لبنان.. وطن في سيارة إسعاف

الحادثة التي “هزت” لبنان ( على كثرة مشاكله ) في الأيام الماضية ألا وهي حادثة قطع الطريق أمام المواطنين لدى مرور موكب رئيس الحكومة سعد الحريري والتي كان بين من أحتجزوا على الطريق بسببها سيارة إسعاف تحمل مريضا، على بشاعتها إلا أنها ليست جديدة على اللبنانيين ولن تكون الأخيرة للأسف.

لكن الجديد بالأمر هو هذا الهيجان الشعبي وخاصة على مواقع التواصل الإجتماعي حول الموضوع ما أدّى إلى بيان إعتذار من رئيس الحكومة.. هذا في الوقت الذي لا نلحظ هذا الهياج والغضب على تصرفات أضرت ولا تزال تضر بحياة البلد والناس في بلد لا نبالغ إن قلنا أنه لا يزال منذ العام 2005 ممددا في سيارة إسعاف على قارعة طريق المصالح الإقليمية والدولية عبر قطع بعض الأطراف الداخلية والخارجية الطريق على سيارة إسعاف هذا الوطن .

إقرأ ايضًا: الحريري يعتذر والسبب.. موكبه!

وهنا نسارع فنقول أن هذا الكلام ليس دفاعا عن أحد ولا تبريرا لخطأ فالبلد في حال يرثى لها ولا تسمح لأحد بتبرير ما لا يبرر .ولكن على سبيل المثال لا الحصر نسأل: من يقطع الطريق على تشكيل الحكومات مثلا منذ ما بعد إتفاق الدوحة (حتى اليوم) الذي أتى بعد أن قطع فريق لبناني الطريق وعطل البلد وأغلق مجلس النواب على مدى عامين على فريق آخر وتوَّجها بأحداث 7 أيار … من يقطع الطريق على الحلم اللبناني بدولة مدنية بعيدة عن الطائفية والمذهبية وبتداول سلمي للسلطة … من يقطع الطريق على حل أزمة الكهرباء والنفايات في البلد … من يقطع الطريق على كل مسعى جدي للنمو الإقتصادي عبر حروبه الخارجية وإستدراج العقوبات على لبنان وشعبه … من يقطع الطريق على تنشيط السياحة في البلد التي هي بترول لبنان عبر التطاول على الدول الخليجية بمناسبة وغير مناسبة … من يقطع الطريق على الشباب اللبناني ويدفعه للهجرة بحثا عن فرصة عمل … من يقطع الطريق على حق المرأة اللبنانية في إعطاء جنسيتها لولدها … ومن .. ومن .. ومن ..

هذا المواطن الذي يحتج اليوم ويثور على مواقع التواصل والذي هو نفسه يقطع الطريق على بعض مواطنيه في حياته اليومية في فوضى عارمة عبر وضع اليد على الأملاك العامة من أرصفة للمشاة مثلا وحتى الاماكن المخصصة لذوي الإحتياجات الخاصة لا تسلم من التعدي، هذا المواطن ماذا فعل عندما واتته فرصة التغيير على تواضعها في الإنتخابات الأخيرة غير أنه أعاد إنتاج نفس الطبقة المتحكمة والقابضة بقوة فسادها على زمام الأمور بالبلد.

إقرأ ايضًا: تبريرا لعجز السلطة: الرئيس عون يحمل اللبنانيين مسؤولية الفساد

كفانا تذمرا وكفانا تكاذبا … فلن يقوم للبلد قائمة ما دام كل إعتراض نقوم به يسقط عندما يصل الموسى إلى لحية زعيم الطائفة التي ننتمي إليها … البلد يوشك على الموت في سيارة الإسعاف ونحن ما زلنا نقطع الطريق عليه كل من موقعه … ولولا بعض من عناية إلهية وبعض من ” أوكسجين ” على هيئة مصالح إقليمية ودولية ترى في بلدنا ما لا نراه لكان بلدنا قد تحلل وبات في خبر كان ..

السابق
اسبوعان حاسمان.. وفرنسا تدخل على خط تأليف الحكومة
التالي
أحلام تشوّه اللغة الفرنسية بتأييدها المنتخب الأزرق