ونحن أهل الراية البيضاء

نحن جيل ما بين النكبة والنكسة، كنا نسمع عن مجزرة دير ياسين ونراها في أفلام وثائقية. ثم سمعنا عن مجزرة كفرقاسم وشاهدناها فيلما تمثيليا وكان هذا يترافق مع صور فوتوغرافية عن التهجير القسري والهروب الجماعي أمام تقدم عصابات الهاغاناه وشتيرن الصهيونية. إلى أن كانت نكسة 67 ورأينا هذا بأم العين أحيانا وأحسسنا بمرارته على صغر سننا وقتها. وبعدها تتالت النكبات من أحداث أيلول الأسود إلى حرب لبنان الأهلية وملحقاتها العربية والإسرائيلية، إلى الحرب العراقية الإيرانية ، والعراقية الكويتية الدولية وملحقاتها وصولا إلى الإحتلال الأميركي للعراق. كل هذه النكبات على مآسيها وبشاعتها وعمق جراحها في الجسد والنفس العربية إلا أنها لم تصل إلى ما رأيناه اليوم على شاشات التلفاز من هروب المواطنين السوريين بإتجاه الأرض المحتلة من قبل من هو المفروض أنه العدو التاريخي للعرب والمسلمين والإنسانية جمعاء. في الماضي كان التهجير العربي على بشاعته يكون بإتجاه عمق عربي آخر اما اليوم فإنه بإتجاه العدو التاريخي الذي كنا نهرب منه وبتنا بفضل ظلم وتعسف وإرهاب أنظمتنا نهرب إليه حاملين رايتنا البيضاء بينما كانت مسلسلاتنا ولا زالت تهلل وتغني وتتغنى بأننا نحن أهل الراية المرفوعة … فعلا نحنا أهل الراية البيضا … ما أتعسنا من جيل … سجل يا زمن … وأكتب وأحكم يا تاريخ …

السابق
جميل السيد: كلام رعد استخدم خارج سياقه
التالي
بري يحمل لواء تشريع زراعة الحشيشة بانتظار القوانين النافذة ‎