تأجيل وتأخير التشكيل الحكومي في لبنان..إنعدام رؤية وطنية وإحلال المذاهب..‬

إنّ الأبحاث في الشأن اللبناني الداخلي لا يخلو من "لوثة" إو وصفة يتفق اللبنانيون بأكثريتهم علي الإتهام المتبادل "الكل للكل" في تجاذب عميق ومستمر.

إذا أردنا أن نحدد الأثار الطائفية ومدلولاتها ومقدراتها في التحكم بأي قرار أو وثيقة من اجل ترسيم السياسة اللبنانية الداخلية ومن بعدها الخارجية، لسوف ترتطم كلها في جدار “مصون” ومعروف للأحجام في تركيبة لبنان الطائفية، وتأثيرها في مجريات التشكيل للفرمانات أو للحقائب الحكومية أو الإرساليات والبعثات الرومانية الكنسية حسب التركيبة للمذاهب الكبرى، موارنة، سُنة، دروز، شيعة، روم ارثوذكس، سريان، ارمن، وهناك الكثير من الطوائف التي تُعتبرُ لها ادوار مُغيَّبة نتيجة حجمها المتواضع؟

وذلك صار عرفاً او نظرةً متساوية أُتفق على تسميتها منذُ حرب “1860”بين القطبين الكبيرين أنذاك “الموارنة، والدروز” وكان طانيوس شاهين من رواد وقادة تلك المرحلة التي أرخت بظلالها على مجريات الأمور وحينها طغت الطائفية ومقدرتها على الثورة وعلى حقوق الفلاحين.
وليس هناك مجالاً في تقديم نقد أوسع للموضوع؟
لكن اليوم في غداة الخروج من أجواء الإنتخابات اللبنانية الطويلة السيرة، في تشعباتها ونتائجها وتزويرها وإحتكارها وتضليل الشعب اللبناني كافة وبدون تمييز، والدلالة والإثبات هو المصير المجهول إلى “الوعود” الواهية من الجميع بدءاً من قِبل رئيس الجمهورية مروراً برئيس مجلس الوزراء وهبوطاً الى رئيس مجلس النواب أي تلك التركيبة التي تُشكلُ هرماً رسمياً للجمهورية “العاجزة”.
في أبشع صورها لدى المواطن اللبناني الذي صدق ويُصدق وقد يُصدِّق. لاحقاً الأكاذيب والتهويل للمشاريع التي يبنيها عادةً الممثلون للشعب، في الخطب العصماء والشحن المذهبي والطائفي على كل مساحة ومسافة ما وصلت إليها تلك القوى التي ليس لديها أيّ محظورات في خطاباتها أثناء طرح المشاريع من أجل الوصول والحصول على “الصوت الإنتخابي”  كلنا سمعنا ورأينا وربما شاركنا في العملية الإنتقالية ووافقنا على التقاسم للوصول إلى تقبل النتائج مهما كانت “مظللة” وهي فعلاً كذلك،
هي التي قررت ان تكون تلك النتائج في تقديمها إيجابياً للشعب اللبناني الذي يُعاني “الأمرين”
من التهميش والنسيان للمصالح الأساسية في التعليم والتربية والكهرباء والمياه والتأمين والضمان الصحي والأجتماعي وكل أشكال ضمان حياة الناس في مطلع “الألفية الثالثة”، التي من المفترض أن نكون قد تجاوزناها في بلد متقدم وعلماني، وديموقراطي، ومحسوب ومُتهم أو بصورةً أوضح نحنُ وحدنا مِّن نعتز ونقول ونقدّم للعالم بأنّنا شعب عريق لَهُ اثار إغريقية ،كنعانية، وفينيقية، وحضارات يهودية، ومسيحية، وإسلامية، وكلها تعيش تحت سقف واحد لا يشوبها اي “تشويه ” في التعايش المشترك.

إقرأ أيضاً: «معايير» نصرالله تزيد من الضغوطات على الحريري في تأليف الحكومة

ذلك يجرّنا إلى حديث وجدال عقيم وعميق ويرى كل واحدُ أو كل جانب من الطوائف الكبرى لها الدور الأساسي في “قظم” الأكثرية للمقاعد الحكومية المهمة أو الفعالة “وإلا سوف يضعون العصىّ في العجلات لإعاقة سير “الحكومة العتيدة”
حتى صار النزف الجارى  الدائم والمعيب المتداخل في عملية التشكيل الحكومي الذي وُعِدّ بهِ ومن خلال النتائج الإنتخابية لما بعد السادس من أيار “2018” ، في تحديد الخطط والنشاط والعودة إلى احياء المؤسسات الشرعية والمواثيق الدستورية المنبثقة عن ترسيم المسؤوليات في الحكومة الجديدة على مبدأ “وطني”، بمعنى أصح تغييب كل ما هو محسوب او منسوب على طائفة ما او مذهب ما او حتى “حزب ما”؟ حزب الله، حركة امل، القوات اللبنانية، التيار الوطني الحر، تيار المستقبل، الحزب التقدمي الأشتراكي، حزب الكتائب اللبنانية، الحزب السوري القومي الإجتماعي، حزب البعث، التنظيم الشعبي الناصري، والمردة، وأحزاب ليس لها دور على الإطلاق “الحزب الشيوعي اللبناني”.
إنّ إنعدام الرؤية والغلبة المذهبية والطائفية السياسية المهترئة هي التي “تحول” دون التشكيل الحكومي المرتقب وإنطلاقة “بوسطة” الجمهورية اللبنانية التي يجب أن يكون لها سائقاً واحداً أو باللهجة اللبنانية “شوفير مكحكح” لكي يكون على قدر القوة من تأمين مستلزمات البوسطة أو حتى “المزرعة” التي ينتشر حولها ذئاب وأبناء أوى يُشكلون خطراً على الشعب اللبناني الذي منحهم مرتبة الشرف في تمثيله داخل الندوة البرلمانية “مجلس النواب”.
فقط الثقافة التي تبرزها كل القوى اللبنانية والتشكيلة والإصطفافات المذهبية البشعة هي وحدها لها تأثير على المرجعيات مؤخراً في تقديم الأسماء المطروحة لكي تتشكل منها الحكومة القادمة من رحمها؟
تفاهم كنيسة مار مخائيل بين حزب الله والتيار العوني البرتقالي.
إتفاق معراب الممزوج بالغطرسة نحو الهيمنة على حكم الشارع المسيحي بين القوات اللبنانية ورئيس التيار ووزير الخارجية وصهر رئيس الجمهورية جبران باسيل.
وإعادة إحياء 14 آذار وتيار المستقبل المتراجع إنتخابياً يحاول الإستفادة من إستغلال العلاقة مع الداخل اللبناني في إعادة أواصر الصداقة مع تيارات سنية فازت مؤخراً في الإنتخابات ونافستهُ على قيادة الشارع البيروتي أو السني بشكل عام.
هناك الثنائي الشيعي والأخطر “حزب الله – حركة أمل” والذي يُعتبُر الرافعة التي تقفُ في وجه كل من يتجاوز أو يتعدى حدود سلاح المقاومة المزعوم والذي يُشكلُ “الفزاعة” داخل الجمهورية اللبنانية العجوز.
كذلك الدور الذي يلعبهُ وليد جنبلاط في إمكانية تحييد اللعب مع الكبار حفاظاً على الدروز ودورهم التاريخي.

إقرأ أيضاً: الأزمة المسيحية بين التيار والقوات تعطل تأليف الحكومة

كذلك نجد التغييب العلني لأدوار الأحزاب الوطنية في إحلال الماكينات المذهبية الطائفية البغيضة التي تتقاسم الحصص في حال إعادة إحياء التأليف الحكومي الذي لن يكون إلا نسخةً عن حال هذا البلد الذي يغوص في الفساد ومع ذلك تنهمر وتتدفق عليه الإملاءات من كل حدب وصوب.

السابق
جنبلاط يتساءل: اين هي الخطوات الاصلاحية الجدية لتخفيف العجز
التالي
بري: الوضع يدعو للإشمئزاز