الاقتصاد اللبناني يهتزّ تحت وطأة تعثّر تأليف الحكومة

مع بلوغ نسبة الدين العام في لبنان 152% وتراجع القطاعات الانتاجية وارتفاع الاسعار وانخفاض القدرة الشرائية، يصبح الحديث عن انهيار الاقتصاد في لبنان امرا غير مستبعد.

لا تزال عقدة تشكيل الحكومة عالقة في نفق توزيع الحصص الوزارية ولا جديد على خط  المشاورات التي حصلت امس بين رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه، ويذهب المراقبون الى الربط بين تعثر تأليف الحكومة واصرار بعض القوى السياسية على التعطيل عمدا للاستئثار بحقيبتي  المالية والاقتصاد بهدف ضرب مشروع “سيدر” باعتباره يرفع الدين العام من خلال الاستدانة والقروض، في حين ان  تأخّر تشكيل الحكومة القادرة على القيام بإصلاحات مطلوبة لتنفيذ مشروع مؤتمر “سيدر” سوف يؤدي الى تفاقم الوضع الاقتصادي.

وبالرغم من طمأنة  حاكم مصرف لبنان رياض سلامة اليوم ان الوضع النقدي مستقر ولا خطر على سعر صرف الليرة ، الا ان المؤشرات الاقتصادية تبعث على القلق بدءا من جمود قطاع العقارات الذي بدأ يتراجع منذ العام 2011.

عجاقة: كلما تأخرنا بتأليف الحكومة ازداد الوضع الاقتصادي سوءا

 الخبير الاقتصادي الدكتور جاسم عجاقة قال لـ”جنوبية” ان ” الوضع الاقتصادي حالته بالويل! ولكن يجب الفصل بين الوضع النقدي الذي ما يزال يحافظ على استقراره من خلال ايداع 69 مليار دولار يستطيع مصرف لبنان تحريكهم ، منها 45 مليار احتياط عملات اجنبية و11 مليار من الذهب و12 مليار اصول للمصارف اللبنانية في المصارف الاجنبية، لذلك كما قال سلامة (حاكم مصرف لبنان) لا احد يمكنه هز الوضع النقدي“.

 

وشرح عجاقة حجم الضرر اللاحق بمالية الدولة العامة جراء التأخّر في تأليف الحكومة، وقال ” المالية العامة تستنزف من خلال العجز والانفاق العام الكبير، وانقاذ الوضع يكون بتطبيق مسألتين، الاولى بتحفيز الاستثمارات، والثانية بوقف نزف الخزينة اي الهدر والفساد في الدولة“.

وتابع عجاقة” بالنسبة للاستثمارات لن تتوفر لدينا الا من خلال مشاريع سيدر 1 التي لا يمكن ان تنفذ الا بوجود حكومة تنفذ الاصلاحات التي اشترط تنفيذها، والمتمثلة بتخفيض العجر في الموازنة الى 5% من الناتج المحلي الاجمالي اضافة الى القيام بعدد معين من الاصلاحات ورفع الدعم التدرجي عن الكهرباء وغيرها من القطاعات“.

واكد عجاقة انه “كلما تأخرنا بتشكيل الحكومة سنكون امام مصيبة كبيرة يوما بعد يوم، لما سيترتب عليه من تراكم العجز“.

 

منير: انقاذ الوضع الاقتصادي يحتاج الى ارادة سياسية

الكاتب والمحلل السياسي جوني منير رأى استحالة امكانية تقدير الوقت لإنجاز عملية التأليف الحكومي، وقال” المدة الزمنية بالطبع ليست مفتوحة، الا انه لا يمكن تحديدها بشهر او  خمسة اشهر، ولكن من الواضح ان الباب مقفل حاليا على اي بوادر لتشكيل الحكومة“.

إقرأ أيضاً: الحكومة الجديدة إذا ولدت: الاقتصاد لنصرالله والدفاع لخامنئي؟

واعتبر منير ان “ابرز العقد تكمن في الثلث المعطل وسعي التيار العوني  ورئيس الجمهورية للفوز به” مضيفا” تأليف الحكومة يشكل ضرورة حاليا لوقف الانهيار الاقتصادي والافلاس النقدي، ربطا بالإصلاحات المطلوبة من الدولة في هذا المجال كما فرضها صندوق النقد الدولي وشدد على وجوب ان تكون فورية وكبيرة، والمقصود ان تحدث تغييرا سريعا وجذريا واصفا الوضع الاقتصادي  بالخطير جدا“.

 

وبرأي منير، فإن تلك الاصلاحات لا تتم دون ارادة الحكومة اي ان تتم بشكل جدي وفعال” مشيرا الى ان” الطبقة السياسية واعية الى الازمة الاقتصادية ولكنها لا تتمتع بحس المسؤولية خاصة وانها تدفع الامور الى التأجيل والمماطلة“.

إقرأ أيضاً: مشروع «المستقبل» لدعم الفوائد على قروض الإسكان هل يحرّك الركود الاقتصادي؟

تدهور الاقتصاد جراء طمع السلطة السياسية وتناتشها الحصص الوزارية يطغى على الهم المعيشي والاقتصادي للمواطن، في وقت يتغاضى فيه السياسيون وضع لبنان في مرمى مساءلة المجتمع الدولي وصندوق النقد الدولي.

السابق
مقارنة بين دور التحالف العربي في اليمن وممارسات التحالف الروسي – الايراني في سوريا..
التالي
إحالة عنصر الأمن الذي رفض فتح الطريق أمام سيارة الإسعاف إلى التحقيق