عبقري أم وصولي؟!!

الكلام هنا بصيغة السؤال عن الفنان زياد الرحباني الذي أثار بمقابلته الأخيرة على قناة "المنار" الكثير من الجدل والردود بين مؤيد له يرى فيه عبقريا ومعارض يرى فيه إنتهازيا وصوليا.

الواقع وبعيداً عن منطق التأييد والمعارضة، فالمقابلة حفلت بمفارقات عدة في الشكل والمضمون. في الشكل المفارقة الأولى هي أنّ قناة كقناة “المنار” لا تعير إهتماماً للفن والفنانين لدرجة أنها لاتعرض أعمال لفنانين مثل زياد وجوليا وحتى فيروز مع قرب هؤلاء الفنانين نسبياً من توجهاتها السياسية، هي من أجرت هذه المقابلة.

المفارقة الثانية أنّ مقابلة مع فنان بحجم زياد الرحباني تخلو من الحديث عن الفن، من هنا كان واضحاً أنّ الهدف من المقابلة هو سياسي بإمتياز ومحاولة لتسويق مواقف ضد أطراف أخرى وخاصة عندما يتحدث زياد عن إستهدافه من قبل السعودية في موقف مضحك مبكي.

إقرأ أيضاً: زياد الرحباني إلى القفص الذهبي والعروس إعلامية!

هذا في الشكل أما في المضمون، فقد أثارت هذه المقابلة إشكالية المثقف والسلطة وعلاقة المثقف بجمهوره وهامش الحرية التي يتمتع بها لطرح آرائه إذ أنّ المؤيدين لزياد أخذوا على منتقديه بأنّهم يصادرون حقه في أن يكون له موقفه السياسي كأي إنسان آخر. في الحقيقة أنّ لكل إنسان الحق في ان يكون له رأي سياسي بغض النظر عن موقعه ومهنته، لكنّ الأمر بالنسبة للفنان مختلف خاصة إذا كان فناناً من طراز زياد الرحباني بنى مجده ووصل إلى ما هو عليه من شعبية عن طريق المواقف التي تبناها ودافع عنها في مسرحياته وأعماله الإذاعية وليس عن طريق موسيقاه هذه المواقف التي كانت تدافع عن الفقراء والمهمشين والمظلومين في وجه السلطات الحاكمة والمتحكمة. وإذا كان من حق الفنان أن يكون له رأي سياسي وهذا طبيعي ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، هل يحق للفنان أن ينقلب على ماضيه السياسي بكل ما أعطاه هذا الماضي من شهرة ومجد معنوي هو الأساس حتى اليوم في إطلالاته الإعلامية ومعرفة الناس به وتعلق البعض بشخصيته وإعتباره “عبقرياً”؟ وإذا كان هذا من حقه بإعتبار هذا شيء طبيعي بعد التجارب الحياتية التي يمر بها الإنسان، أليس من المفروض أن يمر هذا الفنان بتجربة نقدية ذاتية ومراجعة لمواقفه السابقة حتى يكون منسجماً مع نفسه كي لا يوصم كما زياد اليوم بالوصولية على طريقة السياسيين الذين يتخذون مواقف شعبوية توصلهم إلى غاياتهم ومن ثم ينقلبوا عليها وعلى الناس التي أوصلتهم؟

إقرأ أيضاً: هرطقات زياد الرحباني

أسئلة ستبقى دائما مطروحة على المثقف العربي ما دامت إشكالية العلاقة بينه وبين السلطة لم تجد لها حلا وطريقة تحفظ لكل جانب حقوقه وتحدد له واجباته تجاه الوطن والناس …

السابق
المعركة في درعا والمساومة في الجولان!
التالي
نائب رئيس البرلمان الإيراني يتوعد أمريكا: سنغلق مضيق هرمز!