القاضي غزال عندما يستقيل ويتحول إلى متهم دون دليل!

استقالة قاضٍ متورط في ملفات عديدة أبرزها الرشوة، هذا هو العنوان العريض الذي تصدّر الترند اللبناني مؤخراً!

في تناغم بين المعطيات التي سردتها صحيفة “الأخبار” اللبنانية، في عددها الصادر يوم الخميس الماضي 12 تموز، عن تقديم القاضي “ن. غ.” استقالته من السلك القضائي على خلفية شبهة تلقّيه رشوة في ملف حيوي، حيث طلب إليه – بحسب الجريدة- مكتب هيئة “مجلس شورى الدولة” تقديم استقالته بدلاً من طرده، وهذا ما حصل.
كشف الإعلامي سالم زهران، في التوقيت نفسه عن هوية هذا القاضي معلناً أنّه القاضي “نديم غزال”، ومتهماً اياه في حديث مع “جرس سكوب” بالفساد وتقاضي الرشوة مطالباً الجهات المعنية بالتحقيق معه.
زهران الذي أكّد أنّ القاضي قد استقال بعدما واجهه رئيس مجلس شورى الدولة القاضي هنري خوري بملفات تورط بها، أشار بالتالي إلى أنّ غزال يسكن في شقة قيمتها ملايين الدولارات تعود لأشخاص كويتيين كانوا قد رفعوا دعوى على الدولة اللبنانية، وغنمها القاضي بعد أن ربحوا الدعوى!

وفيما تساءل زهران من أين للقاضي كل هذا المبالغ الطائلة (ملايين الدولارات)، أشارت الـLBCI من جهتها في تقرير لها حول هذا الملف، إلى أنّ القاضي متهم بحصوله على رشاوى في ملفات عدة منها مناقصة الميكانيك التي ألغتها الدولة اللبنانية والأيدن باي، إضافة لتقاضيه مبالغ طائلة من الاموال من دعاوى رفعها عدد من الكويتيين على الدولة اللبنانية.
مع العلم أنّ الـLBCI قد تواصلت في تقريرها مع القاضي هنري خوري الذي رفض التعليق على هذه الاتهامات، مؤكداً أنّ غزال قد استقال بملء إرادته.

استقالة القاضي غزال والتسريبات التي طالته، أنطقت النقائض السياسية على مواقع التواصل الاجتماعي، فغرد النائب جميل السيد عبر حسابه في “تويتر” قائلاً:

“قاض بمجلس شورى الدولة تقاضى رشوة ليربح احدهم دعوى. خيروه بين الاستقالة أو الطرد، فإختار الاستقالة! الموظف العادي المرتشي يحاكم ويسجن ويطرد. والقاضي المرتشي يختار عقوبته.”

واضاف:”اتعطون القاضي المرتشي حصانة بدلا من أن تقطعوا رأسه؟ أي قضاء هذا؟ وتطلبون ثقة الناس؟.”

فيما كتب الوزير السابق بطرس حرب:
“سألاحق قضية القاضي المرتشي ،ولن أكتفي بإثارة الموضوع فقط ،لأن مصير القضاء والعدل في لبنان مرتبط بها ، إذ لم يبق للبنانيين أي أمل بدولة صورة العدالة فيها مهتزة ، كما سأحوّل ملف وضع قصور العدل ،وتخلّفها عن مواكبة التطور الرقمي ،إلى قضية وطنية لم يعد السكوت عليها مقبولاً”.

من جهتها أصدرت مفوضية العدل الحزب التقدمي الاشتركي بياناً دعا فيه إلى تطبيق القوانين والأصول المرعية الإجراء ومحاسبة القاضي، معتبرة أنّ التساهل في فضيحة من هذا الحجم من شأنه أن يشرع الرشوة..

لتقدم المفكرة القانونية على الإثر إخباراً للنيابة العامة التمييزية داعيةً إياها إلى وضع يدها على ملف القاضي المستقيل نديم غزال فيما يخض قضية الأيدن باي.
فيما صرّح مدّعي عام التمييز القاضي سمير حمود أنّه قد طلب ملف التحقيق مع القاضي نديم غزال من رئيس شورى الدولة.

 

هذه الضجة التي أثارتها استقالة غزال، دفعته إلى إصدار بيان أكّد فيه أنّه مستشار معاون لمجلس شورى الدولة وليس رئيس غرفة كما تردد، وأنّه بالتالي ليس قاضياً منفردا يصدر أحكاماً منفردة وإنما يشارك في الأحكام التي تصدر عن هيئة مؤلفة من رئيس ومستشارين.
وتابع غزال أنّه “طيلة مدة خدمته لم يتم طلب رده عن النظر في أيّ مراجعة، وطرق الطعن في الأحكام أمام مجلس شورى الدولة معروفة وهي توجه عادة ضد حكم صادر عن الهيئة وليس عن الرئيس أو المستشار. وعندما سئل عن بعض التصرفات من قبل رئيس المجلس فضل تقديم استقالته التي لن يعود عنها لأنّه قدمها بملء ارادته وليس تحت اي ضغط وقد عرض الاستقالة ليس لأنه متهماً بملف معين بل عن قناعة “.
غزال الذي أكّد أنّ أيّ مساءلة بحد ذاتها مسيئة لوضعه، أوضح ما تمّ تداوله عن شقته التي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات فأشار إلى أنّه “باع منزله السابق وأخذ مع زوجته قرض اسكان على 33 سنة منذ عام 2013 وهو لا يملك غيرها كما لا يملك اي حساب دائن”.
وفي الختام تمنى البيان الصادر عن القاضي عدم تعريضه وعائلته للإساءة المؤذية على كل الأصعدة وترك القضية لتاخذ مجراها وفقاً للأصول امام المراجع المختصة.

في السياق نفسه تواصل موقع “جنوبية” مع مصادر عائلة القاضي، والتي رأت أنّ “حملة ممنهجة تشن على نزاهة القضاء في لبنان، وعلى نزاهة القاضي نديم غزال”.
وأكّدت المصادر لموقعنا أنّ كل الاتهامات باطلة وكاذبة وأنّه سيتم دحضها بالوثائق والإثباتات.

إقرأ أيضاً: الوقاحة من الماء الى الكهرباء.. فالقضاء؟

اللافت في ملف القاضي “نديم غزال”، هو أنّ جريدة الأخبار التي فتحت الملف، عادت وتساءلت في مقال نشرته اليوم 16 تموز “ماذا يجري في أو مع مجلس شورى الدولة؟”.
وأوضحت الصحيفة في مقالها أنّ “الرئيس سعد الحريري لم يوقع مرسوم استقالة غزال بعد مضي أكثر من شهر”، مشيرة إلى أنّ ذلك “ترافق مع مناخات سياسية في أوساط مراجع في السلطة، بأن المرسوم ــــ القرار «جائر» وأن ما يحصل، هو عبارة عن عملية تطهير منظمة في مجلس شورى الدولة“.

وأضافت الصحيفة “اللافت للانتباه أن هذه المناخات ترافقت مع توزيع معلومات خاطئة، بالإضافة إلى حملة قاسية استهدفت القاضي غزال وصولاً إلى اتهامه بتقاضي رشاوى بملايين الدولارات. وقد شارك في هذه الحملة قضاة في مواقع نافذة، وسياسيون وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإلكترونية، وبعضهم محسوب على مرجعيات وقوى سياسية معينة”.

إقرأ أيضاً: نزاع على عقار في «بريقع».. وقضاء حزب الله ينسحب لصالح قضاء الدولة

في الختام، فإنّ من حق المواطن اللبناني الاطلاع على كافة ملابسات القضية من جميع جوانبها لأنّها تنال من الجسم القضائي في لبنان الذي بقي لعقود كزوجة القيصر التي يمنع خدش سمعتها، لذلك فإنّ طمس الحقائق لن يفيد بل سوف يساهم بفقد المواطن ثقته بالقضاء والعدالة.

وفي حال ثبت أنّ القاضي غزال مذنب فليحاكم كغيره من المجرمين، أمّا إذا كان القصد من دفعه للإستقالة هو تشويه سمعته وتصفية حساب ما، فإّن الدفاع عن القاضي المتهمة سمعته زورا هو وااجبٌ وطنيٌ وقضية رأي عام لفضح المفسدين.

السابق
أسرار الصحف المحلية الصادرة يوم الثلثاء في 17 تموز 2018
التالي
يعقوبيان واقتراح قانون معجّل مكرر لحلّ أزمة الاسكان