عندما ينتقد الشيخ محمد علي الحاج مسيرة أستاذه المرجع الراحل فضل الله

الشيخ محمد علي الحاج العاملي
تعّوّد الوسط الشيعي على تبجيل المقامات الدينية، التي هي تستحق كل احترام، رغم ان النقد يجري في الخفاء. فكان ان بادر، الشيخ محمد علي الحاج، الى فتح كوة في الجدار الحوزوي الديني الشيعي، وسار على نهج استاذه العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله..

 

منذ عدة أعداد، بادرت مجلة “الشراع” الاسبوعية الى نشر نص نقدي للعلامة الشيخ محمد علي الحاج يعرض فيها لتجربة المرجع الديني السيد محمد حسين فضل الله، بمناسبة مرور 8 سنوات على رحيله. وكان العلامة الحاج قد استعرض في المقال – النص الايجابيات والسلبيات في تجربة السيد.

وفي محاولة لفهم المسألة التي كان فيها من الجرأة الكثير، نظرا لقدسية المواقع الدينية الشيعية، فقال الشيخ محمد علي الحاج، مدير حوزة السجاد العلمية، ردا على سؤال من “جنوبية” عن سرّ انتقاده لمؤسسة السيد محمد حسين فضل الله في هذا الظرف، قال انه هناك “عدة أمور تلزمنا بإعادة قراءة تجربة المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله قراءة حيادية، فواقعنا الديني في غاية الخطورة، وأضحى المستوى ضحلا جدا، ما يفرض البحث عن الاسباب الحقيقية التي أدت لهذا الواقع”.

ويتابع “في تقديري أن تجربة الحركات السياسية الإسلامية، الشيعية منها والسنيّة، فاشلة بامتياز، وهي التي أوصلت لهذا الانحطاط، والسيد فضل الله كان رمزا اسلاميا حركيّا كبيرا، وله مساهمات فاعلة في أخذ الحالة الدينية الشيعية إلى معمعة السياسة، وسيّس الدين، ولم يديّن السياسة إن صح التعبير”.

كما يلفت العلامة محمد علي الحاج، بالقول “بمعنى آخر علينا أن نشخّص المرض كي نتمكن من تشخيص الحل. وليتنا نسرع في انجاز المرحلة الانتقالية الراهنة، التي نحن بصددها الآن، رغم أنها قد تطول مدتها، لكننا في خضمها. فتبلور التغييرات الاجتماعية قد يأخذ وقتا طويلا، ذلك رهن بالظروف والمعطيات، وفي موردنا نستطيع أن نقول أننا انتهينا من مرحلة معينة، وإن لم تُعلن وفاتها رسميّا، وبالوقت نفسه لا يمكننا التكهن بوقت بدء المرحلة الجديدة، بمعنى أننا في مرحلة برزخية بين مرحلتين.. مهدت لذلك لأقول اننا مطالبون بالاستعجال بمعالجة الاسباب تصويبا للواقع، ولتدارك ما يمكن تداركه”.

إقرأ ايضا: الحوزات العلمية الشيعية.. هل تمنع النساء من نيّل الاجتهاد والمرجعية؟

ويُشدد العلامة الحاج على انه “من ناحية مبدئية، أنا أقدّر السيد محمد حسين فضل الله وأجلّه، وهذا لا يتعارض مع انتقاد بعض مواقفه، او انتقاد مؤسسته التي أعطيت العديد من الفرص لتكون رائدة على مستوى شيعة لبنان. لكنها ذات أفق محدود، وذات حسابات ماليّة بحت، ولا يوجد لديها هم الحالة العامة كما كانت في عهد السيد الراحل”. ويرى انه من “المهم ان هذا الانتقاد لا يخل باحترام المرجع الراحل قدّس سره. ثم إن علينا ان نعتاد على ثقافة الاختلاف والنقد”.

وعن تحسس مؤسسة السيد فضل الله من هذا الكلام، قال العلامة الحاج “أنا أسألهم: أين أدبياتكم في ضرورة تقبل النقد، وعن أهمية التنوع، واحترام الرأي الآخر؟! هل هذه مجرد شعارات للاستهلاك من دون تجسيدها؟ وهل غاب عن علمهم أو بالهم شعارات السيد الراحل “قدس سره” (لا قدسية لرجل الدين)، وكلامه حول وجوب النقد ضمن الحالة الاسلامية! ليتهم يعيشون الأدبيات التي يطالبوا الناس بتطبيقها، ولكنهم يلقلقون بها ألسنتهم”!

إقرأ ايضا: الحوزات الدينية:هل سقطت من عليائها في مواجهة تحديات العصر!!

من جهة ثانية، اعتبر صحفي متابع، فضّل عدم الكشف عن اسمه، بالقول “لا اعلق على تجارب رجال الدين، لأن ذلك جزء من المحاذير، فأنا أعزّ المرجع السيد  محمد حسين فضل الله، وأنا مع وحدة المرجعية الشيعية، وان يكون المرجع واحدا لكل الناس، لأن تعدد المرجعيات يؤدي الى الفوضى”.

وتهربا من الاجابات المحددة التي قد تحرج، يرى  الزميل الصحفي انه “يجب ان تكون المرجعية واحدة كما هو الحال لدى الطائفة السنيّة، ولا مانع من وجود مرجع عربي اسلامي يتفق عليه كل من ايران والعراق، كما هو الحال لدى المؤسسات الدينية في العالم كالفاتيكان نموذجا، مع التأكيد على أهمية تنوع المراجع في العالمين العربي والاسلامي، شرط الا يكون ثمة خلاف سياسي بين المراجع”.

وهكذا لا يزال القلم الجريء للعلامة محمد علي الحاج صوتا صارخا في البرية..

السابق
«صليب» بلدة بشتودار: مشروع فتنة لن يمر!
التالي
بالصور: تفاصيل عملية إنقاذ «أطفال الكهف» في تايلاند