إنقلاب الموقف الإيراني تجاه الحراك العراقي سيُسهم بانتهائه

الإحتجاجات في العراق تتوسع.. خرج العراقيون للتظاهر منذ أسبوعين ولم يعودوا الى منازلهم بسبب أزمة البطالة الحادة والفساد المستشري في البلاد. فما هي أهداف من خرج؟ وكيف ستنهيه طهران؟

دخلت التظاهرات في العراق أسبوعها الثاني، في تحرك احتجاجي شهد عنفا أسفر عن قتلى وجرحى، مما يسلط الضوء على الضائقة الاجتماعية التي تعاني منها شريحة كبيرة من هذا البلد الذي أنهكته 15 عاما من النزاعات الدامية.

إقرأ أيضا: لا حرمة لرجل الدين في إيران.. اعتقال آية الله حسين الشيرازي

فبعد 6 أشهر على إعلان الحكومة العراقية هزيمتها “داعش”، بدأت المشاكل الاجتماعية تحتل سلم الأولويات. رغم ان الموارد النفطيّة للعراق تشكّل89% من ميزانيته، و99 % من الصادرات، لكنها تؤمن 1% من الوظائف. وتبلغ البطالة بين العراقيين 10.8 %. مما يجعل معدلات البطالة أعلى مرتين بين الشباب.

ففي حوار لـ”جنوبية” مع الباحث العراقي فراس محمد، حول خلفيات التحركات الشعبية، قال ردا على سؤال هل هذه التظاهرات عفوّية أم منظمة؟ ان “الدعوة للتظاهرات انطلقت من قبل ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، والسبب هو ارتفاع معدل البطالة، خاصة بين الشباب والخريجين، وقيام الشركات الأجنبية العاملة في القطاع النفطي بتعيين موظفين أجانب، وبأجور مرتفعة، واهمال توظيف العراقيين، مما حزّ في قلوب شباب محافظة البصرة الغنيّة بالنفط”.

“من هنا، انطلقت التظاهرة الاولى التي مثّلت شرارة الحراك الحالي”.

وهل من جهة تقف وراء هذه المظاهرات وتشجعها، اعتبر فراس محمد ان “التظاهرة الأولى رفعت مطلبا وحيدا وهو التعيين في الشركات النفطية بدل توظيف الأجانب، وجوبهت بإطلاق النار عليها من قبل القوى الأمنيّة، ما أدى إلى سقوط قتيل وعدد من الجرحى بين المتظاهرين”.

ويضيف “سارعت ايران والتنظيمات العراقية المقربة منها الى تأجيج الوضع وبث روح الحماس والدفع الى توسيع رقعة التظاهرات في المحافظات الشيعية عبر إصدار بيانات رسمية وتسخير اعلامهم المرئي والمسموع والمقروء للدفع نحو تصعيد الموقف، ويمكن الاطلاع على بيانات حركة “سيد الشهداء” أو“النجباء” أو تغريدة زعيم “عصائب اهل الحق” كمثال على هذا الموقف، لأن إيران ومؤيدوها داخل العراق ارادوا من خلال توسعة حجم التظاهرات تحقيق هدفان.

الاول: للتدليل على فشل حيدر العبادي في الحكم، ومن ثم إبعاد اسمه عن المشاورات الجارية حاليا لتشكيل الحكومة كمرشح للرئاسة، كونه يحظى بدعم أميركي-أوروبي-عربي.

والثاني من اجل عرقلة صادرات النفط العراقية، ليثبتوا لأميركا أن بغداد بأيديهم، وانه باستطاعتهم التلاعب بأسعار النفط العالمية في حال أرادت واشنطن خنق الاقتصاد الإيراني. وفعلا نجح المعسكر الإيراني في إيصال رسالتيه هاتين قبل أن تنقلب الأمور لغير صالحهم”.

وعن صحة خبر ان الصدريين هم من بدأ بالمظاهرات، أكد، المحلل السياسي فراس محمد، ان “السيد مقتدى الصدر تابع الحراك الأخير عن كثب، وأصدر بيانا عبّر فيه عن تأييده للمطالب الشعبية، خاصة في مجاليّ فرص العمل والخدمات، لكنه، بالوقت نفسه، طالب المتظاهرين باحترام الأجهزة الأمنيّة، وعدم الاحتكاك معها، وضرورة الحفاظ على الممتلكات العامة، كما طالب الحكومة بالالتفات الى معاناة الشعب والعمل السريع والجاد لرفع المعاناة. لكنه لم يوّجه تياره للانخراط بها”.

وعن دور الشيخ عبد المهدي الكربلائي (ممثل المرجع السيستاني) في التحركات، لفت المحلل السياسي فراس محمد الى انه “من خلال منبر الجمعة، جاء تأييد المرجعية الدينية العليا للتظاهرات وللمطالب الشعيبة التي انتقلت من المناداة بحقوق العمال في الشركات النفطية إلى رفع الصوت عاليا بسبب افتقاد الشعب أبسط مقومات العيش، وعلى رأسها الكهرباء ومياه الشرب. فدعم المرجعية هذا أعطى جرعة قوية للمتظاهرين، وساعد على انضمام أعداد جديدة لهم”.

اما مصير هذه التحركات، فمرتبط، بحسب محمد بـ”نقطة تحوّل حاسمة في ملف المظاهرات العراقية الحالية، كان بتوجه المتظاهرين إلى مقرات الأحزاب والقوى والفعاليات السياسية وحرقها وتكسيرها، وكانت الحصة الأكبر من نصيب التنظيمات المدعومة من إيران كـ(بدر، وحزب الله، والعصائب، والمجلس الاعلى) فضلاً عن حزب الدعوة الحاكم. هذا التحوّل جعل الإعلام الإيراني، وتنظيماته داخل العراق ينقلب من مؤيد ومحرّض على التظاهر الى ناقد بشدة لها، ومطالب  يايقافها.

إقرأ ايضا: مقتدى الصدر.. الرجل الأقوى بين حدود مهتزّة

وببساطة، يمكن ملاحظة سلوك وزير الداخلية العراقي المنتمي الى “منظمة بدر” قاسم الاعرجي، الذي سمح بداية بدخول المتظاهرين إلى أكثر من مرفق حكومي وتكسيره كمطار النجف الدولي، حيث اصدر تعليمات للأجهزة الأمنيّة بالتعامل بلين مع المحتجين، لكن موقفه تبّدل ليعود ويُصدر توجيهات مشددة للقيادات الأمنية بضرورة التعامل بحزم مع التظاهرات، وهو ما حصل حيث سقط عدد من القتلى والجرحى في كربلاء والسماوة والناصرية والبصرة. فالمعسكر الإيراني الان يشير إلى أيادي أميركية خفيّة تستهدف مقراتهم، وحرف بوصلة التظاهرات، لكن لا دليل على ذلك يقدمونه”.

ويختم، الباحث العراقي فراس محمد، الى أنه “بشكل عام ثمة انقلاب في توجهات المعسكر الإيراني من داعم  للحراك الى محارب له، مع موقف الحكومة المعارض اصلا لها، مما سيُسهم بانتهائه قريبا”.

السابق
سندات التمليك ليست جاهزة
التالي
بالفيديو: فنانة لبنانية تهاجم هيفاء وهبي