ليبان بوست تنتهك «داتا» اللبنانيين: هل يحق لشركة بريد كبس اللوحات؟

لم تنتهِ بعد الصفقة التي تمّ طبخها تحت عنوان "اللوحات الآمنة"، فما زالت القطب المخفية، تتكشف يوماً بعد يوم، انطلاقاً من الناحية المالية والمبالغ الخرافية وصولاً إلى "داتا" المواطن والتي باتت مستباحة!

“الخصوصية” تعيد ملف “اللوحات الآمنة” إلى الواجهة من جديد، هذه الصفقة التي باتت أمراً واقعاً بعدما أبدل العديد من اللبنانيين لوحاتهم بـ”لوحات جديدة” غير قابلة للتزوير.

إلا أنّ اللافت في هذه اللوحات التي تهدف لمكافحة الفوضى إن على صعيد التزوير أو تبديل اللوحة بشكل عشوائي وغير قانوني، هو أنّها ما زالت حتى اللحظة حصراً على المواطن، إذ لم يتم استبدال أي من لوحات المركبات الأمنية التابعة سواء للأمن العام أم أمن الدولة أم مخابرات الجيش أم شعبة المعلومات، والأمر نفسه فيما يتعلق بالشخصيات السياسية ومواكبها.

ومع إشارة البعض إلى أنّ عدم الاستبدال يعود لاستحالة تزوير لوحات الأجهزة الأمنية والشخصيات السياسية، إلا أنّ هذا الاستثناء سواء أكان مقصوداً أم غير مقصود، لا بد من الوقوف عنده!

صفقة “اللوحات الآمنة”، التي كلفت خزينة الدولة 187 مليون دولار، والتي وضعت على كاهل المواطن اللبناني مبلغاً وقدره 100 ألف ليرة يتم تقسيمه ما بين اللوحة الجديدة وكبسها ودفتر السيارة البيومتري، فرضت تساؤلاً حول هذه المبالغ التي يتم تقاضيها، وعن دواعي فرض رسم على المواطن عوضاً عن استبدال لوحته مجاناً لاسيما وأنّ الخزينة قد دفعت!

إلا أنّه وبعيداً عن كل هذه التساؤلات التي نضعها برسم الرأي العام، إضافة إلى ما يتردد عن غياب الخبرة لدى الأطراف التي تتولى إدارة هذه المشروع، نتوقف في هذه المادة عند موضوع “الخصوصية” والذي أثاره عدد من المواطنين في الأيام الماضية.

– كيف حصلت شركة “ليبان بوست” التي استلمت مؤخراً “مصلحة” كبس وتعليق اللوحات على داتا المواطنين كي تتصل بهم وتعرض عليهم خدماتها؟!

صفقة “لوحات السيارات الآمنة”، كشفت مؤخراً أنّ لا غطاء لخصوصية المواطن في لبنان، إذ تلقى بعض سائقي السيارات في الأيام القليلة الماضية اتصالات من شركة “ليبان بوست”، تعلمهم بأن الشركة تُتيح لكل من يرغب إستبدال لوحات سيارته باللوحات الجديدة التوجّه إلى مراكزها.
اللافت في هذه الاتصالات ليس الخدمة المعروفة مسبقاً، وإنما المعلومات المفصلة عن السيارة ولونها ونوعها.. وصولاً إلى المصرف الذي يقسطها!

من بين الأشخاص الذين تواصلت معهم شركة ليبان بوست، الزميل الصحافي محمد شبارو.

شبارو الذي سرد مضمون الاتصال في تدوينة فيسبوكية، أوضح بالتالي أنّه سأل الموظفة عن مصدر “الداتا” فكانت الإجابة “النافعة”.

مصادر متابعة لما يحصل في أروقة النافعة، استنكرت في اتصال مع “جنوبية” تسريب الداتا، متساءلة “ما صفة ليبان بوست ليحصل على هذه المعلومات السرية؟”.

وفيما لفتت المصادر أنّ شركة “omt” ستصبح من الجهات المستفيدة قريباً من موضوع اللوحات الآمنة، أوضحت بالتالي أنّ هناك العديد من المشاكل المسجلة بسبب شركتي البريد، إذ اكتشف بعض المواطنين الذين دفعوا الميكانيك في مراكزهما، أنّ المبلغ المستحق لم يسدد في النافعة مما اضطرهم لتسديده مرة ثانية.
تشير المصادر هنا إلى أنّ أحد هؤلاء المواطنين سيقاضي شركة البريد التي لم تدفع فاتورته.

في السياق نفسه تشدد المصادر لموقعنا أنّ حفظ الداتا هو من مسؤولية هيئة إدارة السير، متساءلة “هل هناك مناخ أمني مستقر في لبنان؟ هل نستطيع أن نثق بجميع موظفي ليبان بوست؟ ألسنا مخترقين في هذا الوطن؟! أليس بيننا عملاء؟!”.

– نقيب مصنعي لوحات السيارات والمركبات الآلية يستنكر تسريب “الداتا”!

في متابعة لهذا الملف، أجرى موقع “جنوبية” لقاءً مع نقيب مصنعي لوحات السيارات والمركبات الآلية الأستاذ كريم لحود، لحود الذي أكّد في مطلع كلامه أنّ” مشروع اللوحات الآمنة هو مشروع جيد ومفيد، فقد كافح التزوير وجعل من المستحيل إعادة لصق اللوحات المكسورة من دون مراجعة الجهة المعنية بالتركيب والكبس”، أوضح بالتالي أنّ “الإشكالية هي في آلية التنفيذ، إضافة إلى كثرة الرخص التي منحتها وزارة الداخلية والبلديات وكثرة المحلات التي تمارس هذا العمل”.

هذا ويؤكد النقيب لحود عند سؤاله عن الخصوصية والداتا المتعلقة بالمواطنين، أنّه هو كمصنع للوحات لا معلومات لديه أكثر مما تطلبه اللوحة، متسائلاً عند إخباره بحيثيات الاتصالات التي يتلقاها المواطنون من ليبان بوست: “أين السرية التي قام عليها هذا المشروع في ظلّ وجود الداتا مع كل هذه الأطراف؟ وعلى أي أساس حصلت شركة البريد على هذه المعلومات”. وفيما لفت لحود إلى أنّ المعلومات بذلك أصبحت برسم أي موظف في ليبان بوست. شدد في الختام أنّ “الداتا يجب أن تظل محصورة بين هيئة إدارة السير والجهة التي تعمل على تركيب اللوحة”.

– هيئة إدارة السير والآليات والمركبات تقول أنّ الداتا موجودة أساساً لدى شركة البريد.

بعدما حاول موقع “جنوبية” ولمدة 3 أيام التواصل مع السيدة هدى سلوم مديرة الهيئة، وبعدما لم يحصل الموقع على أي رد يذكر، تواصلنا في هذا الموضوع مع رئيس مصلحة تسجيل السيارات السيد أيمن عبد الغفور.

عبد الغفور الذي أكّد لموقعنا أنّه قد تبلغ بمسألة الاتصالات التي يتلقاها المواطنون من شركة ليبان بوست وتابعها على الفور لكونها استفزته، أوضح عند سؤاله عن الجهة المسؤولة عن التسريب أنّه “بمجرد أن يدفع المواطن ميكانيك السيارة لدى شركة البريد تصبح الداتا لديها”.

وفي الختام أكّد عبد الغفور لموقعنا أنّه قد تمنى من جهته على الشركة أن لا تسوّق لخدمتها عبر التواصل مع الناس والاتصال بهم لكون هذا الأمر بسبب الإزعاج للمواطن ويعد تعدَيا على خصوصيته.

– ما صحّة وجود “الداتا” لدى ليبان بوست؟!

موقع “جنوبية” وفي تقصي لمسألة وجود الداتا لدى الشركة أي “ليبان بوست” وعدم تسريبها إليها، تواصل مع الزميل محمد شبارو، الذي أكّد لنا أنّه لم يسبق له أن دفع الميكانيك لدى ليبان بوست، وأنّ المرة الوحيدة التي لجأ فيها إلى خدمة البريد لدفع الميكانيك كانت عبر “omt”.

إذاً ليبان بوست لم يكن لديها الـ “داتا” التابعة للزميل محمد شبارو لكونه لم يدفع الميكانيك في مراكزها؟ فمن أين أتت الشركة بالمعلومات المفصلة!؟

ولنسلم جدلاً أن شبارو كان قد دفع لديها، هنا لا بد من التساؤل: بأي حق تسمح شركة البريد لنفسها باستخدام “داتا” المواطنين للتسويق، فالمواطن حينما يصرح عن معلوماته لقاء خدمة محددة، هو بالتالي يضع المعلومات فقط برسم هذه الخدمة، ولا يسمح ذلك للشركة استخدام “الداتا” التابعة له للتجارة.
سؤال اخر لا بد أن يطرح: كيف علمت الشركة أنّ المواطن لم يبدل لوحته!؟ وما علاقة ذلك بمعلومات الميكانيك؟

يذكر أننا تواصلنا مع “ليبان بوست”، فكانت النتيجة مراوغة ومن ثم لا جواب.

مع العلم أنّ موقعنا قد علم أنّ بعض القانونيين يدرسون ملف تسلم ليبان بوست هذه المصلحة، فالشركة ترخيصها القانوني هو “كشركة بريد” فيما عملية كبس اللوحات تحتاج إلى ترخيص “صناعي”.

فهل انتبه المشرّع لهذا التفصيل؟

 

إقرأ أيضاً:

أزمة لوحات السيارات العمومية الجديدة لم تُحل بعد!

تجديد «نمر» أرقام السيارات: «لوحة ذكية» هذه مواصفاتها

 

السابق
ترامب: الاجتماع مع بوتين كان أفضل من الاجتماع مع قادة الناتو
التالي
قمة هلسنكي:إسرائيل مهتمة ببقاء الأسد.. فما الموقف الإيراني؟