاف لإنتشاره عبر وسائل الإعلام، لتفضح بذلك المخططات الإيرانية، إذ يقول همداني خلال اجتماع اللجنة الإدارية لمحافظة همدان في مركز إيران إنهم: “مستعدون لإرسال 130 ألفًا من عناصر الباسيج إلى سوريا، لتشكيل حزب الله سوريا”.

ولعلّ نجاح “حزب الله” اللبناني بتنفيذ الأجندة الإيرانية، كان كفيلا بإستنساخه عبر إعداد ميليشيات شيعية في سوريا تتبع إيديولوجية “ولاية الفقيه” على الصعيد السياسي والاجتماعي والديني.

إلا أن ما يطرح علامات إستفهام هو كيفية إستنساخ تجربة “حزب الله” في لبنان وفي العراق علما أن الطائفة الشيعية في سوريا لا تشكل سوى 1 – 2 في المائة من السكان؟ ام انه سيكون سيضم ميليشات محلية وإقليمية ذات توجّه شيعي؟ وهل ثمة إمكانية لإستمرارية هذا التنظيم الشيعي بعد إنتهاء الحرب السورية وبقاء الأسد على رأس السلطة؟

مصدر مطلع أشار لـ “جنوبية” أن حزب الله في نسخته السورية هو عبارة عن مجموعة منظمة من الفصائل تضم مقاتلين شيعة وترتبط بشكل عضوي مع “حزب الله” اللبناني، وكانت قد عملت إيران منذ بداية الحرب السورية إلى إرسال عدد من الميليشيات الشيعية اللبنانية والعراقية المتمرّسة إلى الأراضي السورية حيث ساهمت في إنشاء ميليشياتٍ شيعيةٍ محلية قاتلت في سوريا تحت قيادات مختلفة، وقد أشرف “حزب الله” والإيرانيون على تدريبها وتجهيزها والعمل على كودرته، ومنها “فوج الإمام الحجة” المحلي من شيعة منطقتي “نبل والزهراء” وقد خاضت هذه الجماعة عملياتٍ قتالية قرب حلب وفي مناطق أخرى من ريف حلب.

الجنرال المتقاعد والخبير العسكري نزار عبد القادر أكّد في حديثه لـ”جنوبية” أن “هذا الأمر لن يحدث لأنه أوّلا الطائفة الشيعية أقلية في سوريا وبالتالي لا تعدادهم لا يسمح بتشكيل “حزب الله” سوري “، مشيرا إلى أن “الروس تنبهوا لإمكانية حدوث ذلك، ومتنبهين لمستقبل الوجود الإيراني وحزب الله في سوريا لذا إستبقوا هذا الأمروأعلنوا قبل عام تشكيل الفيلق الخامس الذي سيضم كل هذه المليشيات وكل المقاتلين لفصائل الثورة التي تستسلم الآن واحدة تلوى الأخرى للنظام الروسي في سوريا”.

ولفت عبد القادر أن “الروس من دون شكّ لم يكن ليحدث ما حدث في جنوب سوريا وجنوب غربها ما لم يكن هناك إتفاق وصفقة عقدها نتنياهو مع بوتين وأمن لها الغطاء والموافقة الأميركية على ما يجري الآن وما سيجري في جنوب سوريا ومناطق أخرى لاحقا( بإخراج القوات الإيرانية وتمركز الجيش السوري هناك على الحدود الشمالية مع إسرائيل بحسب إتفاقية عام 1974 بين سوريا والكيان الإسرائيلي)”.

وختاما، شدّد عبد القادر على أن “روسيا سيدة الموقفـ وهي من ستقرر مدى حجم تواجد ونفوذ الفريق الإيراني وميليشاته في سوريا، لافتا إلى أن “هذا التناغم القوي الحاصل بين بوتين وترامب، والإتفاق العميق والسري الذي يعقد على حساب سوريا والثورة وكذلك النظام بين بوتين ونتنياهو سائر في طريق تحجيم الوجود الإيراني وإذا لم نقل في نهاية الأمر التخلص منه”.

اقرأ أيضاً: توطين «حزب الله» في سوريا!

إلى ذلك رأى المحلل والكاتب السياسي فيصل عبد الساتر لـ “جنوبية” ” “مثل هذه الأنباء التي تشاع من حين إلى آخر عن أن هناك لـ “حزب الله” فرع في سوريا وأن ثمة مواطنون سوريون شكلوا تنظيما إسمه “حزب الله” لا يعدو الأمر كونه هناك الكثير من السوريين تأثروا بـ “حزب الله” نتيجة إعجابهم بهذه الشُلّة من الشباب الذين قاتلوا إلى جانب الجيش العربي السوري فهذا أمر مختلف تماما”، مؤكدا “إما أن يكون هناك بنية تنظيمية داخل المجتمع السوري إسمها “حزب الله” على طريقة “حزب الله” اللبناني هو كلام غير موجود ولم أسمع به على الإطلاق”.

وإعتبر أن “هذا الأمر ربما ينسجم في مكان ما مع ما يطلق من إشاعات عن وجود تشييع في سوريا، وكّل هذا يأتي في إطار التشويش على الحزب ومحاولة ضرب البنية السورية الوطنية والإجتماعية”، مشيرا “أما إذا كان المقصود فيها تأسيس نواة لما نسميه مقاومة ضدّ العدوّ الإسرائيلي أو مقاومة ضدّ الإرهابيين والتكفيريين، فسوريا على المستوى الوطني قامت بهذا الدور وهناك “الدفاع الوطني” الذي تطوع فيه مجموعة من الشباب من كل أنحاء سوريا، ولا أعتقد أن هؤلاء ممكن أن يقصروا فيما إذا ذهبت الأمور بمواجهات مع العدوّ الإسرائيلي”.

وفي الختام، قال عبد الساتر “هناك شيعة في سوريا أسوة بغيرهم لكن هؤلاء ولاءهم للدولة السورية وليس هناك ما يستدعي أن يكون هناك حزب لهؤلاء تحت هذا العنوان، فـ”حزب الله” تأثر فيه كل الأطياف السورية كما تأثر به الكثير من الشعوب حول العالم وهذا لا يعني أن يتم إستنساخه في هذه الدول”.

السابق
الرئيس المكلف سعد الحريري: تشكيل الحكومة بات قريبا
التالي
تشريع الحشيشة في لبنان في مرمى خطر العقوبات الدولية