العراق: الكتل الشيعية غارقة في دوامة النزاعات والتحالفات

تنشط المشاورات الداخلية العراقية بين مختلف الكتل السياسية والحزبية وخاصة الشيعية بهدف تسمية الكتلة الاكبر لتشكيل الحكومة.

بعد ان جرى الحديث مؤخرا عن تقدم تحالف “سائرون” بزعامة رجل الدين مقتدى الصدر بعد ان حلّت كتلته الاولى في نتائج الانتخابات العراقية، يفرض امر واقع وجود القوى الخمس الشيعية الرئيسية على الساحة العراقية وهي “القانون” و”النصر” و”سائرون” و”الفتح” و”الحكمة”، ضرورة تقارب الصدر مع قياداتها للدفع باتجاه تحقيق الكتلة الاكبر او اتجاهه منفردا نحو المعارضة.

في حين تتحدث وسائل اعلامية عن خطة (4+1) المقترحة ايرانيا وتقضي بتشكيل تحالف غير معلن يتضمن الاختيار بين 3 اسماء، ثم تشكيل كتلة مع تحالفين سنيين كبيرين واخرين كرديين، ليجري بعده التصويت لاختيار رئيس الحكومة وايضا رئيس الجمهورية اضافة الى اسماء اعضاء البرلمان في ما يشبه الصفقة المتكاملة.

اقرأ أيضاً: مقتدى الصدر.. الرجل الأقوى بين حدود مهتزّة

وقد رأى مصدر قيادي في حزب الدعوة العراقي في حديث لـ”جنوبية” ان ” حزب الدعوة هو القوة المتميزة الوحيدة في الحياة السياسية العراقية نظرا لعراقته ولخبرته السياسية والادارية وطرحه الفكري، وسيأخذ موقعه الطبيعي في متابعة قيادة الدولة في المرحلة اللاحقة.

واعتبر المصدر ان “حزب الدعوة لديه خط متزن ومبدئي نسبة الى الاحزاب الاخرى، فالسيد عمار الحكيم على سبيل المثال انشق فورا وشكل تيار “الحكمة” لأنه لم يقبل وجود من يعارضه في المجلس الاعلى، أما السيد مقتدى الصدر فهو عبارة عن كتلة “عصبية” مذهبية تتسم بالفوضوية، وبالتالي لا يمكن ان يقدم للعراق حالة مؤيدة تساهم في استقراره، لذلك فهو لم يرتبط بتحالفات مع اي طرف حزبي او سياسي” مضيفا “هو لا يملك رؤية ثابتة فتراه تارة مع السياسة الايرانية وتارة اخرى يؤيد التوجه السعودي ضد ايران، ما يجعله متذبذبا في الداخل والخارج مع مناصرين يمكن وصفهم بتنظيم داخل تنظيم، او دولة داخل الدولة، وبذلك هم حالة غير صحية، ولم يتمكن الصدر من نيل ثقة الجمهور او الرأي العام العراقي وخاصة فيما يتعلق ببرنامجه ورؤيته السياسية”.

وتابع المصدر” بناء على ما تقدم يمكن القول ان حزب الدعوة هو القوة الشيعية الوحيدة على الساحة العراقية بما يملكه من مقومات ورؤى سياسية هادفة وبناءة، مع غياب القوى السنية الفاعلة سياسيا، والوجود الشكلي للأكراد” مضيفا: “العراق بلد يحتاج الى الاصلاحات وليس امام اية قوة سياسية عراقية خيارا الا التقارب مع حزب الدعوة سبيلا للسير قدما في تقدم العراق وخلاصه”.

واكد المصدر من جهة اخرى، ان “الجيش العراقي عانى من ازمة برزت في فساده واهتراء هيكليته الداخلية ، واذ تحمل المالكي المسؤولية بعد موافقته على ادخال عناصر وضباط من الجيش العراقي المنحل ومعظمهم من تكريت وضمهم الى الجيش العراقي الجديد، ما ادى الى حصول الخرق الشهير في 10 حزيران 2014 وتم احتلال الموصل. وبرأي المصدر ان المالكي دفع الثمن على خلفية العقلية التي تقوم على مبدأ المصالحة مع الطرف الاخر”.

ودعا المصدر الى “ضرورة احتكام العبادي والمالكي وغيرهما من المسؤولين في الحزب لمجلس قيادة حزب الدعوة، من خلال حوار يأخذ بعين الاعتبار آراء الاطراف كافة مع مراعاة عدم فرض الشروط المسبقة على احد” مؤكدا ” ان اجتماع كل من رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي ورئيس كتلة دولة القانون نوري المالكي اضافة الى هادي العامري رئيس كتلة الفتح، في منزل القيادي في حزب الدعوة الشيخ عبد الحليم الزهيري، الذي جرى قبل أيام، فانه تم الاتفاق فيما بينهم على وجوب عدم تفرد اي منهم بقرار دون الاخر”.

وختم المصدر في حزب الدعوة قائلا ” ايران لا تحبذ دعم ترشيح  هادي العامري لرئاسة الحكومة وهو غير مرحب به من السعودية والولايات المتحدة، اما المشكلة القائمة حاليا فهي على خط العبادي – المالكي، وهناك من يعمل داخل الطرفين على عدم توافقهما ويجب التحرك لالغاء تأثير هؤلاء، بهدف توحيد الاراء، خاصة وان العبادي يطمح الى نيل ولاية ثانية تكون قوية ولكن دون ضغط من كتلة “سائرون”.

بالمقابل فان الكاتب والمحلل السياسي حسن فحص قال في حديث لـ”جنوبية” ان ” التحالفات النهائية لم تتبلور بين الكتل العراقية الاساسية في الوسط الشيعي وهي في حالة ارباك شديدة، وقد دخلت مسألة رئاسة الوزراء في العراق في البازار السياسي والبورصة، فاليوم ترتفع اسهم رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي بناء على بعض الاجتماعات والتفاهمات وربما نشهد بروز مرشحين اخرين في الايام المقبلة” مضيفا” بعد الاجتماع الاخير الذي ضم “دولة القانون” و”الفتح” وكتلة “الحزب الديموقراطي الكردستاني” ارتفعت اسهم نوري المالكي او احد اعضاء كتلته، اذ ليس بالضرورة ان يكون اسمه شخصيا ومن الممكن ان يرشح المالكي اسما لرئاسة الوزراء، وحتى الان لم يتمكن ائتلاف النصر ودولة لقانون من التوصل الى تفاهم بينهما يجعل من حزب الدعوة الرقم الاول في المعادلة السياسية او يفرض المرشح الذي يريده”.

اقرأ أيضاً: مقتدى الصدر الرجل الاخطر في العراق

وبالنهاية، وبانتظار جلاء الفرز اليدوي الذي سوف يحسم نتائج الانتخابات النيابية التي جرت قبل شهرين، فان المراقبين يجمعون ان الأزمة في العراق هي أزمة شيعية بالدرجة الأولى، وعلى الرغم من أن حزب الدعوة المنقسم بين رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي هو بيضة القبان في الثقل السياسي العراقي وليس الشيعي فقط، فان القوى الدولية والاقليمية سيكون لها رأيها أيضا، ويستغرب مسؤول شيعي كبير في بيروت النزاع القائم حول شخص رئيس الوزراء ويستهجن موقف عدد من قيادات حزب الدعوة العراقي الذي يعارض التمديد للعبادي من اجل قيادة المرحلة المقبلة في العراق وهو الذي نجح في مواجهة “داعش” والقضاء عليه وانتصر في معركة أهم، وهي معركة توحيد العراق بعد محاولة الكرد الانفصال بموجب استفتاء نهاية العام الفائت في كردستان فانتهت الامور  بسيطرة الجيش العراقي على كل المناطق المتنازع عليها في كركوك بما فيها حقول النفط، وذلك بفضل حسن ادارة المعركة السياسية والعسكرية للحكومة الحالية، يستبعد المصدر الشيعي اللبناني مغامرة دولية بتأييد شخصية شيعية غير الدكتور حيدر العبادي، ليست مجربة ولا تتقن الدبلوماسية في ادارة الازمات ولا الحسم في ادارة المعارك، كما حدث في مرحلتين سابقتين بعهد كل من ابراهيم الجعفري ونوري المالكي، فدفع العراق ودول الجوار والدول الكبرى ثمنا باهظا بعد الانسحاب الاميركي، فانهار الجيش وسيطر الارهاب على ثلث العراق.

السابق
سورية وإيران و«صفقة القرن» في اختبار قمة هلسنكي
التالي
تحييد لبنان بين إيران وإسرائيل؟