إشكالية الحرية بين السلطة وخصومها

تطرح قضية الصحافي فداء عيتاني هذه الأيام ( وغيرها من القضايا السابقة واللاحقة على ما يبدو ) تطرح إشكالية حرية التعبير والعلاقة بين السلطة والصحافة واصحاب الرأي وناشطي مواقع التواصل الإجتماعي في هذا العهد .

وهي إشكالية قديمة قدم مفهوم السلطة والمعارضة، خاصة في بلادنا حيث لكل عهد بطانته الخاصة التي بدورها لها مصالحها وتحالفاتها وأجنداتها السياسية منها او الإقتصادية وحتى الإجتماعية المختلفة التي تجعلها تصطدم في اغلب الأحيان بأصحاب الرأي المعارضون منهم لتوجهاتها او أصحاب المصالح المضادة لمصالحها في بلد يحكم بنظام طائفي مذهبي بغيض بحيث أن أي مساس بمصلحة شخص او جهة يمكن تحويله بسهولة وكأنه ضد هذه الطائفة او تلك …

إقرأ ايضًا: جريمة الاستسلام اللبناني وفضيلة الانتفاضة

نبدأ لنقول أن حرية الرأي والتعبير حق مقدس لكل المواطنين بغض النظر عن وجهة إستعمال هذا الحق وغاياته السياسية ما دام لا يعرض الوطن والمجتمع لأي خطر ، وما دام يلتزم بالسلمية والقوانين المرعية الإجراء . هذا الحق الإنساني البديهي يتعرض اليوم للإنتهاك وللتشدد في تطبيق القوانين يصل حد التعسف وإستغلال السلطة لأدواتها في القضاء للتضييق على المعارضين خاصة إذا تعلق الأمر بالحديث عن الفساد … وهنا بيت القصيد إذ ان المفارقة أن السلطة ” تتسامح ” إزاء أي نقد سياسي من تعطيل للبلد إلى تأخر تشكيل الحكومة مثلا وللصراع على المناصب والمغانم والمحاصصة ، إلا أنها تتحسس جدا وتستنفر كل قواها ونفوذها عندما يصل الأمر للحديث عن فسادها المالي وصفقاتها الغير شفافة وما اكثرها .

هنا نصل للحديث عن أصحاب الرأي المعارض والمتصدي لهذه التصرفات عبر الحديث عن الفساد وتسمية الأمور بمسمياتها وحتى تسمية الأشخاص بأسمائهم وهم طبعا وغالبا من أقرب المقربين والمقررين لسياسة العهد . هنا الاسلوب الذي تطرح فيه القضايا غالبا ما يكون مقتلها ويكون هو الأداة التي يستعملها المتضرر من كشفه وكشف أفعاله حتى ينقض على ” خصمه ” ودائما عبر القضاء حيث يظهر بمظهر الضحية والمعتدى عليه وعلى سمعته وكرامته عبر التشهير والإفتراء .

هنا يبدو الأمر وكأن صاحب الرأي المخالف قد أعطى خصمه الورقة التي سيستعملها ويلعبها ضده خاصة مع ما يملكه هذا الخصم من سلطة يحسن إستغلالها ويؤمن لها الغطاء عبر تصوير الأمر كما ذكرنا وكأن ما يحصل هو إستهداف للطائفة أو المؤسسة الحزبية والسياسية التي ينتمي إليها .

إقرأ ايضًا: الوقاحة من الماء الى الكهرباء.. فالقضاء؟

من هنا المطلوب من أصحاب الرأي والضمير التنبه لهذه النقطة والبعد عن العصبية ولغة التحقير والشتم والإهانات الشخصية والإكتفاء بالنقد الموضوعي المدعم بالوثائق والأدلة كي يصل صاحب الحق والقضية إلى حقه والعدل الذي ينشده وحتى لا يعطي الفاسدين من هذه السلطة وما أكثرهم المبرر للإنقضاض عليه خاصة في هذه المرحلة حيث هذه السلطة في مأزق من جراء الفشل في ترجمة الكثير من شعاراتها عن التغيير والإصلاح على أرض الواقع ، والتي هي ” أي الشعارات ” السبب الرئيسي والأساس في وجودها السياسي وما وصلت إليه وتتنعم به من سلطة ومال على حساب مريديها الذين أوصلوها إلى ما هي عليه اليوم …

السابق
صحناوي: وليد بك تدخل بكل ما لا يعنيه و خرّب كل ما تعاطى فيه
التالي
جنبلاط وجعجع في بيت الوسط وعِقَد تأليف الحكومة باقية